نسي التحفظ وإن ناله الخوف شغله الحذر وإن اتسع له الأمن استلبته العزة [ وفي نسخة أخذته العزة ] وإن جددت له نعمة أخذته العزة وإن أفاد مالا أطغاه الغنى وإن عضته فاقة شغله البلاء [ وفي نسخة جهده البكاء ] وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع وإن أجهده الجوع قعد به الضعف وإن أفرط في الشبع كظته البطنة فكل تقصير به مضر وكل إفراط له مفسد.
أيها الناس إنه من فل ذل ومن جاد ساد ومن كثر ماله رأس ومن كثر حلمه
______________________________________________________
خلاف الحق داخل في العدل ممدوح ، وإفراطه ينتهي إلى الحمية والعصبية ، وعلى الثاني يكون الغرض بيان الرضا والغضب الممدوحين والمذمومين وكذلك في سائر الفقرات.
قوله عليهالسلام : « شغله الحذر » أي شغله شدة الخوف عن العمل لرفع ما يخاف منه فينجر إلى اليأس ، أو المراد شغله عن الحذر ، الخوف من مخاوف الدنيا والمراد يشغله الحذر عن مخاوف الدنيا عن العمل للآخرة ، ولعل الأخير أظهر ، والعزة : الاغترار والغفلة ، أو العزة : التكبر والغلبة ، وعلى الثاني يومئ إلى قوله تعالى : « أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ » (١).
قوله عليهالسلام : « وإن عضته » العض المسك بالأسنان ، وفي بعض النسخ بالظاء المعجمة ، وعظ (٢) الزمان والحرب شدتهما وفي النهج (٣) بالضاد وهو أظهر.
قوله عليهالسلام : « كظته البطنة » قال الجوهري (٤) : الكظة بالكسر : شيء يعتري الإنسان عن الامتلاء من الطعام ، يقال كظة كظا وكظني هذا الأمر أي جهدني من الكرب ، وقال : البطنة : الكظة.
قوله عليهالسلام : « من قل ذل » أي من قل في الإحسان والجود أو في كل ما هو كمال إما في الآخرة أو في الدنيا ، فهو ذليل ، أو من قل أعوانه ذل.
قوله عليهالسلام : « ومن كثر ماله رأس » بفتح الهمزة أي هو رئيس للقوم.
__________________
(١) البقرة : ٢٠٦.
(٢) عضّ الزمان والحرب : شدّتهما على المجاز. وقيل : هما عظّ بالظاء المشالة « أقرب الموارد : ج ٢ ص ٧٩٤ ».
(٣) نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح ص ٤٨٧ « المختار من الحكم ـ ١٠٨ ».
(٤) الصحاح ج ٣ ص ١١٧٨.