الكلام هو دوران الأمر بين دفع المفسدة الأهمّ وجلب المصلحة المهمّة ، وليس ثمّة خيار ثالث ، فإمّا أن يختار دفع المفسدة أو جلب المصلحة ، وحينئذ يكون اختياره لجلب المصلحة ترجيح لما هو مرجوح ، على انّ المورد المذكور لا يطابق الاحتمال الخامس كما لا يطابق قاعدة قبح ترجيح المرجوح إذ انّ موردهما هو المفسدة المحرزة أو المحتملة لو كانت المصلحة محتملة أيضا.
نعم يمكن أن يكون مدرك أصالة الحظر هو ما عليه البناء العقلائي من ملاحظة قوة المحتمل وترجيحه على المصلحة المحرزة لو كانت أقلّ أهميّة من المفسدة المحتملة لو اتّفقت ، أو يكون مدركها هو ما يدركه العقل من لزوم دفع الضرر المحتمل إذا لم يكن له مؤمّن. والمتحصّل انّ الظاهر هو عدم شمول القاعدة على جميع احتمالاتها لهذا المورد.
المورد الثالث : تأييد دعوى جريان الاحتياط الشرعي في الشبهات التحريميّة بالقاعدة ، بتقريب انّ احتمال الحرمة معناه احتمال المفسدة ، فدفعها يكون لازما ، وان كان ذلك يقتضي تفويت المصلحة.
ويرد على هذا التقريب ما أوردناه على المورد الثاني.
المورد الرابع : التمسّك بالقاعدة لتقديم جانب الحرمة في حالات دوران الأمر بين المحذورين في التوصليات مع افتراض اتّحاد الواقعة ، أي مع افتراض كون متعلّق الدوران فعلا واحدا ، كما لو دار الأمر بين وجوب دفن الميّت أو حرمة دفنه ، فإنّ القاعدة تقتضي تقديم جانب الحرمة لان فيها دفعا للمفسدة المحتملة ، ومن هنا تقدم على جلب المصلحة المحتملة الكامنة في متعلّق الوجوب المحتمل.
وتماميّة هذه الدعوى مبني على اتّساع موضوع القاعدة لما هو مفترض في الاحتمال الخامس وان دفع المفسدة المحتملة مقدّم على جلب المصلحة المحتملة في حالات الدوران.