دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي - ج ٢

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : الفقه
الناشر: المركز العالمي للدّراسات الإسلامية
المطبعة: توحيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ١٩٤

المقدمة لحرمة المقدمة.

والأنسب أن يوجّه بأن ما دلَّ على عدم نفوذ الشرط اذا كان محرماً للحلال أو بالعكس كقوله عليه‌السلام : « ... الا شرطاً حرَّم حلالاً او احلَّ حراماً » (١) يمكن ان يفهم منه بعد الغاء الخصوصية عدم صحة الاجارة فى مثل مقامنا.

الضمان فى باب الإجارة

مستأجر العين أمين عليها ، لايضمن تلفها أو تعيّبها إلاّ اذا تعدّى او فرّط.

وهكذا الحال فيالأجير اذا دفع له المستأجر العين ليعمل فيها.

واذا باشر الطبيب من خلال عملية جراحية علاج المريض وتضرر بذلك كان ضامناً إلاّ إذا اخذ البراءة مسبقاً ولم يكن مقصّرا فى إعمال اجتهاده.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أمّا عدم ضمان المستأجر للعين ، فللقصور فى المقتضي ، فان الضمان لو كان ثابتاً فهو ليس إلاّ لقاعدة « على اليد » التى مستندها ليس إلاّ السيرة العقلائية الممضاة بعدم الردع ، وهى لاتشمل مثل يد المستأجر ، ولا أقلّ من الشك فيقتصر على القدر المتيقن.

ومع التنزل وفرض تمامية المقتضى يكفينا للحكم بعدم الضمان وجود المانع ، وهو الروايات الواردة فى عدم ضمان الأمين ، كصحيحة مسعدة بن زياد عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام : « ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ليس لك ان تتهم من قد إئتمنته و

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٢ / ٣٥٤ ، باب ٦ من ابواب الخيار ، حديث ٥.

٦١

لاتأتمن الخائن وقد جرّبته » (١).

ومع التنزّل عن ذلك أيضا تكفينا الروايات الواردة فى باب الإجارة بالخصوص ، كصحيحة الحلبي : « سألت ابا عبد الله عليه‌السلام عن رجل تكارى دابة الى مكان معلوم فنفقت الدابة ، فقال : ان كان جاز الشرطَ فهو ضامن. وان كان دخل وادياً لم يوثقها فهو ضامن. وان وقعت فى بئر فهو ضامن ، لأنه لم يستوثق منها ». (٢)

٢ ـ وأمّا الضمان مع التعدى أو التفريط ، فلقاعدة « على اليد » والصحيحتين المتقدمتين.

٣ ـ وأمّا عدم ضمان الأجير للعين التى يعمل فيها ، فلنفس ما تقدم فى عدم ضمان المستأجر.

٤ ـ وأمّا ضمان الطبيب عند مباشرته للعلاج وتضرر المريض ، فلقاعدة الإتلاف ، وموثقة السكونى عن أبى عبد الله عليه‌السلام : « قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من تطبّب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه وإلاّ فهو له ضامن ». (٣)

بل يمكن التمسّك أيضا بصحيحة الحلبى عن أبى عبد الله عليه‌السلام : « الرجل يعطى الثوب ليصبغه فيفسده ، فقال : كلّ عامل اعطيته أجراً على أن يصلح فأفسد فهو ضامن ». (٤)

واذا قيل : مع اذن المريض للطبيب فى مباشرة علاجه لايبقى موجب للضمان.

قلنا : إن الإذن كان فى العلاج دون الإفساد.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٣ / ٢٢٩ ، باب ٤ من احكام الوديعة ، حديث ١٠.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٣ / ٢٨١ ، باب ٣٢ من الإجارة ، حديث ٢.

٣ ـ وسائل الشيعه : ١٩ / ١٩٥ ، باب ٢٤ من ابواب موجبات الضمان ، حديث ١.

٤ ـ وسائل الشيعة : ١٣ / ٢٧٥ ، ، باب ٢٩ من احكام الإجارة ، حديث ١٩.

