٥٠٩ ـ لا النافية للجنس
والبحث المتّصل بغرض الاصولي عن لا النافية للجنس من جهتين :
الجهة الاولى : افادتها للعموم أو الإطلاق ، وهذا ما سوف نبينه تحت عنوان « النكرة في سياق النفي » انّ شاء الله تعالى.
الجهة الثانية : هو بيان موارد استعمالها ، وهذا ما سوف نبيّنه في المقام ، فنقول : انّ السيّد الخوئي رحمهالله ذكر انّ موارد استعمال الجمل المنفيّة بلا النافية للجنس ثلاثة :
المورد الأوّل : أن تكون مستعملة لغرض الإنشاء ، والتعبير عن مبغوضيّة مدخولها ، فهي وان كان مساقها الإخبار إلاّ انّ الغرض منها الإنشاء والنهي التحريمي.
ومثاله قوله تعالى : ( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ ) (٢) فالجمل المنفيّة بلا النافية في هذه الآية المباركة سيقت لغرض الإنشاء والنهي التحريمي ، وذلك بقرينة عدم تعقّل تصدّي الآية المباركة لنفي الوجود والتحقّق جدّا وواقعا ، وهذا ما يعبّر عن انّ نفي التحقّق انّما هو لغرض التعبير عن الإنشاء والنهي.
وأمّا ما هو المصحّح لاستعمال النفي في إنشاء النهي فقد ذكرت لذلك مجموعة من التقريبات تذكر عادة تحت عنوان الجمل الخبريّة المستعملة في الطلب.
ومن هذه التقريبات هو انّ المصحّح للإخبار عن النفي هو الكناية عن الملزوم بواسطة الإخبار عن اللازم ، فهو وان كان يريد الملزوم إلاّ انّه توسّل في الكشف عن إرادته بواسطة الإخبار عن اللازم ، كما يقال : « زيد كثير الرماد » فإنّ الإخبار عن زيد بكثير الرماد انّما استعمل لغرض الكناية عن كرمه ، إذ انّ لازم الكرم هو كثرة الرماد في داره لكثرة طبخه للطعام ، فالمتكلّم أراد الإخبار عن الملزوم وهو الكرم بواسطة الإخبار عن اللازم وهو كثرة الرماد في دار زيد.