قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ » يعني إليه المشيئة في القول أن يؤخر ما قدم ويقدم ما أخر في القول إلى يوم يحتم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين فذلك قوله عز وجل : « وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ
______________________________________________________
أنا فمصدقه ومتبعة ، فقال قيصر : أما أنا إن فعلت ذلك ذهب ملكي.
ثم قال قيصر : التمسوا من قومه هيهنا أحدا أسأله عنه وكان أبو سفيان وجماعته من قريش دخلوا الشام تجارا فأحضرهم ، وقال : ليدن مني أقربكم نسبا به فأتاه أبو سفيان ، فقال : أنا سائل عن هذا الرجل الذي يقول إنه نبي ثم قال لأصحابه : إن كذب ، فكذبوه ، قال أبو سفيان : لو لا حيائي أن يأثر أصحابي عني الكذب لأخبرته بخلاف ما هو عليه.
فقال : كيف نسبه فيكم قلت : ذو نسب قال : هل قال هذا القول فيكم أحد؟ قلت : لا ، قال : فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل؟ قلت لا ، قال : فأشراف الناس اتبعوه أو ضعفاؤهم؟ قلت : ضعفاؤهم ، قال : فهل يزيدون أو ينقصون؟ قلت : يزيدون قال : يرتد أحد منهم سخطا لدينه؟ قلت : لا ، قال : فهل يغدر قلت : لا ، قال : فهل قاتلتموه؟ قلت : نعم. قال : فكيف حربكم وحربه؟ قلت : ذو سجال مرة له ، ومرة عليه ، قال : هذه آية النبوة.
قال فما يأمركم؟ قلت : يأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا ، وينهانا عما كان يعبد آباؤنا ويأمرنا بالصلاة والصوم والعفاف والصدق وأداء الأمانة والوفاء بالعهد ، قال هذه صفة نبي ، وقد كنت أعلم أنه يخرج لم أظن أنه منكم ، فإنه يوشك أن يملك ما تحت قدمي هاتين ، ولو أرجو أن أخلص إليه لتجشمت (١) لقاءه ، ولو كنت عنده لقبلت قدميه ، وإن النصارى اجتمعوا على الأسقف ليقتلوه ، فقال : اذهب إلى صاحبك فاقرأ عليه سلامي وأخبره أني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأن النصارى أنكروا ذلك علي ، ثم خرج إليهم فقتلوه.
__________________
(١) جشمت الأمر وتجشّمته : إذا تكلّفته. « النهاية ج ١ ص ٢٧٤ ».