البراهين الجليّة - ج ٢

السيّد حسن الصدر

البراهين الجليّة - ج ٢

المؤلف:

السيّد حسن الصدر


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-629-5
ISBN الدورة:
978-964-319-618-9

الصفحات: ٤١٦
الجزء ١ الجزء ٢

في كتاب المسلسلات المشهور بالفضل المبين قال : قلت : شافهني ابن عقيلة بإجازة جميع ما يجوز له روايته ، ووجدت في مسلسلاته حديثاً مسلسلاً بانفراد كلّ راوٍ من رواته بصفحة عظيمة تفرّد بها ، قال رحمه‌الله : أخبرني فريد عصره الشيخ حسن بن عليّ العجمي ، أخبرنا حافظ عصره جمال الدين البابلي ، أخبرنا سند وقته محمّد الحجازي الواعظ ، أخبرنا صوفي زمانه الشيخ عبد الوهاب الشعراوي ، أخبرنا مجتهد عصره الجلال السيوطي ، أخبرنا حافظ عصره أبو نعيم رضوان العقبي ، أخبرنا مقرئ زمانه الشمس محمّد بن الجزري ، أخبرنا الإمام جمال الدين محمّد بن محمّد الجمال زاهد عصره ، أخبرنا الإمام محمّد بن مسعود محدّث بلاد فارس في زمانه ، أخبرنا شيخنا إسماعيل بن مظفّر الشيرازي عالم وقته ، أخبرنا عبد السلام بن أبي الربيع الحنفي محدّث زمانه ، أخبرنا أبو بكر عبد اللَّه بن محمّد بن شابور القلانسي شيخ عصره ، حدّثنا محمّد بن عبد العزيز ، حدّثنا محمّد الآدمي إمام أوانه ، أخبرنا سليمان بن إبراهيم بن محمّد بن سليمان نادرة عصره ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن هاشم البلاذريّ حافظ زمانه ، حدّثنا محمّد بن الحسن بن علي المحجوب إمام عصره ، حدّثنا الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن أبي جدّه علي بن موسى الرضا ، حدّثنا موسى الكاظم قال : حدّثنا أبي جعفر الصادق ، حدّثنا أبي محمّد الباقر بن عليّ ، حدّثنا أبي عليّ بن الحسين زين العابدين السجّاد ، حدّثنا أبي الحسين سيد الشهداء ، حدّثنا أبي عليّ بن أبي طالب سيّد الأولياء ، قال : « أخبرنا سيّد الأنبياء محمّد بن عبد اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : أخبرني جبرائيل سيّد الملائكة قال : قال اللَّه تعالى سيّد السادات : إنّي أنا اللَّه لا إله إلّا أنا مَن أقرّ لي بالتوحيد دخل حصني ، ومن دخل حصني أمن من عذابي » .

٢١

قال الشمس بن الجزري : كذا وقع هذا الحديث من المسلسلات السعيدة والعهدة فيه على البلاذري (١) . انتهى (٢) .

 وقال في رسالة النوادر من حديث سيّد الأوائل والأواخر ما لفظه : حديث محمّد بن الحسن ـ الذي يعتقد الشيعة أنّه المهدي ـ عن آبائه الكرام ، وجدت في مسلسلات الشيخ محمّد بن عقيلة (٣) المكّي ، عن الحسن العجمي ، حيلولة أخبرنا أبو طاهر أقوى أهل عصره سند إجازة لجميع ما تصحّ له روايته قال : أخبرنا فريد عصره الشيخ حسن بن علي العجمي ، أخبرنا حافظ عصره جمال الدين البابلي ، أخبرنا سند وقته محمّد الحجازي الواعظ ، أخبرنا صوفي زمانه الشيخ عبد الوهاب الشعراوي ، أخبرنا مجتهد عصره الجلال السيوطي ، أخبرنا حافظ عصره أبو نعيم رضوان العقبي ، أخبرنا مقرئ زمانه الشمس محمّد بن الجزري ، أخبرنا جمال الدين محمّد بن محمّد الجمال زاهد عصره ، أخبرنا الإمام محمّد بن مسعود محدّث بلاد فارس في زمانه ، أخبرنا شيخنا عالم وقته إسماعيل بن مظفّر الشيرازي ، أخبرنا عبد السلام بن أبي الربيع الحنفي محدّث زمانه ، أخبرنا أبو بكر عبد اللَّه بن محمّد بن شابور القلانسي شيخ عصره ، أخبرنا عبد العزيز ، حدّثنا محمّد الآدمي إمام أوانه ، أخبرنا سليمان بن إبراهيم بن محمّد بن سليمان نادرة دهره ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن هشام البلاذري

__________________

(١) مناقب الأسد الغالب ممزّق الكتائب ومظهر العجائب ليث بن غالب أمير المؤمنين أبا الحسن علي بن أبي طالب كرّم اللَّه وجهه للشمس الجزري : ٤٣ ـ ٤٤ / ٤٧ .

(٢) الفضل المبين ( الرسائل الثلاث ) : ٩٦ ـ ٩٧ ، وانظر الفوائد الجليلة في مسلسلات ابن عقيلة : ٩٢ ، والنجم الثاقب للعلّامة النوري ١ : ٤٠٢ـ٤٠٤ .

