وقد ودّع معاوية الحياة بسماعه شتم الإمام (١).
ثمّ إنّهم سبّوا عليّ بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) وقالوا فيه القبيح ... وقال مروان لعليّ بن الحسين : « ما كان في القوم ادفع عن صاحبنا من صاحبكم ـ يعني عليّاً ـ عن عثمان ، قال عليّ : فما بالكم تسبّونه على المنابر؟ قال : لا يستقيم الأمر إلاّ بذلك » (٢).
ومع هذا كلّه وغيره ، أنكر الاستاذ الأزهري شعوّط بجرة من القلم وبوقاحة فقال : « لم يصح أبداً عن معاوية ( رضي الله عنه ) انّه سبّ عليّاً كرّم الله وجهه أو لعنه مرة واحدة فضلاً عن التشهير به على المنابر ». ولم يقف عند هذا الحد ، بل جاوز الحزام الطبيين فانتهى إلى جعل عنوان بارز ( الصحيفة البيضاء لمعاوية بن أبي سفيان ) فقال : « بمعايير العدل ومقاييس الإنصاف يعرض علينا جملة من الرواة ومجموعة من رواد الحقّ مكانة معاوية وصورته الحقيقية الّتي ينبغي أن يعرفه الناس بها ، وينزعوا من عواطفهم كلّ رواسب البغض والضغينة الّتي خلّفتها ـ في أعماق نفوسهم ـ الروايات المغرضة ووشايات السوء الحاقدة » (٣).
ثمّ ساق ثمانية شواهد لاثبات زعمه كان سادسها شهادة ابن عباس لمعاوية يرويها الطبري وابن كثير هكذا : « ما رأيت أحداً أخلق للملك من معاوية ، إن كان يرد الناس منه على أرجاء واد رحب » (٤).
وحيث أورد ذكر ابن عباس شاهداً فعلينا أن نحقق ما رواه لتعريف القارئ بأمانته في النقل فنقول :
____________________
(١) راجع ابن أعثم ٤ / ٢٥٤ في خبر موته وأخذ البيعة لابنه يزيد ودخول سبعين رجلاً من صناديد قريش وأهل الشام.
(٢) رواه الذهبي في تاريخ الإسلام ٢ / ١٢٩ ط القدسي وقال رواه ابن أبي خيثمة باسناد قوي.
(٣) أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ / ٢١٤.
(٤) تاريخ الطبري ٥ / ٣٣٧ ، والبداية والنهاية ٨ / ١٣٥.