ومنها : انّها تطلق على كلّ حكم ثبت عن الشريعة ، وذلك في مقابل البدعة وهو اسناد ما ليس من الشريعة اليها ، وقد شرحنا ذلك تحت عنوان « التشريع ».
* * *
٣٧٣ ـ السيرة العقلائيّة
والمقصود من السيرة العقلائيّة اجمالا هو تعارف العقلاء على سلوك معيّن في شأن من الشئون بحيث لا يشذّ عن هذا السلوك منهم أحد إلاّ وكان معرضا للنقد والتوبيخ ، وهذا لا يتّفق إلاّ في عند ما يكون السلوك مستندا الى نكتة عقلائيّة ولو لم تكن متبلورة بل كانت مركوزة في جبلتهم.
وهناك نوع آخر للسيرة العقلائيّة ذكره السيّد الصدر رحمهالله وهو تعارف العقلاء على سلوك معيّن إلاّ انّ الخروج عن مقتضاه لا يستوجب توبيخ العقلاء ، وذلك يعبّر عن عدم نشوء هذا السلوك عن نكتة عقلائيّة ولو لم تكن متبلورة ، بمعنى انّه ناشئ اتفاقا ولأغراض شخصيّة إلاّ انّها خلقت حالة عامة تستوجب استظهار أو حدس صدور ذلك السلوك عن كلّ أحد.
ويمكن التمثيل لهذا النوع من السيرة بتعارف العقلاء والذين هم في موقع المولويّة على اعتبار قول اللغوي حجة على عبيدهم بمعنى اعتبار قول اللغوي هو المعبّر عن مراداتهم فيما يصدر عنهم من أوامر ، وهذا النحو من السلوك انّما نشأ عن أغراض شخصيّة تتّصل بكلّ واحد من أفراد العقلاء اللذين هم في موقع المولويّة ، إذ انّهم ولغرض التحفظ على أغراضهم يصيغون أوامرهم بألفاظ متناسبة مع قول اللغوي ، وهذا هو الذي دعاهم للأمر باعتماد قول اللغوي في مقام التعرّف على مقاصدهم.
ومن الواضح انّه لو شذّ أحد عن هذه الطريقة واتخذ وسيلة اخرى للتحفظ على أغراضه مع عبيده لم يكن ذلك موجبا لتوبيخ العقلاء له ولومه على الخروج عن الطريقة المألوفة.