(٣) في النسخ : عقلة ، والمثبت من المصادر

٢٢

حافظ زمانه ، حدّثنا محمّد بن الحسن بن علي المحجوب إمام عصره ، حدّثنا الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن أبي جدّه ، حدّثنا أبي عليّ ابن موسى الرضا ، حدّثنا أبي موسى الكاظم ، حدّثنا أبي جعفر الصادق بن محمّد ، حدّثنا أبي محمّد الباقر بن عليّ ، حدّثنا أبي عليّ بن الحسين زين العابدين السجّاد ، حدّثنا أبي الحسين سيّد الشهداء ، حدّثنا أبي عليّ بن أبي طالب سيّد الأولياء قال : «أخبرنا سيد الأنبياء محمّد بن عبد اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أخبرني جبرائيل سيد الملائكة قال : قال اللَّه تعالى سيّد السادات : إنّي أنا اللَّه لا إله إلّا أنا من يقرّ بي بالتوحيد دخل حصني ، ومن دخل حصني أمن من عذابي » .

قال الشمس الجزري : كذا وقع هذا الحديث من المسلسلات السعيدة ، العهدة فيه على البلاذري (١) ، انتهى بلفظه (٢) .

أقول : لا ريب في رواية المسلسل بهذه الصفات العظيمة ، فقد حكى الجلال السيوطي في كتابه تدريب الراوي عن شرح النخبة لابن حجر الحافظ العسقلاني ما لفظه : أنّ المسلسل بالحفّاظ ممّا يفيد العلم القطعي (٣) .

ترجمة البلاذري المحدّث :

والحافظ البلاذري من كبار الحفّاظ ، ذكره السمعاني في كتاب

__________________

(١) الفوائد الجليلة في مسلسلات ابن عقيلة : ٩٢ ـ ٩٣ .

(٢) النوادر من حديث سيّد الأوائل والأواخر ( الرسائل الثلاث ) : ٢٠٨ ـ ٢١٠ .

(٣) تدريب الراوي ٢ : ٦٤٣ ، وانظر نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر : ٥٤ .

٢٣

الأنساب الكبير (١) ، والذهبي في تذكرة الحفّاظ (٢) ، وابن ناصر الدين (٣) ، والحافظ أبو عبد اللَّه الحاكم في تاريخ نيسابور (٤) ، ووصفوه بأوصاف كبار أئمّة الحديث والفقه .

قال السمعاني في الأنساب : والمشهور بهذا الانتساب أبو محمّد أحمد بن إبراهيم بن هاشم المذكور الطوسي البلاذري الحافظ ، من أهل طوس ، كان حافظاً عارفاً بالحديث ، سمع بطوس إبراهيم بن إسماعيل العنبري وتميم بن محمّد الطوسي ، وبنيسابور عبد اللَّه بن شيرويه وجعفر ابن أحمد الحافظ ، و بالري محمّد بن أيوب والحسن بن أحمد بن الليث ، و ببغداد يوسف بن يعقوب القاضي ، و بالكوفة محمّد بن عبد اللَّه بن سليمان الحضرمي وأقرانهم ، سمع منه الحاكم أبو عبد اللَّه الحافظ ، قال : وأبو محمّد البلاذري الواعظ الطوسي كان واحد عصره في الحفظ والوعظ ، ومن أحسن الناس عشرة ، وأكثرهم فائدة ، وكان يكثر المقام بنيسابور ، و يكون له في كلّ اُسبوع مجلسان عند شيخي البلد أبي الحسين المحمي وأبي نصر العبدي ، وكان أبو عليّ الحافظ ومشايخنا يحضرون مجالسه و يفرحون بما يذكره على الملأ من الأسانيد ، ولم أرهم غمزوه قطّ في إسناد أو اسم أو حديث ، وكتب بمكّة عن إمام أهل البيت أبي محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد بن

__________________

(١) الأنساب ١ : ٤٤٤ / ١٥٢٦ .

(٢) تذكرة الحفّاظ ٣ : ٨٩٢ / ٨٦٠ .

(٣) وهو الحافظ شمس الدين محمّد بن أبي بكر بن عبد اللَّه الشافعي الدمشقي ، المعروف بابن ناصر ، طلب الحديث ، وجود الخط ، وصار محدّث البلاد الشاميّة ، توفّي سنة ٨٤٢ ه . الاعلام للزركلي ٦ : ٢٣٧ . وانظر كتابه توضيح المشتبه ٤ : ٣٢٣ .

(٤) حكاه عنه الذهبي في العبر في خبر من غبر ٢ : ٥٦ .

٢٤

عليّ بن موسى الرضا : إلى آخر ما ذكره (١) .

فلا يصحّ أن يقول الشمس الجزري : والعهدة فيه على البلاذري (٢) . كلّا لا يفوه بهذا جاهل فضلاً عن فاضل ، ولا ينبغي التعصّب في أمثال هذا الحديث فإنّه وقع عزيزاً لو قرأ باسناده على مجنون أفاق كما قاله أحمد بن حنبل (٣) .

وقد تقدّم في ذكر الحسن العسكري ما حكاه أبو الفرج بن الجوزي عن أبي نعيم الفضيل بن دكين : من أنّ هذا حديث صحيح ثابت روته العترة الطيبة الطاهرة (٤) .

نصّ الخواجة پارسا في فصل الخطاب :

ومنهم : الحافظ محمّد بن محمّد بن محمود البخاري المعروف بخواجه پارسا ، من أعيان علماء الحنفيّة كما في أعلام الأخيار للكفوي (٥) ، قال في فصل الخطاب بعد كلام طويل في جعفر الكذّاب : وأبو محمّد الحسن العسكري وولده محمّد رضي اللَّه عنهما معلوم عند خاصّة خواصّ أصحابه وثقات أهله .

