فقام عبد الله بن العباس (رحمه الله) بين يديه فقال : معاشر الناس هذا ابن بنت نبيكم ووصيّ إمامكم فبايعوه. فاستجاب له الناس وقالوا : ما أحبّه إلينا وأوجب حقه علينا ، وبادروا إلى البيعة له بالخلافة. ثمّ نزل عن المنبر وذلك في يوم الجمعة الواحد والعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة ، فرتّب العمّال ، وأمّر الأمراء ، وأنفذ عبد الله بن العباس إلى البصرة » (١).
وقبل الإسترسال في بقية الحديث لابدّ لنا من وقفة تصحيح وتوضيح تفرضها طبيعة البحث والتحقيق في المقام. الأمر الّذي فات بعض الباحثين من المحدثين فلم يتبيّنه ، فجرى مع بعض المصادر من دون أن ينعم النظر في المفارقات الّتي تضمّها تلك المصادر.
وبيان ذلك : إنّه يوجد فيها استبدال الأدوار في مواقف الأخوين عبد الله وعبيد الله ابني العباس بن عبد المطلب ، نتيجة لتشابه الاسمين خطاً ، ممّا أوقع في الوهم خطأ أولئك المحدثين من الباحثين ، ولم يكن ذلك من الرواة بل هو من النسّاخ. وجرى الباحث على ذلك فنسب ما هو لعبد الله إلى أخيه عبيد الله ، وبالعكس أيضاً ، وزاد الأمر إبهاماً أنّهما معاً كانا بالكوفة يومئذ ، ولكلٍ منهما ذكر في خلافة الإمام الحسن (عليه السلام) وله دور فاعل ، فوقع الإلتباس في :
١ ـ مَن هو من ابني عباس الّذي خرج إلى الناس أوّلاً قبل خروج الإمام الحسن (عليه السلام)؟
____________
(١) الإرشاد / ١٨٨ ط الحيدرية.