المنجّزيّة والمعذرية ، ونقصد بالحجيّة المنطقية الوسطية في الإثبات ، أي الطريقيّة والكاشفيّة ، واذا كان المراد من حجيّة القطع هي الحجيّة المنطقيّة فالحجيّة الثابتة له ذاتيّة بلا ريب ، وذلك لأن المراد من القطع هو الانكشاف التام والإراءة التامّة ، فالقطع هو عين الكشف والإراءة والطريقيّة ، وليس شيئا ثبت له الكشف والطريقيّة.
وإذا كان كذلك فالطريقيّة ـ والتي هي الحجّة المنطقيّة ـ ذاتيّة للقطع ، وثبوت الذاتي لذاته لا يفتقر للجعل لا بنحو الجعل التأليفي بل ولا بنحو الجعل البسيط ، وذلك لأنّ الجعل التأليفي يلازم المباينة بين المجعول والمجعول له ، وهو خلف الفرض ، إذ قلنا انّ الطريقيّة هي عين القطع وثبوت الشيء لنفسه ضروري ، فكما انّ ثبوت الإنسانيّة للإنسان ضروري وقضيّة بشرط المحمول فكذلك ثبوت الطريقيّة للقطع.
وأمّا عدم تعقّل الجعل البسيط للطريقيّة والحجيّة المنطقيّة فلأنّه تحصيل للحاصل بعد وجود القطع ، نعم يكون الجعل البسيط للطريقيّة والحجيّة متعقلا إذا كان بنحو إيجاد القطع ، فإيجاد القطع هو عينه ايجاد الطريقيّة ، وذلك في مقابل رفع الطريقيّة واعدامها بواسطة اعدام القطع.
وأمّا لو أنكرنا انّ القطع هو عين الانشكاف والإراءة التامّة وقلنا بأنّ القطع من الحالات النفسانيّة القائمة بالنفس فإنّ لا بدّ من التسليم بأنّ الطريقيّة ذاتيّة للقطع إلاّ انّ الذاتيّة هنا بمعنى الذاتيّة في باب البرهان لا الذاتيّة في باب الإيساغوجي ـ كما هو مقتضى المبنى الاول ـ فالمقصود من الذاتيّة في المقام هو انّ الطريقيّة لازم ذاتي للقطع بنحو اللزوم البيّن بالمعنى الأخص والذي يكون معه تصوّر الموضوع كافيا في تصوّر الحكم.
وحينئذ لا تكون الطريقيّة مفتقرة للجعل أيضا ، فمحض وجود القطع كافيا لحمل الطريقيّة عليه ، ولذلك