انفطموها ضلالة فأخرجنا الله إليهم رحمة وأطلعنا عليهم رأفة وأسفر بنا عن الحجب نورا لمن اقتبسه وفضلا لمن اتبعه وتأييدا لمن صدقه فتبوءوا العز بعد الذلة والكثرة بعد القلة وهابتهم القلوب والأبصار وأذعنت لهم الجبابرة وطوائفها وصاروا أهل نعمة مذكورة وكرامة ميسورة وأمن بعد خوف وجمع بعد كوف وأضاءت بنا مفاخر
______________________________________________________
السوداء كناية عن البدع المظلمة أو الملل الباطلة المضلة مضافة إلى الجاهلية.
قوله عليهالسلام : « ورضعوها جهالة وانفطموها ضلالة » أي كانوا في صغرهم وكبرهم في الجهالة والضلالة أو أنها تمكنت الضلالة والجهالة فيهم كأنهما كانتا غذاء هم الذي اشتد عليهم عظمهم ، ونبت عليه لحمهم أو أنهم جاهلون في كل أمر شرعوا فيه ضالون عند إقلاعهم عنه ، أي مبنى كل أمورهم على الجهل والضلال ، وفي بعض النسخ وانتظموها ضلالة ، فالضمير راجع إلى الجهالة أي انتظموا مع الجهالة في سلك ، أو الضمير مبهم يفسره قوله ضلالة ، أي صاروا ضلالة ولعله تصحيف.
قوله عليهالسلام : « وأسفر بنا عن الحجب » إلى آخره. أي ظهر بسببنا كاشفا عن حجب الغيب التي أحاطت بنا فقوله : نورا مفعول للأسفار ، والمراد أنه أظهر بكل منا نورا ، والمراد بالنور ذواتهم عليهمالسلام على سبيل التجريد من قبيل لقيت بزيد أسدا أو علومهم وبركاتهم وآثارهم ، ويحتمل أن يكون المراد بالنور الرسول ، صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعلى الأخير يحتمل أن يكون الباء للمعية ، ويحتمل أن يكون الباء للتعدية إذ الغالب أن الأسفار يستعمل لازما بمعنى الإضاءة فقوله نورا ، حال وإنما أفرد للإشعار بأنهم نور واحد تنزيلا للجميع منزلة شخص واحد.
قوله عليهالسلام : « فتبوءوا العز بعد الذلة » أي اسكنوا واستقروا في العز.
قوله عليهالسلام : « أهل نعمة مذكورة » أي يذكرها الناس على وجه التعظيم.
قوله عليهالسلام : « وكرامة ميسورة » أي حصلت بهم بالسير قوله : « بعد كوف » أي تفرق وتقطع قال الفيروزآبادي (١) : كوفت الأديم : قطعته.
__________________
(١) القاموس المحيط : ج ٣ ص ١٩٣ « ط مصر ».