عند سلطان جائر ،
وإن لم ينفعه ذلك إذ لم يغيّر شيئاً من طبع ابن الزبير ، لأنّه لا يرعوي لنصح ،
وأنّى له أن يقبل كلمة النصيحة وهو قد اشتمل في مكنونه على حقد دفين يغلي مرجله في
صدره باعترافه منذ أربعين سنة ، لذلك نصب العداوة لأهل البيت ، وقد اعترف هو بذلك
مصحراً أمام حاضريه حين دخل عليه ابن عباس فقال بكلّ وقاحة وصلف : ( إنّي لأكتم
بغضكم منذ أربعين سنة ).
روى المسعودي في مروج الذهب فقال : «
وذكر سعيد بن جبير أنّ عبد الله ابن عباس دخل على ابن الزبير فقال له ابن الزبير :
أنت الّذي تؤنّبني وتبخلني؟
قال ابن عباس : نعم ، سمعت رسول الله
صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم يقول : ليس المسلم الّذي يشبع ويجوع جاره.
فقال ابن الزبير : إنّي لأكتم بغضكم أهل
هذا البيت منذ أربعين سنة ، وجرى بينهما خطب طويل ، فخرج ابن عباس من مكة خوفاً
على نفسه ، فنزل الطائف فتوفى هنالك ».
ثمّ قال المسعودي : « ذكر هذا الخبر عمر
بن شَبّة النميري عن سويد بن سعيد يرفعه إلى سعيد بن جبير ، فيما حدّثنا به
المهراني بمصر ، والكلابي بالبصرة وغيرهما عن عمر بن شبّة » .
أقول : ليت المسعودي ذكر لنا تمام ما
جرى بينهما من الخطب الطويل ( ليت وهل تنفع شيئاً ليت؟ ).
وهذا الخبر رواه الجاحظ في رسالة الحاسد
والمحسود فقال : « حُدثنا عن عليّ بن مسهر عن الأعمش عن طلح بن حباب عن سعيد بن
جبير أنّه قال : قدت ابن عباس حتى أدخلته على ابن الزبير فقال له ابن الزبير : أنت
الّذي تؤنّبني؟ قال :
____________________