ثمّ ذكر حديث تولّده ، وعلّق في الحاشية كلاماً طويلاً في علاماته وما روي فيه .

إلى أن قال : والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى ومناقب

__________________

(١) الأنساب ١ : ٤٤٤ .

(٢) مناقب الأسد الغالب : ٤٣ـ٤٤ / ٤٧ .

(٣) عنه في نزهة المجالس للصفوري ١ : ٢٥ .

(٤) تقدم في ج ١ : ٤٠٧ .

(٥) عنه في عبقات الأنوار ١٩ : ٥٥٥ .

٢٥

المهدي رضي‌الله‌عنه صاحب الزمان الغائب عن الأعيان الموجود في كلّ زمان كثيرة ، وقد تظاهرت الأخبار على ظهوره وإشراق نوره .

إلى أن قال : به ختمت الخلافة والإمامة ، وهو الإمام من لدن مات أبوه إلى يوم القيامة ، وعيسى عليه‌السلام يصلّي خلفه ، ويصدّقه على دعواه ، ويدعو إلى ملّته التي هو عليها والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله صاحب الملّة (١) ، انتهى .

نصّ الشيخ حسن العراقي :

ومنهم : الشيخ حسن العراقي ذكره الشيخ الشعراني في الطبقات الكبرى ، وأنّه شافهه بقصّة ملاقاته للمهدي ونقلها مفصّلاً فراجع الجزء الثاني من الطبقات المطبوعة بمصر سنة ألف وثلاثمائة وخمس (٢) .

نصّ محمّد بن طلحة الشافعي المعروف :

ومنهم : الحافظ محمّد بن طلحة أحد الصدور والرؤساء المعظّمين الشافعي قال في كتابه مطالب السؤول : الباب الثاني عشر في أبي القاسم محمّد بن الحسن الخالص بن علي المتوكّل بن محمّد القانع بن عليّ الرضا ابن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين ابن الحسين الزكي بن عليّ المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب المهدي الحجّة الخلف الصالح المنتظر عليهم‌السلام ورحمة اللَّه وبركاته (٣) ، إلى آخر الباب ، فراجعه فإنّ فيه ما يكمد ابن تيميّة .

__________________

(١) فصل الخطاب ( مخطوط ) .

(٢) الطبقات الكبرى للشعراني ٢ : ١٣٩ / ٢٥ .

(٣) مطالب السؤول : ٤٧٩ ـ ٤٨٠ .

٢٦

وقد رأيت ابن جماعة الدمشقي في طبقات الشافعيّة ، واليافعي في مرآة الجنان في حوادث سنة خمس وستين ومائتين ، والعكّي الشافعي ، والأسنوي في طبقات الشافعيّة ، ذكروا محمّد بن طلحة الشافعي صاحب مطالب السؤل في مناقب آل الرسول ، وأثنوا عليه ثناءً عظيماً ، وأنّه كان فقيهاً بارعاً عارفاً بالمذهب والاُصول والخلاف يرسل عن الملك وساد وتقدّم وسمع الحديث ، واللفظ لابن جماعة فراجع (١) .

نصّ محمّد بن يوسف الكنجي في كتابيه الغاية والبيان :

ومنهم : الإمام الحافظ أبو عبد اللَّه محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعي ، فإنّه قال في الباب الثامن من الأبواب التي ألحقها بأبواب الفضائل من كتابه كفاية الطالب بعد ذكره الأئمّة من ولد أمير المؤمنين عليه‌السلام ما لفظه بحروفه : وخلف يعني عليّ الهادي من الولد أبا محمّد الحسن ابنه .

ثمّ ذكر تاريخ ولادته ووفاته وقال : ابنه وهو الإمام المنتظر ونختم الكتاب بذكره مفرداً (٢) ، انتهى .

وكتب كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان ، وذكر فيه أربعة وعشرين باباً ، والباب الآخر في جواز بقاء المهدي مذ غيبته ، وذكر فيه مطالب شريفة ، عندنا بحمد اللَّه منه نسخة شريفة (٣) .

__________________

(١) انظر طبقات الشافعيّة لأبي الفداء الدمشقي ٢ : ٨٠٢ / ٨٨٧ ، وطبقات الشافعيّة لابن شهبة ٢ : ١٥٣ / ١٢١ ، ومرآة الجنان ٤ : ١٢٨ ، وطبقات الشافعيّة للأسنوي ٢ : ٢٨٢ / ١٢٠٠ .

(٢) كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب : ٤٥٨ .

(٣) اختصره من كتابه المسمّى بعقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر ، ونسخة عتيقة منه موجودة في كربلاء في مكتبة المرحوم السيّد هاشم القزويني .

٢٧

وأكثر الشيخ ابن الصبّاغ المالكي في فصول المهمّة من النقل عنه ، و يعبر عنه بالإمام الحافظ (١) ، وقد احتجّ الحافظ ابن حجر العسقلاني برواية محمّد بن طلحة الشافعي المذكور في شرحه على الصحيح المعروف بفتح الباري في شرح صحيح البخاري (٢) فراجع .