٦٢

٥ ـ وأمّا استثناء حالة أخذ البراءة ، فلموثقة السكونى المتقدمة.

والسكونى وان لم يوثق فى كتب الرجال إلاّ ان ذلك غير مهم بعد تصريح الشيخ الطوسى بعمل الطائفة برواياته.(١)

واذا قيل : لاتصح البراءة لأنها من قبيل اسقاط ما لم يجب.

قلنا : هذا يتم لو اُريد تخريج الحكم على طبق القاعدة ، أمّا بعد وجود النص فلا مجال لما ذكر من الإشكال.

من احكام عقد الإجارة

يعتبر فيالإجارة الإيجاب والقبول ، ففى إجارة الدار مثلاً يصحّ الإيجاب من صاحب الدار بلفظ « آجرتك الدار » ؛ والقبول من الآخر بلفظ « قبلت » ونحوه ، كما يصح العكس فيقول الآخر : « استأجرت دارك » ويقول صاحب الدار : « قبلت ».

وتتحقق الإجارة بالمعاطاة.

وهى من العقود اللازمة التى لاتنفسخ إلاّ بالتقايل أو بالفسخ عند اشتراط الخيار أو تخلف الشرط.

والمشهور جواز الإجارة المعاطاتية إلاّ اذا تصرف أحدهما فيما انتقل اليه.

واذا تحقق عقد الإجارة ملك كلّ طرف بنفس العقد ما استحقه على الآخر ، فالأجير يملك الاُجرة ولو لم يقم بالعمل ، والمستأجر يملك العمل ولو لم يدفع الاُجرة.

ويجب على كلّ واحد منهما تسليم ما عليه إلاّ اذا كان الآخر ممتنعاً.

ويحق لمستأجر العين ايجارها على آخر ما دام لم يشترط عليه ـ ولو ضمناً ـ استيفاءه

__________________

١ ـ العدة فى الاصول ، مبحث حجية خبر الواحد : ١ / ١٤٩.

٦٣

المنفعة بنفسه.

ولايجوز لمستأجر الدار ايجارها على آخر بأكثر من الاُجرة السابقة إلاّ أن يحدث فيها حدثاً أو تكون الاُجرة الثانية مغايرة للاُولى جنساً.

ومن استؤجر لأداء عمل بدون اشتراط المباشرة عليه ولو ضمناً يجوز له استئجار غيره للقيام بذلك العمل فيما اذا كانت الاُجرة مساوية أو أكثر ، أمّا اذا كانت أقل فلا إلاّ إذا أتى ببعض العمل.

ومن استأجر محلاً تجارياً أو غيره الى فترة محددة ، فعليه بعد انتهائها تخليته اذا طالب بذلك المالك ، ولايحق له ايجاره على شخص آخر من دون إذن إلاّ اذا تم الاتفاق لبناء عرفيخاص أو عام على ذلك مسبقاً ولو مقابل مبلغ معيّن قد يعبّر عنه فى بعض الأعراف بحقّ السرقفلية ، فيجوز آنذاك للمستأجر عدم التخلية وتجديد عقد الايجار ، بل يجوز له أيضاً رفع اليد عن حقه فيالبقاء والتنازل بالمحل لثالث ازاء مبلغ معين من النقود قد يعبّر عنه بحقّ السرقفلية أيضاً.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أمّا اعتبار الإيجاب والقبول فى الإجارة ، فلتقومها بذلك بحسب الارتكاز العقلائى والمتشرعي.

وأمّا صحة الإيجاب والقبول بكلا الشكلين ، فلإطلاق الأمر بالوفاء بالعقد الصادق فيهما.

