المرئي « الجسم » متشخصا عنده ، وأمّا البعيد عن الجسم فهو وان كان يرى نفس الجسم إلاّ انّه ولبعده عنه لا يشخص هوية الجسم ، وهل هو حيوان أو انسان أو شجرة.
وتلاحظون انّ كلا النظرين متعلّقهما واحد وهو الواقع المتعيّن ، غايته انّ الاول ولقربه من المرئي يكون المرئي لديه واضحا ومتشخّصا بتمام مشخصاته ، وأمّا الثاني فلبعده عن المرئي تكون الصورة بالنسبة له مشوشة.
والمتحصل انّ العلم الإجمالي ليس علما تفصيليّا بالجامع دون منطبقه بخلاف العلم التفصيلي فإنّه علم بمنطبق الجامع بل انّ العلم الإجمالي كالعلم التفصيلي متعلّقهما هو الواقع المعبّر عنه بالمنطبق الواقعي ، غايته انّ الصورة المدركة « العلم » تارة تكون واضحة وحينئذ يكون العلم تفصيليّا ، واخرى تكون مشوشة ومعها يكون العلم اجماليّا.
وعلّق السيّد الصدر رحمهالله على مجموع التعريفات بما حاصله : انّ المراد من العلم الإجمالي واضح ووجداني لكلّ أحد ، ولهذا لا يبعد ان يكون الاختلاف بين هذه التعريفات ناشئ عن اختلاف الجهة المنظورة عند التعريف ، فكلّ واحد قد لاحظ جهة وعرّف العلم الإجمالي على ضوئها.
وأمّا المراد من العلم التفصيلي فهو العلم بالجامع مع العلم بموضع استقراره ، أي العلم بالجامع مع تشخيص متعلّقه ، فليس في العلم التفصيلي جهة غموض أصلا ، فالعالم بالعلم التفصيلي يعلم بوجوب الصلاة مثلا كما يعلم بأنّ الصلاة الواجبة هي الظهر مثلا.
ولكي يتّضح الفرق بين العلمين نذكر هذا المثال ، لو قطعنا بوجوب صلاة إلاّ انّه وقع الشك في هوية هذه الصلاة الواجبة ، وهل هي الظهر أو الجمعة ، فالجامع الصالح للانطباق على الطرفين هو عنوان الصلاة ، وهذا الجامع معلوم وجوبه تفصيلا ، فالعلم بوجود الجامع الكلي علم تفصيلي ، غايته انّ منطبقه غير متشخّص لنا إلاّ