ومن هنا يكون المتعيّن من الاحتمالات هو الاحتمال الأول ، وبهذا يكون تعريف الاستحسان ـ بناء على هذا الاحتمال ـ هو المشخّص للدليل الأقوى الذي يلزم العمل به ، فيكون التعريف من قبيل التعريف بالفائدة والنتيجة ، فهذا وان كان خلاف الظاهر من التعريفات إلاّ انّ ذلك مألوف في التعريفات التي يكون الغرض منها إعطاء صورة عن المعرّف كما يقال في تعريف الخمر انّه المسكر ، فهو تعريف بما ينتج عنه.
والمتحصّل انّ هذا الاحتمال وان كان خلاف الظاهر من التعريف إلاّ انّه لمّا كان الاحتمال الثاني ـ والذي هو أقرب بحسب الصياغة اللفظية للتعريف ـ بعيد جدا كما ذكرنا والاحتمال الثالث ساقط لابتلائه بما ذكرناه من إشكال فيدور التعريف بين الإجمال وعدم انفهام معنى محصل له وبين الاحتمال الأول ، والظاهر تعيّنه لمناسبته مع تعريفات اخرى ومناسبته كذلك مع مرجعية الاستحسان في مقام التعارض.
ومع تمامية هذا الاحتمال يبقى السؤال عن الآليّة المعتمدة للاستحسان لتشخيص الدليل الأقوى والتي هي جوهر الاستحسان ، حيث قلنا انّ هذا التعريف ـ بناء على الاحتمال الاول ـ لا يكشف لنا سوى عن النتيجة المترتبة على الاستحسان ، وهي تشخيص الدليل الأقوى وأما الآلية المعتمدة لذلك فلا بدّ من استفادتها من مورد آخر.
وهنا مجموعة من الاحتمالات نوردها لغرض البحث عمّا هو المتعيّن منها :
الاحتمال الاول : إنّ الآلية المعتمدة لتشخيص الدليل الأقوى هو الكتاب المجيد أو السنة أو العقل القطعي والظني أو مناسبة أحد الدليلين لما تقتضيه المصلحة العامة أو