يتوبخ ومن يكتسب مالا من غير حقه يصرفه في غير أجره ومن لا يدع وهو محمود يدع وهو مذموم ومن لم يعط قاعدا منع قائما ومن يطلب العز بغير حق يذل ومن يغلب بالجور يغلب ومن عاند الحق لزمه الوهن ومن تفقه وقر ومن تكبر حقر ومن لا يحسن لا يحمد
______________________________________________________
تكلف الحلم بمشقة.
قوله عليهالسلام : « ومن لا يرتدع لا يعقل » أي من لا ينزجر عن القبائح بنصح الناصحين لا يكون عاقلا أو لا يكمل عقله ، أو لا يعقل قبح القبائح ، ومن كان كذلك يهينه الناس ويعدونه هينا ، ومن كان كذلك لا يوقرونه ، وإذا لم يوقروه يوبخونه على أفعاله.
قوله عليهالسلام : « في غير أجره » أي فيما لا يؤجر عليه في الدنيا والآخرة.
قوله عليهالسلام : « ومن لا يدع وهو محمود » أي من لا يترك القبيح بالنصح ، أو بالتفكر والتنبه يدعه إما بزجر زاجر أو بالموت ولا يحمد بهذا الترك.
قوله عليهالسلام : « ومن لم يعط قاعدا منع قائما » الفعل الثاني على صيغة المجهول ويمكن أن يكون الأول أيضا على المجهول ، أي من لم يأته رزقه بلا طلب وكد لم ينفعه الطلب والسعي ، فالقيام كناية عن الطلب والسعي ، والقعود عن تركهما كذا ذكره ابن أبي الحديد (١). أقول : ويحتمل وجوها أخر : الأول : أن يكون المراد من لم يعطه الناس مع عدم السؤال لم يعطوه إذا سأل ، وقام عند غيره للسؤال.
الثاني : أن يقرأ الفعل الأول على صيغة المعلوم ، أي من لم يعط السؤال والمحتاجين في حالكونه قاعدا يقوم عنده الناس ، ويسألونه يبتلي بأن يفتقر إلى السؤال غيره فيقوم بين يديه ، ويسأله ولا يعطيه ، وهو عندي أظهر الوجوه.
الثالث : أن يكون قاعدا مفعول الإعطاء أي من لم يعط قاعدا زمنا محتاجا ابتلي بسؤال الناس مع الحرمان وفيه بعد.
قوله عليهالسلام : « ومن تكبر » أي عن طلب الفقه بقرينة المقابلة أو الأعم.
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١٩ ص ٣٦٣ « المختار من الحكم ٤٠٥ ».