والمتحصّل من كلّ ما ذكرناه أنّ العرف حينما يتلقّى خطابا فإنّه يلاحظ نوعيّة الحكم المجعول في الخطاب ويلاحظ موضوع ذلك الحكم ثمّ يناسب بينهما اعتمادا على ما هو مركوز في ذهنه نتيجة ملابسات اقتضتها معرفته بملاكات الأحكام أو طبيعة الحكم المجعول أو اقتضتها أجواء الخطاب أو ما إلى ذلك.
* * *
٥٧٤ ـ المنطوق
نسب الى الحاجبي بأنّه عرّف المنطوق بأنّه « ما دلّ عليه اللفظ في محلّ النطق » ، وبناء عليه يكون المنطوق شاملا للمدلولات اللفظيّة الافراديّة والمدلولات اللفظيّة التركيبيّة ، بمعنى انّ المنطوق بناء على هذا التعريف هو مطلق ما دلّ عليه اللفظ بقطع النظر عن كون المدلول من المفاهيم الافراديّة كذات زيد المدلول عليها بلفظ زيد أو كان المدلول من المفاهيم التركيبيّة كانتساب القيام لزيد المدلول عليه بلفظ « زيد قائم ».
ولو كان هذا هو مراد الحاجبي لكان خلاف ما هو معهود في اصطلاح الاصوليين من انّ المنطوق هو مدلول الجملة التركيبيّة بالدلالة المطابقيّة كما هو المستفاد من كلمات المحقّق النائيني والسيّد الخوئي رحمهالله.
وكيف كان فتوضيح المراد من المنطوق يتمّ ببيان امور :
الأمر الأوّل : انّ المنطوق بحسب مدلوله اللغوي من صفات اللفظ كما انّ الناطق من صفات اللافظ ، فالمنطوق اسم مفعول يتّصف به اللفظ عند ما ينطق به متكلّم ، فعند ما ينطق المتكلّم بلفظ زيد يكون لفظ زيد منطوقا ويكون المتكلّم ناطقا.
إلاّ انّ هذا المعنى غير مراد من استعمالات الاصوليين ، وما هو مراد في اصطلاحهم هو انّ المنطوق من صفات المدلول كما هو المعروف أو من صفات الدلالة.
فالمستظهر من عبائر المحقّق النائيني رحمهالله وتعريف الحاجبي وكلمات