٢ ـ وأمّا صحة الإجارة بالمعاطاة ، فلأن ذلك هو مقتضى القاعدة ، فإنه بعد صدق العقد بالمعاطاة وعدم انحصار تحققه باللفظ يشمله إطلاق قوله تعالي : ( أوفوا

٦٤

بالعقود ). (١) ويكون الخروج عن ذلك والحكم باعتبار اللفظ فقط هو المحتاج الى دليل وقد قام الدليل فى بعض الموارد ـ كالنكاح والطلاق والنذر واليمين ـ ويبقى غيرها مشمولاً لمقتضى القاعدة.

٣ ـ وأمّا أنَّ الإجارة من العقود اللازمة ، فلأن ذلك مقتضى الاصل فى كلّ عقد على ما هو المستفاد من قوله تعالى ( أوفوا بالعقود ) ، واستصحاب بقاء الملك الثابت قبل فسخ أحدهما ، وغيرهما من الوجوه المذكورة فى كتاب البيع.

ويمكن ان نضيف فى خصوص المقام صحيحة على بن يقطين : « سألت ابا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يتكارى من الرجل البيت أو السفينة سنة أو اكثر من ذلك أو أقل ، قال : الكراء لازم له الى الوقت الذى تكارى اليه والخيار فى أخذ الكراء الى ربها ، إن شاء أخذ وإن شاء ترك » (٢) وغيرها.

٤ ـ وأمّا تحقق الفسخ بالتقايل ، فلأن الحق لايعدو المتعاقدين بعد وضوح ان اللزوم حقى لاحكمي.

وأمّا جواز الفسخ بالخيار الثابت لأحدهما أو كليهما ، فواضح ، لانه مقتضى اشتراط الخيار النافذ بإطلاق قوله عليه‌السلام : « المسلمون عند شروطهم ». (٣)

وأمّا جوازه عند تخلف الشرط ، فقد قُرِّب بوجهين ، تقدّمت الاشارة اليهما عند البحث عن الخيارات.

٥ ـ وأمّا أن الإجارة المعاطاتية جائزة لدى المشهور إلاّ عند التصرف ، فذلك للإجماع المدّعى على عدم لزوم المعاطاة بشكل عام إلاّ عند التصرف.

__________________

١ ـ المائدة : ١.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٣ / ٢٤٩ ، باب ٧ من احكام الإجارة ، حديث ١.

٣ ـ وسائل الشيعة : ١٢ / ٣٥٣ ، باب ٦ من ابواب اخيار ، حديث ٢.

٦٥

والمناسب هو الحكم باللزوم تمسّكاً بإطلاق قوله تعالى أوفوا بالعقود وغيره من الوجوه المذكورة لإثبات لزوم المعاطاة فى باب البيع فراجع.

وأمّا الإجماع الكاشف عن رأى المعصوم عليه‌السلام ، فغير ثابت خصوصاً مع مدركيته المحتملة.

٦ ـ وأمّا أن كلّ واحد يملك ما له على الآخر بمجرد العقد ، فباعتبار كونه سبباً تامّاً للملكية بمقتضى قوله تعالي : ( أوفوا بالعقود ).

٧ ـ وأمّا وجوب التسليم على كلّ واحد منهما ، فلأن ذلك لازم ملكية الآخر لما فى يد الأول.

وأمّا عدم لزوم التسليم عند امتناع الآخر ، فلأن ذلك مقتضى الشرط الضمنى الارتكازى على ثبوت الحق لكلّ واحد منهما فى الامتناع عند امتناع الآخر.

٨ ـ وأمّا جواز ايجار العين من قبل المستأجر الاول ، فلأنه مالك للمنفعة فيصح له تمليكها وليس من شروط صحة الإجارة ملكية العين.

أجل‏مع اشتراط استيفاءالمنفعة بالمباشرة لايجوز ذلك لقوله عليه‌السلام : « المسلمون عند شروطهم ». ولا فرق بين أن يكون الشرط صريحاً أو ضمنياً بعد إطلاق الحديث.

٩ ـ وأمّا عدم جواز ايجار الدار من قبل المستأجر الاول بأكثر من الاُجرة الاُولى إلاّمع إحداث حدث ، فلصحيحة الحلبى عن‏أبيعبدالله عليه‌السلام : « الرجل يستأجر الدار ثم يؤاجرها باكثر مما استأجرها به قال : لايصلح ذلك إلاّ أن يحدث فيها شيئاً » (١) وغيرها.