نصّ المسعودي :

ومنهم : عليّ بن الحسين أبو الحسين المسعودي ، ذكره ناصر السنّة تاج الدين السبكي في طبقات الشافعيّة الكبرى قال : أصله من بغداد، وأقام بها زماناً وبمصر أكثر ، وكان أخبارياً مفتياً علّامة ، صاحب ملح وغرائب ، سمع من نفطويه وابن زبر القاضي وغيرهما ، ورحل إلى البصرة فلقي بها أبا خليفة الجمحي ، ولم يعمر على ما ذكر ، وقيل : إنّه كان معتزلي العقيدة ، مات سنة خمس وأربعين أو ست وأربعين وثلاثمائة ، وهو الذي يملي عن أبي العبّاس ابن سُريح رسالة البيان عن اُصول الأحكام ، وهذه الرسالة عندي نحو خمس عشرة ورقة ، ذكر المسعودي في أوّلها : أنّه حضر المجلس لعيادة أبي العبّاس جماعة من حذّاق الشافعيّين والمالكيّين والكوفيّين والداوديّين وغيرهم من أصناف المخالفين ، فبينما أبو العبّاس يكلّم رجلاً من المالكيين إذ دخل عليه رجل معه كتاب مختوم ، فدفعه إلى القاضي أبي العبّاس ، فقرأه على الجماعة ، فإذا هو من جماعة الفقهاء المقيمين ببلاد الشاش يُعلِمونه أنّ الناس في ناحيتهم أرض شاش وفرغانة مختلفون في اُصول فقهاء الأمصار ممّن لهم الكتب المصنّفة والفتيا

__________________

(١) الفصول المهمّة : ١٤٧ ، ١٥٢ ، ١٧٤، ١٧٦ .

(٢) فتح الباري ١١ : ٧٤ .

٢٨

و يسألونه رسالة يذكر فيها اُصول الشافعي ومالك وسفيان الثوري وأبي حنيفة وصاحبيه وداوُد بن عليّ الإصبهاني ، وأن يكون ذلك بكلام واضح يفهمه العامي ، فكتب القاضي هذه الرسالة ، ثمّ أملى فيما ذكر المسعودي عليهم بعضها وعجز لضعفه عن إملاء الباقي ، فقرئ عليه والمسعودي يسمع (١) ، انتهى كلام التاج في الطبقات .

وترجمه صاحب كتاب فوات الوفيات محمّد بن شاكر بن أحمد الكتبي المتوفّي سنة ٧٦٤ ه ، قال : عليّ بن الحسين بن عليّ أبو الحسن المسعودي المؤرّخ طاب ثراه ، من ذريّة عبد اللَّه بن مسعود رضي‌الله‌عنه ، قال الشيخ شمس الدين : عداده في البغداديين وأقام بمصر مدّة ، وكان أخبارياً علّامة صاحب غرائب وملح ونوادر ، مات سنة ست وأربعين وثلاثمائة ، وله تصانيف : كتاب مروج الذهب ومعادن الجوهر في تحف الأشراف والملوك ، وكتاب ذخائر العلوم وما كان في سالف الدهور ، وكتاب الرسائل والاستذكار بما مرّ في سالف الأعصار ، وكتاب التاريخ في أخبار الاُمم من العرب والعجم ، وكتاب التنبيه والإشراف ، وكتاب خزائن الملوك وسرّ العالمين ، وكتاب المقالات في اُصول الديانات ، وكتاب أخبار الزمان ومن أباده الحدثان ، وكتاب البيان في أسماء الأئمّة ، وكتاب الخوارج ، واللَّه أعلم ، انتهى كلام الكتبي (٢).

و إنّما طوّلنا ليعلم مقام هذا المسعودي عند كبار علماء السنّة فيعتمد عليه وعلى نقله.

__________________

(١) طبقات الشافعيّة الكبرى ٣ : ٤٥٦ / ٢٢٥ .

(٢) فوات الوفيات ٣ : ١٢ / ٣٣٦ .

٢٩

عبارة كتاب المسعودي :

قال في كتاب أسماء الأئمّة المشار إليه : باب الحجّة بن الحسن صاحب العصر والزمان صلوات اللَّه وسلامه عليه ، هو الخلف الزكي ، بقيّة اللَّه في أرضه ، وحجّته على خلقه ، المنتظر لفرج أوليائه من عباده ، عليه سلام اللَّه ورحمته وبركاته وتحياته .

إلى أن قال : ونشأ الصاحب صلّى اللَّه عليه على منشأ آبائه عليهم‌السلام ، وقام بأمر اللَّه جلّ وعلا في يوم الجمعة لاحدى عشر ليلة مضت من شهر ربيع الأوّل سنة ستين ومائتين سرّاً إلّا عن ثقاته وثقات أبيه وله أربع سنين وسبعة أشهر .

إلى أن قال : وللصاحب عليه‌السلام منذ ولد إلى هذا الوقت ـ وهو شهر ربيع الأول سنة اثنين وثلاثين وثلثمائة ـ خمس وسبعين سنة وثمانية أشهر ، قام مع أبيه أبي محمّد أربع سنين وثمانية أشهر ، ومنها منفرداً بالإمامة أحدى وسبعين سنة ، وقد تركنا بياضاً لمن يأتي بعد والسلام (١) .

أقول : وهذا آخر الكتاب وقد طبع في هذا الأزمان بإيران .

ومنهم : صاحب روضة الأحباب في سيرة النبيّ والآل والأصحاب جمال الدين عطاء اللَّه بن فضل اللَّه الشيرازي النيسابوري الذي عدّه القاضي حسين الديار بكري في كتابه تاريخ الخميس من الكتب المعتمدة (٢) ، وذكره في كشف الظنون (٣) ، قال ما لفظه بحروفه : كلام در بيان إمام

__________________

(١) ما ذكره موجود في كتابه إثبات الوصيّة : ٢١٨ ـ ٢٣٢ ، مع اختلاف يسير .

