ثمّ دعا الفضل بن العباس ، فقال له يا ابن أم (١) أجب (عني) عمراً (على شعره هذا).
فقال الفضل :
يا عمرو حسبك من خدع ووسواس |
|
فاذهب فليس لداء الجهل من آسي (٢) |
إلاّ تواتر طعن في نحوركم |
|
يشجي النفوس ويشفي نخوة الرأس |
(بالسمهريّ وضرب في شواربكم |
|
يردي الكماة ويذري قبة الرأس) |
هذا الدواء الّذي يشفي جماعتكم |
|
حتى تطيعوا عليّاً وابن عباس |
أمّا عليّ فإنّ اللّه فضّله |
|
بفضل ذي شرف عالٍ على الناس |
إن تعقلوا الحرب نعقلها مخيّسة |
|
أو تبعثوها فإنا غير أنكاس (٣) |
قد كان منّا ومنكم في عجاجتها |
|
مالا يردّ وكلٌّ عرضة البأس (٤) |
____________
(١) في قول ابن عباس يا ابن أم ـ على تقدير صحة النسخة ـ نحو تجوّز له ما يبرّره في الاستعمال والمخاطبات بين الناس لشدّ العزيمة وطلب المعونة. والا فمن المعلوم الثابت ان أخاه الفضل بن العباس بن عبد المطلب قد مات في طاعون عمواس سنة ١٧ ـ أو ١٨ ـ بالشام. وانما المخاطب في المقام هو الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب ، وهو ابن اخت عبد الله بن عباس ، فان أمه آمنة بنت العباس ، ويقال لها : أمينة ـ قال البلاذري : كانت عند العباس بن عتبة بن أبي لهب فولدت له الفضل الشاعر. ولما كان الاشتراك في الاسم واسم الأب بين الشاعر اللهبي وبين خاله ، فظن من لا خبرة له أن الشاعر هو الفضل بن عباس بن عبد المطلب ، غافلاً عن تقدم وفاته ومن تفطن إلى ذلك فقد احتمل تصحيف الندبة (يا بن ام) عن (يا بن عم) باعتبار الشاعر من ذرية أبي لهب وهو من أعمام عبد الله بن عباس ، لكن الصواب في نظري (يا بن اختي) لأنّه هو ابن اخته كما تقدم.
(٢) في الفتوح (فاذهب فما لك في ترك الهدى آسي).
(٣) المخَيّسة من الإبل : ـ بالفتح ـ الّتي لم تسرح ولكنها حُبست للنحر أو للقسم فشبه الحرب بالابل في اعتقالها ، وأنكاس جمع نِكس وهو المقصّر عن غاية الكرم.
(٤) في الفتوح (من لا يفرّ وليس الليث كالجاسي كالخاسي).