واقعة حكم ، وانّ التعرّف عليها يتمّ بواسطة الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم إمّا بسؤاله وأمّا ان يبدأ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم المسلمين فيبيّن لهم الأحكام فهو الذي يعلّمهم الكتاب والحكمة ، كما انّ هناك أحكام ناسخة واخرى منسوخة وهو ما يعبّر ان لله أحكام في نفس الأمر والواقع بقطع النظر عن قيام الأمارة كما هو واضح بأدنى تأمّل.
* * *
٢١٩ ـ التصويب المعتزلي
وهو التصويب الذي تعتمده المعتزلة ، وحاصله : التسليم بأن لله جلّ وعلا أحكاما في نفس الأمر والواقع ، وأنّ هذه الأحكام ناشئة عن مصالح ومفاسد في متعلقاتها إلاّ انّ هذه الأحكام إنشائية غير بالغة مرحلة الفعلية والتنجّز ، ولا تبلغ هذه المرحلة إلاّ أن تقوم الأمارة على طبقها ، وحينما تكون الأمارة مؤدّية لمعنى غير ما عليه الواقع فإنّ قيامها يكون سببا في نشوء مصلحة في مؤداها أقوى من مصلحة الواقع ، وهذا ما يؤهلها للحجيّة ولزوم العمل على طبقها دون الواقع ، فيبقى الواقع مجرّد حكم إنشائي لا يصلح لأن يتعبّد به بعد ان كان مرجوحا بسبب قيام الأمارة على خلافه.
وهذا الرأي غير مقبول عند الاماميّة وان كان ممكنا في نفسه ، إذ من الممكن ان تكون فعلية الأحكام الواقعيّة منوطة بكشف الامارة عنها ، فتكون فعليّة الأحكام الواقعيّة خاصة بالعالمين بها ويكون الجاهل غير مشمول لهذه الأحكام ، إلاّ انّ ذلك مناف لما عليه اجماع الطائفة من أنّ أحكام الله مشتركة بين العالم والجاهل ، وانّ الامارة انما لها دور الكشف عن الواقع فقد تصيبه وقد تخطئه ، ومع تخطيها الواقع ومجاوزتها له لا يكون ذلك مقتضيا لنشوء مصلحة في مؤداها أقوى من مصلحة