إبراهيم عليهالسلام « مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » التفت فرأى رجلا يزني فدعا عليه فمات ثم رأى آخر فدعا عليه فمات حتى رأى ثلاثة فدعا عليهم فماتوا فأوحى الله عز ذكره إليه يا إبراهيم إن دعوتك مجابة فلا تدع على عبادي فإني لو شئت لم أخلقهم إني خلقت خلقي على ثلاثة أصناف عبدا يعبدني لا يشرك بي شيئا فأثيبه وعبدا يعبد غيري فلن يفوتني وعبدا عبد غيري فأخرج من صلبه من يعبدني ثم التفت فرأى جيفة على
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « لما رأى إبراهيم عليهالسلام مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » أقول : هذا إشارة إلى قوله تعالى : « وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ » (١) والملكوت هو الملك ، والتاء للمبالغة كالرغبوت من الرغبة والرهبوت من الرهبة ، واختلف المفسرون في تفسير هذه الإراءة على قولين.
الأول : إن الله أراه الملكوت بالعين ، قالوا : إن الله تعالى شق له السماوات حتى رأى العرش والكرسي وإلى حيث ينتهي إليه العالم الجسماني من جهة الفوق ، وشق له الأرض إلى حيث ينتهي إلى السطح الآخر من العالم الجسماني ، ورأى ما في السماوات من العجائب والبدائع ، ورأى ما في باطن الأرض من العجائب والبدائع ، ورووا عن ابن عباس نحوا مما في الكتاب.
والثاني : أن هذه الإراءة كانت بعين البصيرة والعقل ، لا بالبصر الظاهر والحس الظاهر ، وكل منهما محتمل.
والثاني أظهر بحسب العقل ، والأول ألصق بما روي في ذلك من النقل ، كما روي في تفسير الإمام أبي محمد العسكري عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن إبراهيم الخليل لما رفع في الملكوت ، وذلك قول ربي : « وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ » قوي الله بصره لما رفعه دون
__________________
(١) سورة الأنعام : ٧٥.