لمن يخوض في الظلمة ومن عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار والهيبة وأشرف الغنى ترك المنى والصبر جنة من الفاقة والحرص علامة الفقر والبخل جلباب المسكنة والمودة قرابة مستفادة ووصول معدم خير من جاف مكثر والموعظة كهف لمن وعاها ومن أطلق طرفه كثر أسفه وقد أوجب الدهر شكره على من نال سؤله وقل ما ينصفك اللسان في نشر قبيح أو إحسان ومن ضاق خلقه مله أهله ومن نال
______________________________________________________
قوله : « والصبر » أي على الفقر أو مطلقا قوله : « جلباب المسكنة » قال الفيروزآبادي (١) : الجلباب كسرداب وسنمار : القميص وثوب واسع للمرأة دون الملحفة أو ما تغطي به ثيابها من فوق كالملحفة أو هو الخمار.
قوله عليهالسلام : « قرابة مستفادة » أي استفدتها بالمودة.
قوله عليهالسلام : « ووصول معدم » أي من يصل الناس بحسن الخلق والمودة مع فقره ، خير ممن يكثر في العطاء وهو جاف أي سيئ الخلق غليظ ، وفي الفقيه مكان مكثر « مثر » يعني ذا ثروة من المال ، فالمعنى أن الفقير المتودد خير من الغني المتجافي ، وعبارة الكتاب أيضا يحتمل ذلك.
قوله : « ومن أطلق طرفه » الطرف بسكون الراء والعين وبالتحريك اللسان والخبر يحتملهما كما لا يخفى.
قوله عليهالسلام : « وقد أوجب الدهر شكره » أي يجب شكر المنعم سواء كان هو سبحانه أو غيره ، ويحتمل أن يكون كناية عن قلة نيل السؤال في الدهر.
قوله : « وقل ما ينصفك اللسان » أي إذا مدحت أحدا لا ينصفك اللسان بل يطري ويتجاوز عن حده ، وإذا سخطت على أحد تذمه أكثر مما هو فيه ، والزائد مما (٢) يستحقه أو أنه في مدح الناس وشكرهم يقصر ، وهو في ذمهم يفرط ، والأول أظهر.
قوله عليهالسلام : « من نال استطال » النيل : إصابة السيء ، وفي القاموس : رجل نال جواد أو كثير النائل ونال ينال نائلا ونيلا ونال : ما أكثر نائله (٣) فالمعنى من أصاب ملكا أو عزا
__________________
(١) القاموس المحيط : ج ١ ص ٤٧ « ط مصر ».
(٢) كذا في النسخ والصواب « مما لا يستحقّه ».
(٣) القاموس المحيط : ج ٤ ص ٦١ « ط مصر ».