ونحن لحمه ودمه ومنه وإليه ، وإنّما أنتِ حشية من تسع حشايا خلّفها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لستِ بأرشحهنّ عَرَقاً ، ولا بأنظرهنّ ورقاً ، ولا بأمدهنّ ظلاً ، فصرتِ تأمرين وتنهين فتطاعين ، وتدعين فتجابين ، فما شكرتِ نعمانا عليك ولا كنت إلاّ كما قال أخو بني فهر :
مننت على قومي فأبدوا عداوة |
|
فقلت لهم كفّوا العداوة والنكرا |
ففيه الرضا من مثله لصديقه |
|
وأحجى بكم أن تجمعوا البغي والكفرا |
ثمّ نهضت فأتيت أمير المؤمنين عليه السلام ـ وكان إذا بعث رجلاً لم يزل مقعداً له حتى يأتيه ـ فأخبرته بما كان بيني وبينها من الكلام.
فقال : أنا كنت أعلم بها منك حيث بعثتك إليها. يا حسن هلمّ فاذهب إلى عائشة فقل لها : قال لك أمير المؤمنين : والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لئن لم ترتحلي الساعة لأبعثنّ إليك بما تعلمين.
فلمّا أتاها الحسن دخل عليها بغير إذن فأخبرها بمقالة أمير المؤمنين ، فقالت : رحّلوني.
فقالت لها امرأة من المهالبة : يا أم المؤمنين أتاكِ ابن عباس شيخ بني هاشم فسمعناك تحاوريه حتى علا صوتكِ ، فخرج من عندك مغضباً ، فأتاك غلام فأقلقكِ؟
فقالت : إنّه والله ابن رسول الله ، فمن أراد أن ينظر إلى مقلتي رسول الله فلينظر إلى هذا الغلام ، وقد بعث أبوه إليّ بما علّّمنيه.