(٢) تاريخ الخميس ١ : ٣ .

(٣) كشف الظنون ١ : ١٩٢ .

٣٠

دوازدهم محمّد بن الحسن عليهما‌السلام ، تولد همايون آن در درج ولايت وجوهر ومعدن هدايت بقول أكثر أهل روايت در منتصف شعبان سنة دويست وپنجاه وپنج در سامره اتفاق افتاد ، وكفته شده در بيست وسيم از شهر رمضان دويست پنجاه وهشت ، ومادر آن عالى كهر أم ولد بود ومسماة بصيقل يا سوسن وقيل : نرجس وقيل : حكيمة ، وآن إمام ذوي الاحترام در كنيت ونام با حضرت خير الأنام عليه وعلى آله تحف الصلاة والسلام موافقت دارد ، ومهدي منتظر ، والخلف الصالح ، وصاحب الزمان در ألقاب اُو منتظم است ، در وقت [ وفات ] پدر بزركوار خود بروايت كه بصحّت اقربست پنجساله بود ، وبقول ثاني دو ساله ، وحضرت واهب العطايا آن شكوفه كلزار را مانند يحيى بن زكريا ـ سلام اللَّه عليهما ـ در حالت طفوليت حكمت كرامت فرموده ، ودر وقت صبا بمرتبه بلند امامت رسانيده ، وصاحب الزمان يعنى مهدى دوران در زمان معتمد خليفه در سنه دويست وشصت وپنج يا شصت وشش على اختلاف القولين در سردابه سر من راى از نظر فرق برايا غائب شد (١) ، إلى آخر كلامه الصريح في موافقته للشيعة الإماميّة في العقيدة في محمّد بن الحسن بن عليّ العسكري المنتظر .

ومنهم : العالم الفاضل أبو العبّاس أحمد بن يوسف بن أحمد الدمشقي الشهير بالقرماني (٢) قال في كتابه أخبار الدول وآثار الاُول (٣) :

__________________

(١) روضة الأحباب ( مخطوط ) ، وانظر الإمام الثاني عشر لمحمّد سعيد العبقاتي : ٥٤ ، و إلزام الناصب للحائري ١: ٢٣٧ ، وأعيان الشيعة ٢ : ٦٨ .

(٢) المتوفّي سنة ١٠١٩ ه ، كما في كشف الظنون ١ : ٢٦ .

(٣) اضطراب في العنوان والتصويب من المصدر .

٣١

الفصل الحادي عشر في ذكر الخلف الصالح الإمام أبي القاسم محمّد بن الحسن العسكري ، وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين ، آتاه اللَّه فيها الحكمة كما اُوتيها يحيى صبياً ، وكان مربوع القامة ، حسن الوجه والشعر ، أقنى الأنف ، أجلى الجبهة ، واتّفق العلماء على أنّ المهدي هو القائم في آخر الوقت ، وقد تعاضدت الأخبار على ظهوره ، وتظاهرت الروايات على إشراق نوره ، وستسفر ظلمة الأيام والليالي بسفوره ، و ينجلي برؤيته الظلم انجلاء الصبح من ديجوره ، و يسير عدله في الآفاق فيكون أضوأ من البدر المنير في سيره (١) ، انتهى بلفظه .

نصّ المحدّث عليّ المتّقي في شرح المشكاة :

ومنهم : الشيخ المحدّث ابن حسام الدين عليّ المتّقي المصنّف المكثر ـ الذي أفرد العلّامة الكفائي (٢) مصنّفاته في تأليف لطيف وهي نحو مائة مؤلّف سماه القول النقي في مناقب المتّقي ـ ومن مؤلّفاته : المرقاة في شرح المشكاة (٣) ، قال فيه بعد ذكر حديث اثنى عشريّة الخلفاء بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله ما لفظه : وقد حمل الشيعة الاثنى عشريّة على أنّهم من أهل بيت النبوّة متوالية أعم من أنّ لهم خلافة حقيقيّة يعني ظاهراً أو استحقاقاً ، فأوّلهم : عليّ ، ثمّ الحسن ، والحسين ، فزين العابدين ، فمحمّد الباقر ، فجعفر الصادق ، فموسى الكاظم ، فعليّ الرضا ، فمحمّد التقي ، فعلي النقي ،

__________________

(١) أخبار الدول وآثار الاُول في التاريخ ١ : ٢٥٣ ـ ٢٥٤ .

(٢) كذا في النسخ والصواب : الفاكهي .

(٣) كذا في النسخ ، والظاهر وقوع سقط في العبارة أو تصحيف ، فإنّ المرقاة للملّا علي القارئ الهروي ، كما هو المعروف ، ولم نعهد أن لعلي المتّقي شرحاً على المشكاة .

٣٢

فحسن العسكري ، فمحمّد المهدي رضوان اللَّه تعالى عليهم أجمعين ، على ما ذكرهم زبدة الأولياء خواجه محمّد پارسا في كتاب فصل الخطاب (١) مفصلة ، وتبعه مولانا نور الدين عبد الرحمن الجامي في أواخر شواهد النبوّة (٢) ، وذكر فضائلهم ومناقبهم وكراماتهم مجملة ، وفيه ردّ على الروافض حيث يظنّون بأهل السنّة أنّهم يبغضون أهل البيت باعتقادهم الفاسد ووهمهم الكاسد (٣) ، انتهى .

