في الفردين هو وجوب اكرام كل فرد حتى في حال اكرام الآخر إلاّ انّه ثمّة علم بعدم إرادة الاطلاق ، إما من جهة عدم وجوب اكرامهما من رأس فيكون الاطلاق ساقط عنهما لخروجهما عن حكم العام ، أو انّ الإطلاق الاحوالي هو وحده الساقط عن الفردين دون العموم ، وحينئذ يتعين الاحتمال الثاني ، إذ لا مقتضي لاسقاط حكم العام عنهما معا بعد عدم دلالة القرينة على ذلك ، نعم هي محتملة لذلك إلاّ انها محتملة للمعنى الآخر أيضا ، ولمّا كان المعنى الآخر هو القدر المتيقن فإن العقل يحكم بتعيّنه ، لتمامية العموم وعدم وجود ما يوجب سقوطه عن الفردين رأسا.
* * *
١٩٩ ـ التخيير الفقهي والاصولي
المراد من التخيير الفقهي هو انّ المكلّف في سعة ابتداء من جهة اختيار أحد التكليفين وتطبيقه في مقام العمل ، بمعنى انّ وظيفته هي اختيار أحد التكليفين ابتداء ، فالنصّ الشرعي المتكفل لبيان التخيير الفقهي يحدّد التكاليف الواقع كلّ واحد منها طرفا للتخيير ، ويكون المكلّف عندها مسئولا عن اتخاذ أحد التكاليف وتطبيقها في مقام الامتثال.
وأما التخيير الاصولي فهو بمعنى جعل الحجيّة لأحد الدليلين تخييرا ، ومع اختيار أحد الدليلين بعد ثبوت الحجيّة له تخييرا يكون المكلّف مسئولا عن العمل بالتكليف المستفاد بواسطة الدليل المختار ، ويكون ذلك التكليف هو المتعين عليه بعد اختيار دليله ، وكأنّه لا يوجد تكليف آخر مفاد بواسطة دليل آخر.
وبتعبير آخر : التخيير الاصولي لا نظر له الى مؤدى الدليلين وما يشتملان عليه من تكليفين ، وانّما نظره الى نفس الدليلين وجعل الحجية لهما