جماعة ، بل كان عام فُرقة وقهر وجبرية وغلبة ، والعام الّذي تحوّلت فيه الإمامة ملكاً كسروياً ، والخلافة منصباً قيصرياً ، ولم يعدُ ذلك أجمع الضلال والفسق.
ثمّ ما زالت معاصيه من جنس ما حكينا وعلى منازل ما رتّبنا ، حتى ردّ قضيّة رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) رداً مكشوفاً وجحد حكمه جحداً ظاهر ، في ولد الفراش وما يجب للعاهر ، مع إجماع الأمة أنّ سميّة لم تكن لأبي سفيان فراشاً وإنّه إنّما كان بها عاهراً ، فخرج بذلك من حكم الفجار إلى حكم الكفار.
وليس قتل حجر بن عدي ، وإطعام عمرو بن العاص خراج مصر ، وبيعة يزيد الخليع ، والاستئثار بالفيء ، واختيار الولاة على الهوى ، وتعطيل الحدود بالشفاعة والقرابة ، من جنس جحد الأحكام المنصوصة والشرائع المشهورة ، والسنن المنصوبة ، وسواء في باب ما يستحق الكفار جحد الكتاب وردّ السنّة إذا كانت السنّة في شهرة الكتاب وظهوره ، إلاّ انّ أحدهما أعظم ، وعقاب الآخرة عليها أشدّ.
فهذه أوّل كفرة كانت من الأمة ، ثمّ لم تكن إلاّ فيمن يدّعي إمامتها والخلافة عليها ، على أنّ كثيراً من أهل ذلك العصر قد كفروا بترك إكفاره ، وقد أربت عليهم نابتة عصرنا ، ومبتدعة دهرنا ، فقال : لا تسبّوه فإنّ له صحبة ، وسبّ معاوية بدعة ، ومن يبغضه فقد خالف السنّة فزعمت أنّ من السنّة ترك البراءة وجحد السنّة » (١).
٢ ـ قال ابن حجر المكي الهيتمي في صواعقه في حديثه عن الإمام الحسن ( عليه السلام ) : « هو آخر الخلفاء الراشدين بنص جدّه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، ولي الخلافة بعد قتل أبيه بمبايعة أهل الكوفة ، فأقام بها ستة أشهر وأياماً خليفة حقّ ، وإمام عدل
____________________
(١) رسائل الجاحظ / ٢٩٢ فما بعدها الرسالة الحادية عشرة جمع ونشر حسن السندوبي ط الأولى بمط الرحمانية سنة ١٣٥٢ هـ.