وإلاّ لما امتدح الله تعالى عباده المتصفين بالعمل بالاستحسان.
وقبل الجواب عن الاستدلال بالآية الشريفة نقول : انّ المراد من عنوان الأحسن يحتمل ثلاثة احتمالات :
الاحتمال الأول : انّه عنوان اضافي نسبي ، وحينئذ يكون معنى الآية هو حجية كل قول أو رأي إذا اضيف ونسب الى رأي آخر كان أحسن منه بقطع النظر عن كون القولين واجدين للحجيّة في نفسيهما أو لا ، فمحض الأحسنية هي المناط في ثبوت الحجية للقول المتصف بها.
وواضح انّ هذا الاحتمال غير مراد جزما ، إذ من غير المعقول ان يكون القول أو الرأي غير واجد للحجية وبمجرّد ان يضاف الى رأي آخر ويتفوق عليه نسبيا يكون ذلك موجبا لاتصافه بالحجيّة ، فالرأي حينما يكون منافيا لنظر الشارع لا يكون رجحانه على رأي آخر مناف أيضا للشارع موجبا لثبوت الحجيّة للرأي الراجح وإلاّ لما صحّ ان تكون للشارع متبنيات خاصة تثبت بموجبها حجية بعض الأقوال وعدم حجية أقوال اخرى ، إذ انّ الاقوال التي لم تثبت لها الحجيّة متفاضلة بلا ريب ، وحينئذ يكون الافضل منها حجة يلزم التعبّد به وهذا خلاف بناء الشارع على عدم حجيتها ، هذا لو كان المراد من الأحسنية هو الأحسنية الواقعية وإلا لو كان المراد من الأحسنية هو الأحسنية بنظر كل أحدد للزم الهرج والمرج ، إذ انّ الأحسنية بهذا المعنى تخضع لعوامل نفسية وملاحظة المصالح الشخصية وهي متفاوتة من شخص لآخر ومتزاحمة في غالب الأحيان ، وعندئذ يجرّ كل واحد النار الى قرصه ، وتكون لغة الغاب هي المحكمة في المجتمعات وبها يختلّ النظام ، وهذا ما يورث الجزم بعدم إرادة الآية