شمس في حروب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فتأكد الشنآن ، وإذا أستوحش الإنسان من صاحبه أستوحش صاحبه منه.
ثمّ مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فصبا إلى عليّ جماعة يسيرة لم يكن عثمان منهم ، ولا حضر في دار فاطمة مع مَن حضر من المتخلّفين عن البيعة ، وكانت في نفس عليّ عليه السلام أمور من الخلافة لم يمكنه إظهارها في أيام أبي بكر وعمر لقوّة عمر وشدّته ، وانبساط يده ولسانه.
فلمّا قتل عمر وجعل الأمر شورى بين الستة ، وعدل بها عبد الرحمن عن عليّ إلى عثمان ، لم يملك عليّ نفسه فأظهر ما كان كامناً ، وأبدى ما كان مستوراً ، ولم يزل الأمر يتزايد بينهما حتى شرف وتفاقم.
ومع ذلك فلم يكن عليّ عليه السلام لينكر من أمره إلاّ منكراً ، ولا ينهاه إلاّ عما تقتضي الشريعة نهيه عنه.
وكان عثمان مستضعفاً في نفسه ، رخواً ، قليل الحزم ، واهي العقدة ، وسلّم عنانه إلى مروان يصرّفه كيف شاء ، فالخلافة له في المعنى ولعثمان في الإسم ، فلمّا انتقض على عثمان أمره استصرخ عليّاً ولاذ به ، وألقى زمام أمره إليه ، فدافع عنه حيث لا ينفع الدفاع ، وذبّ عنه حين لا يغني الذبّ ، فقد كان الأمر فسد فساداً لا يرجى صلاحه ) (١).
ومع هذه العداوة المتأصلة في جذورها كيف يبرئ معاوية وبنو أُمية الإمام عليه السلام وبني هاشم ، مع أنّهم وأعوانهم كانوا يشهدون ببراءته وبراءتهم ،
____________________
(١) أنظر شرح النهج لابن أبي الحديد ٢ / ٤٠١ ط مصر الأولى.