الزمان دخيلا في ثبوت الحكم لموضوعه وانّ انقضاءه يؤدّي الى انتفاء الملاك عن الموضوع فينتفي عندئذ الحكم لانتفاء المبرّر من جعله.
نعم قد يصرّح المولى جلّ وعلا بمدخليّة الزمان في ثبوت الحكم لموضوعه وقد لا يصرّح ، وتصريحه وعدم تصريحه تابع لأغراضه المناسبة لحكمته المطلقة جلّ وعلا ، فأيّ محذور في أن يجعل المولى حكما على موضوع وكان قاصدا من أوّل الأمر تحديده بحدّ زمني ينتفي عنده الحكم عن موضوعه إلاّ انّه لم يصرّح بذلك لغاية اقتضتها حكمته البالغة.
ومن هنا كان النسخ تخصيص أزماني للحكم بقرينة منفصلة ، فيكون أشبه بالتخصيص الأفرادي والأحوالي بقرينة منفصلة ، غايته انّ المخصّص في النسخ هو العموم الأزماني والمخصّص في الفرض الثاني هو العموم الأفرادي والأحوالي.
* * *
٥٨٥ ـ نسخ الوجوب
والبحث في المقام عن انّه إذا نسخ الوجوب فهل يبقى متعلّقه على الجواز بالدليل المنسوخ أو الدليل الناسخ أو لا؟ أي هل يمكن استفادة الجواز لمتعلّق الوجوب المنسوخ من دليل المنسوخ أو من دليل الناسخ أو لا يمكن استظهار ذلك منهما ، وإذا لم يكن ذلك ممكنا فهل يمكن استفادة الجواز بواسطة الاستصحاب؟
المشهور بينهم عدم إمكان اثبات الجواز لا بدليل المنسوخ ولا بدليل الناسخ ، فلو كان شيء واجبا ثمّ طرأ عليه النسخ فإنّه لا يمكن الاستدلال على بقاء الجواز لا بواسطة دليل الوجوب المنسوخ ولا بواسطة ما دلّ على نسخ الوجوب.
وحتى يتّضح المطلب نذكر أحد التقريبات التي يمكن أن يتوهّم معها بقاء الجواز عند طرو النسخ على الوجوب ، وهو انّ الوجوب عبارة عن جواز الفعل والمنع عن تركه أو هو