فهو في آخر كلامه صدّق بما ذكره زبدة الأولياء خواجه محمّد پارسا في فصل الخطاب ومولانا الجامي في شواهد النبوّة ، وقد تقدّم لفظ محمّد پارسا في فصل الخطاب (٤) .

وأمّا كلام نور الدين عبد الرحمن الجامي في أواخر شواهد النبوّة فصريح في أنّ الحجّة ابن الحسن هو الإمام الثاني عشر ، وذكر غرائب حالاته وولادته و بعض كراماته ، ونصّ على أنّه الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً ، وذكر حديث حكيمة في حضورها ولادة المهدي بطوله ، وروى أيضاً أنّه لمّا ولد جثا على ركبتيه ورفع سبّابته إلى السماء وعطس فقال : « الحمد للَّه ربّ العالمين » . وروي عن من رآه بعينه في حجر أبيه أبي محمّد الحسن العسكري ، وأنّه قال : « هذا ولدي اسمه اسم رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله وكنيته كنيته هو الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً » ، فراجع شواهد النبوّة (٥) فإنّ فيه جملة من شواهد إمامة المهدي .

__________________

(١) فصل الخطاب ( مخطوط ) .

(٢) شواهد النبوة : ٢٥٨ .

(٣) انظر مرقاة المفاتيح للملّا علي القاري ١١ : ١٣٥ / ٥٩٨٣ .

(٤) راجع ص : ٢٥ .

(٥) شواهد النبوّة : ٢٧٨ .

٣٣

عمل الناصر العبّاسي :

ومنهم : الخليفة الناصر لدين اللَّه أحمد العبّاسي بن المستضي‏ء ، فإنّه ممّن اعتقد تولّد المهدي محمّد بن الحسن العسكري ، وأنّه المنتظر القائم ، حتّى أمر بعمارة السرداب الشريف في سامراء لكونه موضع غيبته ، وجعل على الصفّة التي في السرداب التي كان المهدي يجلس عليها الشبّاك الموجود على الصفّة إلى الآن ، وهو من خشب الساج ، وقد نقش عليه ما هذا صورته :

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

( قُل لَّآ أَسْلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى وَ مَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ) (١) ، هذا ما أمر بعمله سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على جميع الأنام أبو العبّاس أحمد الناصر لدين اللَّه أمير المؤمنين وخليفة رسول ربّ العالمين ، الذي طبق البلاد إحسانه وعدله ، وعمّ البلاد رأفته وفضله ، قرّب اللَّه أوامره الشريفة باستمرار النجح والنشر ، وناطها بالتأييد والنصر ، وجعل لأيّامه المخلّدة حدّاً لا يكبو جواده ، ولآرائه الممجّدة سعداً لا يخبو زناده ، في غرٍ تخضع له الأقدار فيطيعه عواميها ، وملك خشع له الملوك فيملكه نواصيها ، بتولّي المملوك معد بن الحسن بن معد الموسوي ، الذي يرجو الحياة في أيّامه المخلّدة ، و يتمنّى إنفاق عمره في الدعاء لدولته المؤبّدة ، استجاب اللَّه أدعيته ، و بلّغه في أيّامه الشريفة اُمنيته ، من سنة ست وستمائة الهلالية ، وحسبنا اللَّه ونعم الوكيل ، وصلّى اللَّه

__________________

(١) سورة الشورى ٤ : ٢٣ .

٣٤

على سيّدنا خاتم النبيّين وعلى آله الطاهرين وعترته وسلّم تسليماً (١) .

ونقش أيضاً في الخشب الساج داخل الصفّة في وسط الحائط مستديراً :

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

محمّد رسول اللَّه ، أمير المؤمنين عليّ ولي اللَّه ، فاطمة ، الحسن بن عليّ ، الحسين بن علي ، عليّ بن الحسين ، محمّد بن عليّ ، جعفر بن محمّد ، موسى بن جعفر ، عليّ بن موسى ، محمّد بن عليّ ، عليّ بن محمّد ، الحسن بن عليّ ، القائم بالحقّ بن الحسن عليهم‌السلام ، هذا عمل عليّ بن محمّد ولي آل محمّد رحمه‌الله (٢) ، انتهى .

أقول : ولو كانت علماء عصره متّفقة على نفيه وعدم ولادته أو موته لما قدر الناصر على الأمر بما ذكرناه ، والخليفة الناصر كان من المحدّثين والعلماء بالحديث .

قال جلال الدين السيوطي في تاريخه للخلفاء : وأجاز له جماعة منهم: أبو الحسن عبد الحقّ اليوسفي ، وأبو الحسن عليّ بن عساكر البطايحي وشهده ، وأجاز هو لجماعة فكانوا يحدّثون عنه في حياته و يتنافسون في ذلك رغبة في الفخر لا في الإسناد (٣) .

وقال الموفّق عبد اللطيف : وفي وسط ولايته اشتغل برواية الحديث ، واستناب نوّاباً في الإجازة عنه والتسميع ، وأجرى عليهم جرايات ، وكتب للملوك والعلماء إجازات ، وجمع كتاباً سبعين حديثاً ، ووصل إلى حلب

__________________

(١ و ٢) انظر إلزام الناصب ١ : ٣٣٣ ، النجم الثاقب : ٢٧ ، وأعيان الشيعة ٢ : ٥٠٧ .

(٣) تاريخ الخلفاء : ٤٤٨ .

٣٥

وسمعه الناس (١) .