١٠ ـ وأمّا اعتبار اتحاد جنس الاُجرة فى عدم جواز الزيادة ، فلأن عنوان « الأكثر » لايصدق إلاّ مع اتحاد جنس الاُجرتين ، فاذا كانت احداهما ديناراً والاُخرى كتاباً

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٣ / ٢٦٢ ، باب ٢٢ من الإجارة ، حديث ٤.

٦٦

فلا يصدق عرفاً أن هذا أكثر من ذاك اذا تفاوتا فى القيمة إلاّ مع‏العناية.

اجل ، اذا كانت كلتا الاُجرتين من النقود واختلفتا فى نوعية النقد ، فلا يبعد صدق عنوان الأكثر عرفاً اذا تفاوتا فى المالية.

١١ ـ وأمّا ان المستأجر لعمل يجوز له استئجار غيره اذا كانت الاُجرة مساوية أو أكثر ، فلكونه مقتضى القاعدة ما دام لم تشترط عليه المباشرة.

وأمّا عدم جواز ذلك اذا كانت أقل إلاّ مع أداء بعض العمل ، فلصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : « سئل عن الرجل يتقبل بالعمل فلا يعمل فيه ويدفعه الى آخر فيربح فيه ، قال : لا ، إلاّ أن يكون قد عمل فيه شيئاً » (١) وغيرها.

١٢ ـ وأمّا وجوب تخلية المكان المستأجر بعد انتهاء عقد الإجارة ، فلأن العقد هو المسوّغ للتصرف ، فاذا انتهى يعود المالك مسلطاً على ملكه ولايجوز التصرف فيه من دون طيب نفسه.

١٣ ـ وأمّا انه يجوز للمالك أخذ السرقفلية ، فلأن لكلّ ذى حق التنازل عن حقه مقابل ما يشاء.

وأمّا أن للمستاجر ذلك أيضاً ، فلأنه مقابل تنازله عن حقه فى البقاء وعدم التخلية المتولد له بسبب الاتفاق مع المالك.

١٤ ـ وأمّا كفاية التبانى العام ، فلأنه محقق للاشتراط الضمني.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٣ / ٢٦٥ ، باب ٢٣ من الإجارة ، حديث ١.

٦٧
٦٨

كتاب المزارعة

حقيقة المزارعة

شرائط المزارعة

احكام عامة فى باب المزارعة

٦٩
٧٠

حقيقة المزارعة

المزارعة عقد يتضمن الاتفاق على زرع شخص أرض غيره بحصة من حاصلها. وهي مشروعة بلا كلام.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أمّا تحديد المزارعة بما ذكر ، فمضافاً الى كونه من واضحات الفقه يمكن استفادته من روايات باب المزارعة ، كصحيحة عبد الله بن سنان : « الرجل يزارع فيزرع أرض غيره فيقول : ثلث للبقر وثلث للبذر وثلث للأرض ، قال : لايسمّى شيئاً من الحب والبقر ، ولكن يقول : ازرع فيها كذا وكذا إن شئت نصفاً وإن شئت ثلثاً » (١) وغيرها.

وعدم إسناد الحديث الى الامام عليه‌السلام غير مهم بعد كون الناقل ابن سنان الذى هو من أجلاء أصحابنا الذين لايحتمل فى حقهم الرواية عن غيره عليه ‏السلام.

على أن عدم إسنادها اليه عليه‌السلام جاء فى رواية الكلينى وإلاّ ففى رواية الشيخ أسندت الى أبى عبدالله عليه‌السلام (٢).

__________________

١ ـ وسائل الشعية : ١٣ / ٢٠٠ ، باب ٨ من احكام المزارعة والمساقاة ، حديث ٥.

٢ ـ حسب بعض نسخ التهذيب ، على ما اشير اليه فى هامش الطبعة القديمة من وسائل الشيعة.

