٢٣٢ ـ التعارض بين الأصلين وبين الأصل والامارة
والتعارض بين الأصلين هو ما لو اتّفق ان كانت البراءة ـ مثلا ـ المقتضية للإباحة جارية في مورد ، وكان الاستصحاب المقتضي للحرمة جاريا في نفس المورد.
وفي الواقع انّ هذا النحو من التعارض ليس تعارضا بين الأصلين وانّما هو تعارض بين دليلي حجيتهما ، إذ انّ التعارض بين الأصلين غير معقول ، وذلك لأنّ دور الأصل هو بيان ما هو الوظيفة المقرّرة على المكلّف ، وليس وراء الأصل منكشف يكشف عنه ، فالبراءة لا تقتضي أكثر من التأمين والتعذير والاستصحاب لا يقتضي في المثال أكثر من التنجيز ، واذا كان كذلك فليس لأيّ واحد نفي الآخر ، والذي هو قوام التعارض.
وهذا بخلاف دليلي حجيتهما فإنّهما يكشفان عن واقع وراءهما ، وهو انّ الشارع جعل الحجيّة للبراءة مثلا في هذا المورد دون غيرها من الاصول ، وجعل الحجيّة للاستصحاب في هذا المورد دون غيره من الاصول ، وعليه لا بدّ من ملاحظة دليلي الحجيّة لهما للتعرّف على المتقدم منهما من المتأخر ، وبأيّ نحو يكون ذلك التقدم أو للتعرّف مثلا على سقوطهما عن الحجيّة.
وأما التعارض بين الأمارة وبين الأصل العملي كما لو كان مفاد الأمارة هو الحلية ومقتضى الأصل وهو الاستصحاب مثلا هو التنجيز ، فالتعارض هنا أيضا يؤول الى التعارض بين دليلي حجيتهما ، وذلك لأنّ الاستصحاب ليس له محكي يحكي عنه حتى يكون صالحا لنفي مفاد الأمارة.
ومن هنا لا يكون بين مقتضى الأصل ومفاد الأمارة تعارض ، نعم