والمتحصّل انّ القطع الموضوعي هو القطع المعتبر موضوعا أو جزء موضوع لحكم من الأحكام.
ثم انّ هنا تنبيها ذكره السيّد الخوئي رحمهالله لا بدّ من بيانه : وهو انّ القطع الموضوعي هو ما كان دخيلا في ترتّب الحكم واقعا ، وليس القطع الموضوعي هو ما اخذ موضوعا في لسان الدليل ولو لم يكن موضوعا واقعا ، أي ليس له دخالة في ترتّب الحكم ، إذ قد يؤخذ القطع موضوعا في لسان الدليل ولا يكون الغرض من ذلك سوى التعبير عن انّه الوسيلة في الكشف عن ثبوت الحكم لموضوعه كما في قوله تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (١) ، فإنّ التبيّن وهو القطع أخذ موضوعا في وجوب الإمساك إلاّ انّ موضوعيّته غير مرادة ظاهرا بل انّ الغرض من ذكر التبيّن هو التعبير عن وسيلة التعرّف على تحقّق طلوع الفجر والذي هو موضوع وجوب الإمساك ، فموضوع وجوب الإمساك متمحّض في طلوع الفجر والتبيّن انّما هو وسيلة الكشف والتحقّق من طلوع الفجر.
وبتعبير آخر : انّ وجوب الإمساك مترتّب على واقع طلوع الفجر والتبيّن انّما هو طريق للتحقّق من طلوع الفجر أو أحد الطرق لذلك ، وذكره دون غيره باعتباره أجلى الوسائل وأوضحها.
وهذا بخلاف القطع بعدد الركعات في صلاتي المغرب والصبح فإنّه قطع قد اخذ واقعا في موضوع الصحّة لصلاتي المغرب والصبح ، ولهذا لو شك المكلّف في عدد ركعات صلاة الصبح كما لو شكّ بين الاولى والثانية فبنى على الثانية برجاء أن يكون ذلك هو الواقع وانكشف له بعد الانتهاء من الصلاة انّه كان في الثانية واقعا وانّ ما بنى عليه هو المطابق للواقع فإن ذلك لا يصحّح الصلاة ، لأنّ صحّة صلاة الصبح ليس موضوعها الإتيان بركعتين واقعا فحسب بل موضوعها هو القطع بالإتيان بالركعتين ، والمفترض انّ