٧١

٢ ـ وأمّا شرعيتها ، فليست محلاً للخلاف عندنا ، بل عند أكثر علماء الاسلام على ما فى الجواهر.(١)

وتدلّ عليها الضرورة الفقهية والروايات الخاصة كالصحيحة المتقدمة وغيرها.

وهناك بحث عن إمكان إثبات شرعيتها بمقتضى القاعدة وقطع النظر عن الروايات الخاصة وعدمه نقرأه فى مستوى أعلى من البحث إن شاء الله تعالي.

شرائط المزارعة

يلزم فيالمزارعة :

١ ـ الإيجاب والقبول ، ويكفى فيهما كلّ لفظ دالٍّ عليهما ـ مثل : « زارعتك » أو « سلّمت اليك الأرض لتزرعها على كذا » ـ ولو بغير العربية والماضوية.

ولايلزم ان يكون الإيجاب من المالك ولا تقدمه ولا كونه لفظاً ، بل يجوز ان يكون الإيجاب باللفظ والقبول بالفعل أو يكونا معاً بالفعل.

٢ ـ أن يكون كلّ من المالك والزارع بالغاً عاقلاً مختاراً ، وليس بمحجور عليه لسفهٍ أو فلس.

أجل ، اذا لم يشارك الزارع بمال فلا يلزم اشتراط عدم المحجورية فى حقه.

٣ ـ أن يكون الناتج مشتركاً بين المالك والزارع وليس خاصاً بأحدهما وإلاّ لم تصح مزارعة.

٤ ـ أن يكون الاشتراك فى الناتج بنحو الإشاعة ، فلو شرط لأحدهما الاختصاص بما يحصل أولاً أو من هذه القطعة من الأرض وللآخر ما يحصل ثانياً أو من تلك القطعة لم ‏تصح.

٥ ـ تعيين الحصة بالكسر المشاع ، فلو قال : « ازرع واعطنى ماشئت أو مائة كيلو » لم تصح.

__________________

١ ـ جواهر الكلام : ٢٧ / ٢.

٧٢

٦ ـ تعيين المدة بداية ونهاية اذا لم يكن هناك انصراف يقتضى التعيين.

٧ ـ أن تكون المدة بمقدار صالح لإدراك الناتج فيها.

٨ ـ قابلية الأرض للزراعة ولو بالعلاج ، فلو كانت سبخة أو لايمكن وصول الماء اليها أو ما شاكل ذلك فلاتصح.

٩ ـ تعيين نوع المزروع اذا لم يقصدا التعميم لأى نوع أمكن ولم يكن هناك انصراف الي نوع معيّن.

١٠ ـ تعيين الأرض مع ترددها بين قطعتين أو أكثر اذا لم يكن هناك انصراف ولم يقصد التعميم لأى أرض وقع الاختيار عليها.

١١ ـ تعيين المصارف من البذر ونحوه وكونها على أيِّ واحد منهما اذا لم يكن هناك انصراف.

١٢ ـ ان تكون الأرض ونحوها مملوكة ولو منفعة أو يكون التصرف فيها نافذاً بوكالة أو ولاية.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أمّا اعتبار الإيجاب والقبول فى المزارعة ، فلأنها عقد لا ايقاع ، وإلاّ كفي الإيجاب فى تحققها ، وهو باطل جزماً.

وأمّا التعميم من الجهات الاُخرى ، فلصدق العقد فى جميعها ، ومقتضى إطلاق قوله تعالي : أوفوا بالعقود (١) ثبوت الصحة واللزوم فى جميعها.

٢ ـ وأمّا اعتبار البلوغ وما تلاه ، فقد تقدم وجهه فى مبحث شروط المتعاقدين من مبحث البيع ، فإن ما ذكر هناك عام لمطلق العقود ، فلاحظ.

