ظهرانيهم ، وشاع خبر إخراج ابن الزبير له عن مكة فعظم ذلك على المسلمين ، وورد إليه كتاب تسلية من محمّد بن الحنفية ـ الّذي كان برضوى فيما أخال ، وربّما كان بعدُ في طريقه إياباً أو ذهاباً إلى الشام ـ جاء فيه :
أمّا بعد فقد بلغني أنّ ابن الكاهلية ـ ابن الجاهلية ـ سيّرك إلى الطائف ، فرفع الله ( عزّ وجلّ ) اسمه بذلك لك ذكراً ، وأعظم لك أجراً ، وحطّ به عنك وزرا ، يا بن عم إنما يبتلى الصالحون ، وإنما تهدى الكرامة للأبرار ، ولو لم تؤجر إلاّ فيما نحب وتحب إذاً قلّ الأجر ، فاصبر فان الله تعالى قد وعد الصابرين قال الله ( عزّ وجلّ ) : ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) (١) وهذا ما لست أشك أنّه خير لك عند بارئك ، وعظم الله لك الصبر على البلوى والشكر في النعماء انّه على كلّ شيء قدير ).
فكتب إليه ابن عباس مجيباً عن ذلك :
( أمّا بعد فقد أتاني كتابك تعزّيني فيه على تسييري ، وتسأل ربّك جلّ اسمه ان يرفع لي به ذكراً ، وهو تعالى قادر على تضعيف الأجر ، والعائدة بالفضل ، والزيادة من الإحسان ، ما أحب أنّ الّذي ركب مني ابن الزبير كان ركبه مني أعدى خلق الله لي ، احتساباً ، وذلك في حسناتي ولما أرجو أن أنال به رضوان ربّي ، يا أخي الدنيا قد ولّت وإن الآخرة قد أظلّت ، فاعمل صالحاً تجز صالحاً ، جعلنا الله وإياك ممّن يخافه بالغيب ، ويعمل لرضوانه في السرّ والعلانية ، إنّه على كلّ شيء قدير ) (٢).
____________________
(١) البقرة / ٢١٦.
(٢) لقد روى الكتاب والجواب الشيخ المفيد في أماليه / ١٨٦ ط الحيدرية سنة ١٣٦٧ وعنه رواه الشيخ الطوسي في أماليه أيضاً ١ / ١١٩ ـ ١٢٠ وبين الكتابين تفاوت لفظي يسير ليس بشيء إلاّ أن الحسن بن شعبة الحراني ـ من القرن الرابع الهجري ـ روى في كتابه تحف العقول / ٥٨ ط حجرية سنة ١٢٩٩ ص٢٥٠ طبعة كتابفروشي إسلامية هذا الكتاب بزيادة