أَلَاتَرَوْنَ أَنَّ اللهَ ـ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ـ اخْتَبَرَ الْأَوَّلِينَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى الْآخِرِينَ (١) مِنْ هذَا الْعَالَمِ بِأَحْجَارٍ مَا تَضُرُّ (٢) وَلَاتَنْفَعُ ، وَلَا تُبْصِرُ وَلَاتَسْمَعُ ، فَجَعَلَهَا بَيْتَهُ الْحَرَامَ الَّذِي جَعَلَهُ لِلنَّاسِ قِيَاماً ، ثُمَّ جَعَلَهُ (٣) بِأَوْعَرِ (٤) بِقَاعِ الْأَرْضِ حَجَراً ، وَأَقَلِّ نَتَائِقِ (٥) الدُّنْيَا مَدَراً (٦) ، وَأَضْيَقِ بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ (٧) مَعَاشاً ، وَأَغْلَظِ مَحَالِّ الْمُسْلِمِينَ مِيَاهاً (٨) ، بَيْنَ جِبَالٍ خَشِنَةٍ ، وَرِمَالٍ دَمِثَةٍ (٩) ، وَعُيُونٍ وَشِلَةٍ (١٠) ، وَقُرًى مُنْقَطِعَةٍ ، وَأَثَرٍ (١١) مِنْ مَوَاضِعِ قَطْرِ السَّمَاءِ دَاثِرٍ (١٢) ، لَيْسَ
__________________
(١) في « ظ ، بس ، جن » : « آخرين ».
(٢) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل. وفي المطبوع : « لا تضرّ ».
(٣) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والمرآة. وفي المطبوع : « وضعه ».
(٤) الوَعْر : الصَعْب. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٨٤٦ ( وعر ).
(٥) قال ابن الأثير : « ومن حديث عليّ في صفة مكّة : والكعبة أقلّ نتائق الدنيا مَدَراً ؛ النتائق : جمع نتيقة ، فعيلةبمعنى مفعولة من النَتْق ، وهو أن تقلع الشيء فترفعه من مكانه لترمى به ، هذا هو الأصل ، وأراد بها هاهنا البلاد لرفع بنائها وشهرتها في موضعها ». راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ١٣ ( نتق ).
(٦) المَدَرُ : قِطَع الطين اليابس ، أو التراب المتلبّد ، أو الطين العِلْك الذي لا يخالطه رمل. راجع : المصباح المنير ، ص ٥٥٦ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٥٨.
(٧) « الأودية » جمع الوادي ، وهو كلّ مفرج ما بين جبال أو تلال أو آكام يكون منفذاً للسيل. راجع : المصباح المنير ، ص ٦٥٤ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٥٨ ( ودى ).
(٨) في « ظ ، جد » : « متاهاً ».
(٩) الدمثة : السهلة الليّنة ، أصله من الدَمْث : المكان السهل. وقال ابن الأثير : « هو الأرض السهلة الرخوة ، والرمل الذي ليس بمتلبّد ». راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ٥٩٢ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ١٣٢ ( دمث ).
(١٠) الوَشَل : الماء القليل يُتحلّب من جبل أو صخرة ولا يتّصل قطره. ويقال : عيون وَشِلَة ، أي قليلة الماء. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ١٨٩ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٠٩ ( وشل ).
(١١) الأَثَر : بقيّة ما يُرى من كلّ شيء. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ٦٥ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٨٩ ( أثر ).
(١٢) في المرآة : « وأثر ». والداثر : الدارس ؛ من الدُثُور : الدُرُوس ، وهو انمحاء الأثر وذهابه. قال ابن الأثير : « أصل الدثور : الدروس ، وهو أن تهبّ الرياح على المنزل ، فتغشّي رسومه بالرمل وتغطّيها بالتراب ». وقال العلاّمة