معاوية عن ذلك مراراً ، لا لجهل منه بمعرفته الإمام عليه السلام ، ولكن من خبثه ودهائه ، يحاول زلزلة ابن عباس عن ولائه بعد توليّه الأمر واغداقه بعطائه ، لكن ابن عباس هو ابن عباس الذي كان في حبّه لإمامه عند حسن ظن أبيه العباس به من قبل ، حيث قال عنه في وصيته للإمام :
( أوصيت عبد الله بطاعتك ، وبعثته على متابعتك ، وأوجرته محبتك ووجدت عنده من ذلك ظنّي به لك ) (١).
١ ـ قال الزمخشري في ( ربيع الأبرار ) : ( كان ابن عباس يقول في عليّ ابن أبي طالب : كان والله يشبه القمر الباهر ، والأسد الخادر ، والفرات الزاخر ، والربيع الباكر ، فأشبه من القمر ضوءه وبهاءه ، ومن الأسد شجاعته ومضاءه ، ومن الفرات جوده وسخاءه ، ومن الربيع خصبه ورخاءه ) (٢).
٢ ـ وروى البيهقي في ( المحاسن والمساويء ) ، قال :
( سأل معاوية يوماً ابن عباس ، فقال له : صف لي عليّاً؟
فقال : كأنّك لم تره؟
قال : بلى ولكن أحبّ أن أسمع منك فيه مقالاً.
فقال : كان أمير المؤمنين عليه السلام غزير الدمعة ، طويل الفكرة ، يعجبه من اللباس ما قصر ، ومن الطعام ما خشن ، يدنينا إذا أتيناه ، ويجيبنا إذا دعوناه ،
____________________
(١) أنظر موسوعة عبد الله بن عباس / الحلقة الأولى / ج١ في ( وصية العباس عند موته ) ، والحلقة الثانية من الموسوعة ج١ في ( مواقف محنة واختبار ).
(٢) ربيع الأبرار ٤ / ١٦١ ط أوقاف بغداد.