والمنتجة لجعل الأحكام واعتبارها على المكلّفين إذا اتّفق تحقق موضوعاتها خارجا ، وهذا هو معنى تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد في متعلقاتها.
فإذا كان ثمّة فعل مشتمل على مصلحة تامّة غير مزاحمة فهذه المصلحة هي علّة جعل الحكم ، وهكذا لو كان هناك فعل مشتمل على مفسدة تامّة وغير مزاحمة فإنّ هذه المفسدة تكون علّة لجعل الحكم على ذلك الفعل.
وهذه العلل هي التي يقول الاصوليون بصلاحيتها للكشف عن الحكم الشرعي لو اتّفق ادراك وجودها في موضوع من الموضوعات ، وذلك لما ثبت من انّ الأحكام الشرعيّة تابعة لملاكاتها وجودا وعدما.
وهذا المقدار لا إشكال فيه كبرويا انّما الإشكال من جهة عجز العقل عن الإحاطة بوجوه المصالح والمفاسد ، فإنّه حتى لو اتفق إدراك العقل لاشتمال فعل على مصلحة أو مفسدة فإنّ من الصعب القطع بأنّ هذه المصلحة تامة وغير مزاحمة بما يمنع عن تأثير اقتضاء المصلحة لأثرها.
ومن هنا جاءت الروايات لتعبّر عن هذا المعنى « وانّ دين الله لا يصاب بالعقول » وانّ عقول الرجال أبعد ما تكون عن إدراك دين الله جلّ وعلا ، فالإشكال في هذه الجهة صغروي لا كبروي ، إذ لا إشكال كبرويا في انّ العقل لو أدرك المصلحة التامّة ولو بكشف الشارع لكان ذلك صالحا للكشف عن ثبوت الحكم الشرعي بعد البناء على تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد.
* * *
٤٥١ ـ العلم الإجمالي في التدريجيّات
والمقصود منه أن تكون أطراف الجامع للعلم الإجمالي طوليّة بأن يكون الطرف الاوّل المحتمل انطباق الجامع عليه في الزمن الاوّل ويكون