قال الذهبي : أجاز الناصر لجماعة من الأعيان فحدّثوا عنه منهم : ابن سكينة ، وابن الأخضر ، وابن النجّار ، وابن الدامغاني وآخرون (٢) ، انتهى .

أقول : ومن هنا ذكرناه هنا فيمن نصّ على ولادة المهدي لتبرزه في العلم والحديث فاغتنم .

ومنهم : الملك المؤيّد عماد الدين أبو الفداء إسماعيل صاحب حماة ، صاحب كتاب نظم الحاوي الصغير ، وكتاب نوادر العلم في مجلّدين ، وكتاب الكناس كذلك ، وكتاب تقويم البلدان ، وكتاب الموازين ، وكتاب التاريخ المسمّى ب المختصر في أخبار البشر .

قال في الأخير في صفحة ٤٨ من الجزء الثاني المطبوع بدار الطباعة العامرة الشاهانية بقسطنطينية مقرّ السلطنة السنيّة ما لفظه بحروفه : والحسن العسكري المذكور هو والد محمّد المنتظر صاحب السرداب ، ومحمّد المنتظر المذكور هو ثاني عشر الأئمّة الاثنى عشر على رأي الإماميّة ، ويقال له : القائم ، والمهدي ، والحجّة ، وولد المنتظر المذكور في سنة خمس وخمسين ومائتين ، والشيعة يقولون : دخل السرداب في دار أبيه بسرّ من رأى واُمّه تنظر إليه فلم يعد يخرج إليها ، وكان عمره حينئذٍ تسع سنين وذلك في سنة خمس وستّين ومائين ، وفيه خلاف (٣) ، انتهى فراجع .

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ٢٢ : ١٩٧ ، وتاريخ الخلفاء : ٤٥١ .

(٢) تاريخ الإسلام ٤٥ : ٨٨ ، وانظر تاريخ الخلفاء : ٤٥١ .

(٣) تاريخ أبي الفداء ١ : ٣٦١ . وانظر تاريخ ابن الوردي ١ : ٢٢٣ .

٣٦

سبط بن الجوزي :

ومنهم : الإمام في الوعظ والحديث وحيد عصره وفريد دهره جمال الدنيا والدين بقيّة العلماء العاملين بركة الملوك والسلاطين يوسف سبط بن الجوزي رضي‌الله‌عنه فإنّه قال في تذكرة خواص الأئمّة : فصل : هو محمّد بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ ابن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام، وكنيته أبو عبد اللَّه وأبو القاسم ، وهو الخلف الحجّة صاحب الزمان القائم المنتظر والتالي ، وهو آخر الأئمّة ، أخبرنا عبد العزيز بن محمود بن البزّاز ، عن ابن عمر قال : قال رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : « يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي ، اسمه كاسمي ، وكنيته ككنيتي ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ، فذلك هو المهدي » قال : وهذا حديث مشهور ، إلى آخر كلامه (١) .

نور الدين ابن الصبّاغ :

ومنهم الشيخ نور الدين عليّ بن محمّد المعروف بابن الصبّاغ المكّي المالكي المحدّث المشهور فإنّه قال في كتابه المسمّى الفصول المهمّة لمعرفة الأئمّة ما هذا لفظه : الفصل الثاني عشر في ذكر أبي القاسم محمّد الحجّة الخلف الصالح بن أبي محمّد الحسن الخالص ، وهو الإمام الثاني عشر ، وتاريخ ولادته ، ودلائل إمامته ، وذكر طرف من أخباره وغيبته ومدّة قيام دولته ، وذكر نسبه وكنيته ولقبه وغير ذلك . ثمّ ذكر تفصيل ذلك فراجعه (٢)

__________________

(١) تذكرة الخواص : ٣٢٥ .

(٢) الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : ٢٩١ .

٣٧

ثمّ لا يخفى على خبير جلالة الشيخ نور الدين بن الصبّاغ المذكور ، فقد ذكره الحافظ السخاوي (١) في كتابه الضوء اللامع في أحوال القرن التاسع بكلّ جميل وله فيه ترجمة طويلة (٢).

وكذلك ذكره في التعظيم أحمد بن عبد القادر العجيلي الشافعي (٣) في ذخيرة المال في مسألة الخنثى ، ونقل عن كتابه هذه جماعة معتمدين عليه من أعلام السنّة ، كالمطيري المدني عبد اللَّه بن محمّد المطيري الشافعي من النقشبنديّة في كتابه الرياض الزاهرة (٤) ، ونور الدين السمهودي في جواهر العقدين (٥) ، وبرهان الدين الحلبي الشافعي في السيرة المعروفة بالحلبيّة (٦) وغيرهم ، فهو الحجّة في الحديث وعالم السنّة فيه .

ومنهم : العلّامة أبو الوليد محمّد بن الشحنة (٧) في كتابه تاريخ الأوائل والأواخر المسمّى بروضة المناظر قال : وفي سنة أربع وخمسين ومائتين قُتل بغا الصغير المعروف بالشرابي وحمل رأسه إلى المعتز ، وفيها توفّي عليّ الزكي بن محمّد الجواد و يقال له : العسكري ، وكان مولده في

__________________

(١) شمس الدين أبو الخير محمّد بن عبد الرحمن ، القاهري المولد ، والشافعي المذهب ، نزيل الحرمين الشريفين ، تلميذ ابن حجر العسقلاني ، توفّي سنة ٩٠٢ ه بالمدينة المنوّرة . مقدمة الضوء اللامع ١ : ٢ .

