في عدوانه بدءاً من ذلك اليوم وحتى ساعة التحكيم ، كان هو الظالم في جميع مواقفه ، فكيف يحقّ للظالم الدعاء على المظلوم ، وقد مرّت بنا رواية عائشة الّتي فيها لعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ستة أصناف ، فكان منهم معاوية لدخوله في زمرة تلك الأصناف فإن لم يكن مع كلّهم فلا شكّ في دخوله تحت عناوين الخمسة الأخيرة : (المتسلّط بالجبروت ليعزّ من أذله الله ويذل من أعزه الله ، والمستحل لحُرم الله ، والمستحل من عترتي ما حرّم الله ، والتارك لسنتي ، والمستأثر بالفيء).
فبعد هذا هل يحق لمن لعنه الله ولعنه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يردّ اللعن على نفس رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو عليّ بنص آية المباهلة وأنفسنا؟!
وبدعة السبّ الّتي استحدثها معاوية ، أثارت مشاعر المسلمين ، وازداد عتواً حين خلا له الجوّ ، فقد أمر ولاته على الأمصار أن يعلنوا بسب الإمام على منابر المسلمين تحدياً وتمادياً.
وما أكثر الشواهد على ذلك ، سيأتي بعضها في صفحات احتجاج ابن عباس على معاوية لعنه الله.
وحسبنا في المقام ما رواه الديلمي في الفردوس (١) ، والهيثمي في مجمع الزوائد (٢) وقال : « رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير أبي عبد الله الجدلي وهو ثقة : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : (من سبّ عليّاً فقد سبني ومن سبني فقد سبّ الله ، ومن سبّ الله أدخله الله نار جهنم وله عذاب عظيم) ».
____________
(١) الفردوس ٤ / ١٨٩.
(٢) مجمع الزوائد ٩ / ١٣٠.