١٠٣ ـ الاصول العملية العقلية
وهي الاصول العملية التي يستقل العقل بإدراكها. أو قل : هي الوظائف العملية المدركة بواسطة العقل العملي ، إذ انّ العقل لمّا كان يدرك استحقاق المولى جلّ وعلا للطاعة على عباده يدرك أيضا سعة هذا الحق وحدوده.
فالبراءة العقلية ـ مثلا ـ منشؤها إدراك العقل ضيق هذا الحق عن الشمول للتكاليف غير المعلومة وانّ حق الطاعة للمولى جلّ وعلا انّما هو مختص بالتكاليف المعلومة فحسب ، إذ انّ العقل يدرك قبح مؤاخذة العبد على التكاليف الواقعية المجهولة.
وأما البناء على انّ حق الطاعة يتسع ليشمل التكاليف الواقعية المظنونة والمحتملة فهذا يستوجب البناء على أصالة الاشتغال العقلي وان المكلّف مسئول تجاه المولى جلّ وعلا عن أيّ تكليف مظنون أو محتمل إلاّ ان يرخص المولى جلّ وعلا في ترك هذه التكاليف المظنونة أو المحتملة.
وأما أصالة الاشتغال « الاحتياط العقلي » في موارد العلم الإجمالي فمنشؤها إدراك العقل لسعة حق الطاعة لمطلق التكاليف المعلومة أي سواء كانت معلومة بالعلم التفصيلي أو الإجمالي ، أو انّ منشأها إدراك العقل لحرمة المخالفة القطعية ـ بتقريب مذكور في محله ـ وهو يرجع الى دعوى انّما يدركه العقل من حدود حق الطاعة لا يقتضي أكثر من لزوم عدم مخالفة التكليف المعلوم اجمالا بنحو قطعي.
وأما أصالة التخيير العقلي فمنشؤها إدراك العقل لضيق هذا الحق عن الشمول للتكليف الواقعي غير المقدور على إحراز امتثاله ، وذلك لدوران الأمر بين المحذورين.
والمتحصل مما ذكرناه انّ مرجع الاصول العملية العقلية هو ما يدركه