خلافها فإن سنح له الرجاء أذله الطمع وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص وإن ملكه اليأس قتله الأسف وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ وإن أسعد بالرضى
______________________________________________________
الأمور التي عدها عليهالسلام ليس فيها شيء من باب الحكمة وخلافها ، بل هو كلام مستأنف إنما هو بيان أن كل شيء مما يتعلق بالقلب يلزمه لازم آخر انتهى. ولا يخفى ضعفه ، بل الظاهر أنه شرح ، ويمكن أن يوجه بوجهين. أحدهما : أن يكون المراد بمواد الحكمة العدل والتوسط في الأمور الذي هو الكمال ، وكل إفراط وتفريط داخل في الأضداد التي هي من الرذائل الخلقية ، وبين عليهالسلام الأضداد ونفاها ، ليعلم أن الحكمة هي الوسط بينهما.
قال : الأشياء إنما تعرف بأضدادها ، والثاني : أن يحمل في كل منها أحد المذكورين على ما هو الكمال.
والآخر على إفراطه المذموم ، ففي الأول : الرجاء إنما وضع في النفس ليرجو الإنسان من فضله تعالى ما لا يضر في دنياه وآخرته ، فإذا سنح له رجاء ينجر إلى الإفراط فيطمع فيما لا حاجة له إليه في دنياه ، وممن لا ينبغي الطمع منه من المخلوقين العاجزين فيحصل فيه رذيلة الحرص. وقد يترك الرجاء رأسا فينتهي إلى اليأس من روح الله فيموت أسفا على ما فات منه لفقد رجاء التدارك من فضله تعالى فعلى الأول الرجاء هو القدر الباطل منه ، وعلى الثاني المراد الوسط الممدوح ، والثاني هنا أظهر.
قوله عليهالسلام : « وإن أسعد بالرضا » وفي نهج البلاغة (١) « إن أسعده الرضا » وعلى الأول تكون الملكة المحمودة الحالة المتوسطة التي هي عدم الإفراط في الرضا ، وعدم التفريط بالغضب وهي المسمى بالعدل ، ورعاية الحق في الأمور ، بأن لا يدعوه رضاه [ مرضات ] عن أحد ولا سخطه [ والسخيمة ] عن آخر إلى الخروج عن الإنصاف والعدل ، فإن أسعده الرضا الذي هو المطلوب نسي أن يتحفظ ويربط نفسه على الحق ، فيطغى رضاه عن أخيه في الدين أو قرابته وحميمه إلى أن يرتكب خلاف الحق لأجله ، وكذا الغض [ الغضب ] عن
__________________
(١) المصدر السابق.