الشيعة وتدوين الحديث :
واما الشيعة فانها ترى بان الرسول الاعظم ـ الذي حطم غرور مناوئيه ودحر أعداءه الذين ركب الطيش رؤوسهم وتسربلوا سراويل الهمجية ـ يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ، ويدعوهم للتحلّي بالصفات الحميدة والسجايا الرشيدة ، لم يكن ـ وهو رحمة الله للعالمين ـ تاركا امته تسير سيرا عشوائيا من دون ان يعين لها رباناً يهديهم دار السعادة ويبين لهم الاحكام والفرائض .
فأودع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عليا ( عليه السلام ) نواميس الإِسلام وأحكامه ، وسننه وفروضه وما يحتاجه الناس في معاشهم ومعادهم ، فدون ( عليه السلام ) ـ ممّا دون ـ بخطّ يده ، في حياة الرسول ، مما أملى عليه ، كتاب الاحكام والسنن ، فيه كل حلال وحرام حتى أرش الخدش ، وهو المسمّى بالصحيفة الجامعة (١) .
وأخرج الحمويني ـ كما في ينابيع المودة ـ بسنده عن الباقر عن أبيه عن جده أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا علي اكتب ما املي عليك ، قلت : يا رسول الله أتخاف عليّ النسيان ؟ قال : لا ، وقد دعوت الله عز وجلّ أن يجعلك حافظا ، ولكن اكتب لشركائك الائمة من ولدك بهم تسقى امتي الغيث وبهم يستجاب دعاؤهم وبهم يصرف الله عن الناس البلاء ، وبهم تنزل الرحمة من السماء ، وهذا اولهم وأشار الى الحسن
__________________________
(١) ارشاد المفيد ص ٢٩٢ واعلام الورى ص ١٦٦ .