الأحزان وحاضر تجلى به الضغائن ومونق تلتذ به الأسماع.
أيها الناس إنه لا خير في الصمت عن الحكم كما أنه لا خير في القول بالجهل.
واعلموا أيها الناس أنه من لم يملك لسانه يندم ومن لا يعلم يجهل ومن لا يتحلم لا يحلم ومن لا يرتدع لا يعقل ومن لا يعلم يهن ومن يهن لا يوقر ومن لا يوقر
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « وحاضر تجلى به الضغائن » الضغينة الحقد أقول : هكذا فيما عندنا من النسخ ، ولعل المراد أنه حاضر دائم الحضور يجلي به الضغائن عن النفس ويدفع به الخصوم ، ولا يحتاج إلى عدة ومدة بخلاف سائر ما تجلى به الضغائن ، من المحاربات والمغالبات ، ويمكن أن يكون المراد رفع ضغينة الخصم بلين الكلام واللطف ، ويحتمل أن يكون المراد بالحاضر : القوم والجماعة.
كما قال في النهاية (١) : في حديث عمرو بن سلمة الجرمي « كنا بحاضر يمر بنا الناس » الحاضر : القوم النزول على ماء يقيمون به ، ولا يرحلون عنه ، وقال في المغرب (٢) : الحاضر والحاضرة : الذين حضروا الدار التي بها مجتمعهم ، وفي تحف العقول (٣) « وحامد ».
قوله عليهالسلام : « ومن لا يعلم يجهل » إن قرأ يعلم محمد صيغة المجرد فيمكن أن يقرأ الفعلان على المعلوم ، والمراد بالجهل حينئذ مقابل العقل ، أي من لا يكون عالما لا يكون عاقلا ، أو المراد بالعلم الكامل منه أي ما دون كمال العلم مراتب الجهل ، ويمكن أن يقرأ « يجهل » على المجهول أي العلم سبب لرفعة الذكر ، ومن لا يعلم يكون مجهولا خامل الذكر ويمكن أن يقرأ يعلم من باب التفعيل ، إما على صيغة المعلوم أي تعليم العلم سبب لوفوره ، وتركه سبب لزواله ، أو على المجهول ، أي طريق العلم التعلم ، فمن لا يتعلم يكون جاهلا والله يعلم.
قوله عليهالسلام : « ومن لا يتحلم لا يحلم » أي لا يحصل ملكة الحلم إلا بالتحلم أي
__________________
(١) النهاية : ج ١ ص ٣٩٩.
(٢) المغرب للمطرزي : ص ١٢٠ ط بيروت.
(٣) تحف العقول : ص ٩٤.