والعمدة انّ العقلاء انّما يتمسّكون بأصالة الحقيقة عند ما لا تكون ثمّة قرينة أو ما يصلح للقرينيّة على المجاز ، ومنشأ ذلك هو عدم انعقاد الظهور عندئذ في إرادة المعنى الحقيقي.
ثمّ انّ هنا أمرا لا بدّ من التنبيه عليه وهو انّه نسب الى السيد المرتضى علم الهدى رحمهالله دعوى انّ مورد التمسّك بأصالة الحقيقة هو الشك في المعنى الموضوع له اللفظ ، بمعنى انّ أصالة الحقيقة تكون مرجعا لتحديد المعنى الحقيقي للّفظ ، فحينما نجد مثلا انّ أهل اللغة يستعملون لفظا في معنى معيّن ولا ندري انّ هذا الاستعمال استعمال للفظ فيما وضع له او انّه استعمال له في غير ما وضع له فإنّه يمكن التمسّك بأصالة الحقيقة لإثبات انّ المعنى المستعمل في اللفظ حقيقي.
والصحيح عدم تماميّة هذه الدعوى لما ذكرناه من انّ الاصول اللفظيّة انّما تكون مرجعا لتحديد المراد لا أنّها مرجع لتحديد نحو الاستعمال وكيفيّته ، إذ انّ ذلك من شأن علائم الحقيقة والمجاز وأصالة الحقيقة ليس منها إلاّ ان نفترض تعبّد الشارع لنا بالبناء على الحقيقة في موارد الشك فيما هو الموضوع له اللفظ ، وهو خلف الفرض ، إذ المفترض في المقام انّما هو البحث عمّا هو الأصل اللفظي العقلائي ، وواضح انّه ليس ثمة تبان من العقلاء على اعتبار الاستعمال علامة الحقيقة وانّه كلّما استعمل لفظ في معنى وشككنا في انّ هذا الاستعمال حقيقي أو مجازي فإنّه لا بدّ من البناء على انّه استعمال حقيقي ، نعم المتبانى عليه عند العقلاء هو استظهار إرادة المعنى الحقيقي عند الشك فيما هو مراد المتكلّم وهل انّه أراد المعنى المجازي أو المعنى الحقيقي ، وهذا معناه الفراغ عما هو المعنى الحقيقي للفظ أي معرفة المتلقي لما هو الموضوع له اللفظ.
* * *
٢٩٧ ـ الحقيقة الشرعيّة
المعنى الحقيقي للفظ هو المعنى الموضوع له اللفظ ، وذلك في مقابل