__________________

١ ـ المائدة : ١

٧٣

٣ ـ وأمّا أن الزارع لايشترط فيه عدم المحجورية اذا لم يشارك بمالٍ ، فلأن السفيه والمفلس ممنوعان من التصرف المالي ، فاذا فرض عدم المشاركة بمال فلايعود وجه للاشتراط المذكور.

هذا بناء على الرأى المشهور من عدم منع السفيه من التصرفات غير المالية.(١)

وأمّا بناء على منعه حتى من مثل جعل نفسه عاملاً فى المزارعة أو المساقاة ونحوهما ، فيلزم فى الزارع عدم السفه حتى اذا لم يشارك بمال.

٤ ـ وأمّا اعتبار الاشتراك فى الناتج ، فلاعتباره فى المزارعة حسبما يفهم من بعض النصوص ؛ فقد ورد فى صحيحة الحلبى عن أبى عبد الله عليه‌السلام : « لاتقبل الأرض بحنطة مسمّاة ولكن بالنصف والثلث والربع والخمس لا بأس به ». (٢) والحكم متسالم عليه بين الاصحاب.

٥ ـ وأمّا اعتبار الاشتراك فى الناتج بنحو الاشاعة ـ فى كلا الشرطين : الرابع والخامس ـ فلما سبق فى اعتبار أصل الاشتراك.

٦ ـ وأمّا اعتبار تعيين البداية والنهاية للمدة ، فلأنه اذا لم تكن متعينة كذلك فلا يمكن تعلّق الأمر بوجوب الوفاء بالعقد ، لأن ما لا تعين له حتى فى علم الله سبحانه كيف يتعلق به وجوب الوفاء؟!

٧ ـ وأمّا اعتبار أن تكون المدة بمقدار يمكن ادراك الناتج فيه ، فلأنه بدون ذلك

__________________

١ ـ جواهر الكلام : ٢٦ / ٥٧ ـ ٥٨.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٣ / ١٩٩ ، باب ٨ من احكام المزارعة والمساقاة ، حديث ٣.

والمراد من قوله عليه‌السلام : « بحنطة مسماة » : بحنطة مقدّرة بغير الكسر المشاع ، بان يقول مثلاً : بعشرين كيلو.

وقيّد الشيخ فى الاستبصار ( : ٣ / ١٢٨ ) النهى فى الرواية بما اذا كانت الحنطة المسماة من نفس حاصل الارض ؛ أمّا اذا كانت من حاصل موجود بالفعل من غيرها ، فلا بأس بذلك.

٧٤

لايمكن تحقق المقصود من المزارعة ، ويكون الاقدام عليها لغواً ولايشملها دليل الامضاء.

٨ ـ وأمّا اعتبار قابلية الأرض للزراعة ، فلنفس ما تقدم.

٩ ـ وأمّا اعتبار تعيين نوع المزروع ، فيما اذا لم يقصد التعميم ولم يفرض الانصراف الى نوع معيّن فقد ذكره غير واحد من الفقهاء.(١) وهو وجيه مع اختلاف نوع الزرع المقصود لكلّ واحد منهما ، لأن وجوب الوفاء بالعقد على طبق مقصود أحدهما بلا مرجّح ، وعلى طبق مقصودهما غير ممكن لفرض التنافي. وأمّا مع عدم الاختلاف فى المقصود واقعاً ، فلا وجه للبطلان سوى التمسك بحديث نهي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الغرر ، (٢) ولكن قد تقدم فى مبحث الإجارة عدم ثبوت كونه رواية.

١٠ ـ وأمّا اعتبار تعيين الأرض ، فلنفس ما تقدم فى اعتبار تعيين نوع المزروع.

١١ ـ وأمّا لزوم تعيين من عليه المصارف اذا لم يكن هناك انصراف ، فلأن العقد بدون ذلك لايمكن تعلق وجوب الوفاء به ، اذ وجوب الوفاء ببذل المصارف من خصوص أحدهما بلا مرجّح ، ووجوبه بالبذل من كليهما أمر على خلاف مقصودهما.