(٢) الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ٥ : ٢٨٣ / ٩٥٨ .

(٣) المتوفّي سنة ١٢٣٠ ه ، مؤرّخ أديب متفقّه ، ومن كتبه : ذخيرة المآل . الأعلام للزركلي ١ : ١٥٤ .

(٤) حكاه عنه في الزام الناصب في إثبات الحجّة الغائب ١ : ٣٤٠ .

(٥) جواهر العقدين ٢ : ٢٢٥ .

(٦) السيرة الحلبيّة ١ : ٨٤ و ٣ : ١٢٩ .

(٧) القاضي زين الدين الحلبي الحنفي ، المعروف بابن الشحنة ، ولد سنة ٧٤٩ ه وتوفّي سنة ٨١٥ ه . الأعلام للزركلي ٧ : ٤٤ .

٣٨

رجب سنة أربع عشر ومائتين لسكناه بسرّ من رأى ، لأنّ اسمها العسكر لسكنى العسكر بها ، وعاشر الأئمّة الاثنى عشر على مذهب الإماميّة ، وحادي عشرهم ولده الحسن العسكري ، ولد الحسن المذكور في سنة ثلاثين ومائتين ، وتوفّي سنة ستيّن ومائتين ، ودفن إلى جانب أبيه بسرّ من رأى ، وولد لهذا الحسن ولده المنتظر ثاني عشرهم ويقال له : المهدي ، والقائم ، والحجّة محمّد ، ولد في سنة خمس وخمسين ومائتين ، تزعم الشيعة أنّه دخل السرداب الذي بدار أبيه في سرّ من رأى واُمّه تنظر إليه فلم يخرج منه إلى الآن ، وكان عمره تسع سنين (١) ، انتهى بلفظه بحروفه .

فهو مثبت لولادته ولا ينكرها بل أرّخها وضبطها ولم ينف إمكان بقائه بل سكت عن ذلك .

ومنهم : العلّامة عزّ الدين بن الأثير الجزري فإنّه قال في حوادث سنة ستين ومائتين في الجزء السابع من تاريخ الكامل وفي صفحة ١٠٨ المطبوع بالمطبعة الأزهرية سنة ١٣٠١ ما لفظه بحروفه : فيها توفّي الحسن بن عليّ ابن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، أبو محمّد العلوي العسكري ، وهو أحد الأئمّة الاثنى عشر على مذهب الإماميّة ، وهو والد محمّد الذي يعتقدونه المنتظر بسرداب سامرا ، وكان مولده سنة اثنين وثلاثين ومائتين (٢) ، انتهى .

فهو ناصّ على تولّده من الحسن العسكري وأنّ اسمه محمّد .

ومنهم : الإمام العلّامة ابن الوردي قال في تاريخه ما لفظه : ولد محمّد بن الحسن الخالص سنة خمس وخمسين ومائتين ، وتزعم الشيعة

__________________

(١) روضة المناظر : ١٥٧ ـ ١٥٨ .

(٢) الكامل في التاريخ ٧ : ٢٧٤ .

٣٩

أنّه دخل السرداب في دار أبيه بسرّ من رأى واُمّه تنظر إليه فلم يعد إليها ، وكان عمره تسع سنين ، وذلك في سنة خمس وستين [ ومائتين ] على خلاف فيه (١) ، انتهى .

ومنهم : الحافظ أبو المجد عبد الحقّ الدهلوي البخاري الهندي المحدّث الفقيه صاحب التصانيف الكثيرة ، قال في رسالته في مناقب أئمّة أهل البيت التي أشار إليها هو في كتابه تحصيل الكمال قال ما لفظه : وأبو محمّد الحسن العسكري ولده محمّد رضي اللَّه عنهما معلوم عند خواصّ أصحابه وثقاته (٢) .

ثمّ ذكر حديث ولادته الشريفة ، وأنّها في النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين .

والشيخ عبد الحقّ الدهلوي المذكور من مشاهير علماء الحنفيّة ، وأساتيذ علماء السنّة ، وقد ترجموا أحواله في جملة من المصنّفات ، مثل أبجد العلوم للصدّيق حسن خان (٣) ، فإنّه بالغ في مدحه ، وذكر أنّ له مائة مجلّد في التصنيف ، وذكره صاحب منتخب التواريخ عبد القادر (٤) المعاصر له ، وكذا ذكر صاحب منتخب اللباب (٥) ، وكذا ذكره حسنان الهندي المولى

__________________

(١) تاريخ ابن الوردي ١ : ٣٢٣ .

(٢) حكاه عنه في النجم الثاقب للعلّامة النوري ١ : ٣٩٦ / ١٢ ، و إلزام الناصب في إثبات الحجّة الغائب ١ : ٣٢٧ / ١٠ .

(٣) الدهلوي ، ولد سنة ٩٥٨ ه ، وتوفّي سنة ١٠٥٢ ه . أبجد العلوم ٣ : ١٨٢ .

(٤) الشيخ عبد القادر الهندي البداوني الصوفي الفقيه الحنفي ، توفّي سنة ١٠٠٤ ه صنف تاريخ كشمير فارسي ، ومنتخب التواريخ . هدية العارفين ١ : ٥٩٩ .

(٥) من تأليف محمّد هاشم علي خان ، المعروف بخانى خان نظام الملكي ، المتوفّي سنة ١١٤٤ ه إيضاح المكنون ٢ : ٥٦٨ ، وراجع الذريعة ٢٢ : ٤٢٨ / ٧٧٣٣ .

٤٠