الأمرين ، إلاّ انّه مع الالتفات الى قلّة الأحكام التي تصدّى القرآن الكريم لبيانها يستظهر من الرواية كفاية اشتمال أحد الخبرين على ما ينافي اطلاقات أو عمومات الكتاب المجيد لترجيح الخبر الآخر حتى وان لم يكن موافقا بالنحو المذكور للموافقة كأن كان مفاده ممّا سكت القرآن الكريم عن بيانه.
* * *
٢١١ ـ التزاحم
هو التنافي بين الأحكام التكليفية الإلزاميّة في مقام الامتثال على ان يكون منشأ التنافي هو ضيق قدرة المكلّف عن الجمع بينهما في مقام الامتثال.
ومثاله ما لو اتفق ان عجز المكلّف عن الجمع بين وجوب النفقة على الزوجة ووجوب النفقة على الأب فإنّه يحصل التنافي في مقام الامتثال بين الوجوبين ، أي انّ امتثال أحد الوجوبين يفضي الى العجز عن امتثال الوجوب الآخر.
ومن هنا يتضح الفرق بين التزاحم والتعارض ، إذ انّ التعارض معناه التنافي بين مؤدى الدليلين في مرحلة الجعل ، بمعنى انّ كل مدلول ينفي واقعية مدلول الدليل الآخر بعد ان يثبته لنفسه ، ومن هنا تكون مرجحات باب التعارض موجبة لطرح الدليل المرجوح ، وهذا بخلاف التزاحم فإنّه لا تنافي بين مؤدى الدليلين في مورده بل يمكن الجزم بصدورهما ومطابقة مضمونهما للواقع ، غايته انّ المكلف عاجز عن امتثالهما معا. وهذا ما أوجب دعوى انّ امتثال أحدهما مقتض لسقوط فعلية الآخر ، لافتراض عدم قدرته بعد امتثال الاول على امتثال الثاني ، فيكون سقوط التكليف الثاني بسبب انتفاء موضوعه وهو القدرة ، وهذا لا يتصل بأصل جعله وصدوره لبيان الحكم