١٢ ـ وأمّا اعتبار ملكية الارض ونحوها أو نفوذ التصرف فيها ، فلأنه لولا ذلك يكون العقد فضولياً.

__________________

١ ـ لاحظ : العروة الوثقي ، الشرط الثامن ، من شروط المزارعة ؛ تحريرالوسيلة ، الشرط الخامس من شروط المزارعة ؛ منهاج الصالحين ، الشرط السابع.

٢ ـ تذكرة الفقهاء ، كتاب الاجارة ، مسألة ٢ من الركن الثالث فى الفصل الثانى.

٧٥

أحكام عامة فى باب المزارعة

المزارعة عقد لازم لاتنفسح إلاّ بالتقايل أو الفسخ عند اشتراط الخيار أو تخلف الشرط.

ولايلزم فيالبذر أن‏يكون من‏العامل ، بل‏يجوز أن‏يكون من‏المُزارِع أيضاً أومنهما.

كما لايلزم فى الأرض أن تكون من المزارع ، بل يجوز كونها من العامل.

بل قد يقال : إن المزارعة تحتاج الى أمور أربعة : الأرض والبذر والعمل والعوامل. ويصح أن يكون من أحدهما احد هذه ومن الآخر البقية ، أو من كلّ منهما اثنان منها ، أو من أحدهما بعض احدها ومن الآخر البقية ، أو الاشتراك فى الكل.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أمّا أن المزارعة عقد لازم لاينفسخ إلاّ بما ذكر ، فلما تقدم فى مبحث الإجارة.

٢ ـ وأمّا البذر ، فقد يقال بلزوم كونه من العامل تمسّكاً بصحيحة يعقوب بن شعيب عن ابى عبد الله عليه‌السلام : « ... وسألته عن المزارعة ، فقال : النفقة منك والأرض لصاحبها ، فما أخرج الله من شيء قسّم على الشطر ، وكذلك أعطى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خيبر حين أتوه فأعطاهم أيّاها على أن يعمّروها ولهم النصف مما أخرجت ». (١) إلاّ انه يلزم حملها على المتعارف فى تلك الفترة ـ خصوصاً بعد ملاحظة الاستشهاد بسيرة النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لصراحة بقية الروايات فى عدم لزوم كونه على العامل ، كما فى موثقة سماعة : « سألته عن مزارعة المسلم المشرك فيكون من عند المسلم البذر والبقر وتكون الأرض والماء والخرج والعمل على العلج ، قال : لاباس به » (٢) وغيرها.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : ١٣ / ٢٠٣ ، باب ١٠ من ابواب احكام المزارعة والمساقاة ، حديث ٢.

٢ ـ وسائل الشيعة : ١٣ / ٢٠٤ ، باب ١٢ من ابواب احكام المزارعة والمساقاة ، حديث ١.

والعلج بالكسر فالسكون : الرجل العظيم من الكفار.

٧٦

على أن الحكم متسالم عليه بين الأصحاب(١) ؛ بل قد يدّعى أن سيرة المزارعين المتصلة بزمن المعصوم عليه‌السلام هى على ذلك.

٣ ـ وأمّا جواز كون الارض من العامل ، فلموثقة سماعة المتقدمة.

٤ ـ وأمّا وجه القول بجواز الاشتراك فى الأمور الأربعة بأى شكل ، فقد علّله الشيخ البحرانى بقوله : « لإطلاق الاذن فى المزارعة من غير تقييد بكون بعضٍ بخصوصه من أحدهما ». (٢)

وهذا الإطلاق فى نصوص باب المزارعة لو تمّ تحققه أخذنا به وإلاّ أمكن التمسّك بمثل عموم ( أوفوا بالعقود ).

__________________

١ ـ جواهر الكلام : ٢٧ / ٣٣.

٢ ـ الحدائق الناضرة : ٢١ / ٣٢٣.

٧٧
٧٨

كتاب المساقاة

حقيقة المساقاة

شرائط المساقاة

احكام عامة فى باب المساقاة

٧٩
٨٠