أدبا لنفسك ما تكرهه لغيرك وعليك لأخيك المؤمن مثل الذي لك عليه لقد خاطر من استغنى برأيه والتدبر قبل العمل فإنه يؤمنك من الندم ومن استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطإ ومن أمسك عن الفضول عدلت رأيه العقول ومن حصن شهوته فقد صان قدره ومن أمسك لسانه أمنه قومه ونال حاجته وفي تقلب الأحوال علم جواهر الرجال والأيام توضح لك السرائر الكامنة وليس في البرق الخاطف مستمتع
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « والعقول » تزجر وتنهى أي عن خواطر الهوى.
قوله عليهالسلام : « ما تكرهه لغيرك » وفي نهج البلاغة « (١) اجتناب ما تكرهه » وهو المراد ، أو المعنى كفاك مؤدبا لنفسك ملاحظة ما تكرهه لغيرك والتأمل فيها.
قوله عليهالسلام : « مثل الذي لك عليه » أي ينبغي أن تفعل به ما تأمل وترجو منه.
قوله عليهالسلام : « لقد خاطر » في الأخبار الآخر « خاطر بنفسه » وهو مراد هيهنا ، قال الجوهري (٢) : الخطر : الإشراف على الهلاك ، يقال : خاطر بنفسه.
قوله عليهالسلام : « والتدبر قبل العمل » أي يجب أن يكون التدبر قبل العمل ليؤمن من الندم بعده.
قوله عليهالسلام : « من استقبل وجوه الآراء » أي استشار الناس وأقبل نحو آرائهم وتفكر فيها ولا يبادر بالرد أو تفكر في كل أمر ليقبل إليه الآراء والأفكار.
قوله عليهالسلام : « عدلت رأيه العقول » أي حكم العقول بعدالة رأيه وصوابه.
قوله عليهالسلام : « أمنه قومه » بالفتح أي أمن قومه من شره أو بالمد له أمن من شر قومه أو علا قومه أمينا ونال الحاجة التي توهم حصولنا (٣) في إطلاق اللسان.
قوله عليهالسلام : « وليس في البرق الخاطف » إلخ. لعل المراد أنه لا ينفعك ما يقرع سمعك من العلوم النادرة كالبرق الخاطف ، بل ينبغي أن تواظب على سماع المواعظ وتستضيء دائما بأنوار الحكم لتخرجك من ظلم الجهالات ، ويحتمل أن يكون المراد لا ينفع سماع العلم مع الانغماس في ظلمات المعاصي والذنوب.
__________________
(١) نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح ص ٥٤٨ « المختار من الحكم ـ ٤١٢ ».
(٢) الصحاح : ج ٢ ص ٦٤٨.
(٣) كذا في النسخ والصواب « حصولها ».