علم الأصول تاريخاً وتطوراً

علي الفاضل القائيني النجفي

علم الأصول تاريخاً وتطوراً

المؤلف:

علي الفاضل القائيني النجفي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢١٢

٢ ـ ترتيبها بحسب الأبواب الفقهية المتّبعة في تصانيف الفقهاء (من كتاب الطهارة الى كتاب الدّيات).

أوّل من ألّف وصنّف في «آيات الأحكام» أو فقه القرآن هو محمد بن السائب الكلبي كما قال السيد الصدر في تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام (١).

ويؤيّد كلام السيد الصدر قول ابن النديم في الفهرست عند ذكره للكتب المؤلفة في أحكام القرآن ما لفظه :

كتاب أحكام القرآن للكلبي ، رواه عن ابن عبّاس (٢)

وهذا لا يتّفق وما أورده السيوطي في كتابه «الأوائل» : من انّ الإمام الشافعي هو أوّل من صنّف كتابا في آيات الأحكام ، فانّ محمد بن السائب الكلبي توفي في سنة (١٤٦) هجرية كما سنرى بينما نجد انّ الإمام الشافعي قد توفي سنة (٢٠٤) هجرية ، وكان له من العمر (٥٤) سنة.

وذكر في طبقات النحاة أوّل من كتب في أحكام القرآن هو القاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف البياتي القرطبي الأندلسي الأخباري اللغوي المتوفى (٣٠٤) ه عن ثلاث وسبعين سنة (٣).

وأيّا ما كان فهو متأخّر عن محمد بن السائب ، اللهم إلّا أن يريد أوّل من صنّف في هذا من علماء السنة والجماعة ، وذلك لا ينافي لما ذكرنا من تقدّم أصحابنا الإمامية في ذلك.

وقد ألّف وصنّف من علماء الشيعة في فقه القرآن جمّ غفير ، وسنتعرّض فيما يلي الى أهمّ من كتب في ذلك :

١ ـ أبو النضر محمد بن السائب الكلبي المتوفى (١٤٦) ه وكان من أصحاب الإمام أبي جعفر الباقر ، والإمام أبي عبد الله الصادق عليهما‌السلام.

٢ ـ أبو الحسن مقاتل بن سليمان بن بشر بن زيد بن أدرك بن بهمن الخراساني البلخي ثمّ

__________________

(١) تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام / ٣٢١.

(٢) فهرست ابن النديم / ٥٧.

(٣) تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام / ٣٢١.

٢١

الرازي المتوفى (١٥٠).

٣ ـ أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي الكوفي المتوفى (٢٠٦) وكان كأبيه من أصحاب الصادقين عليهما‌السلام.

٤ ـ الوزير أبو الحسن عبّاد بن عبّاس بن عبّاد الطالقاني المتوفى (٣٨٥).

٥ ـ ابنه الوزير كافي الكفاة الصاحب اسماعيل بن عبّاد المتوفى (٣٨٥).

٦ ـ قطب الدين أبو الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي المتوفى (٥٧٣).

٧ ـ أبو الحسن محمد بن الحسين بن الحسن البيهقي النيشابوري الكيدري المتوفى بعد (٥٧٦).

٨ ـ فخر الدين أحمد بن عبد الله بن سعيد بن المتوّج البحراني المتوفى بعد (٧٧١).

٩ ـ أبو عبد الله المقداد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمد السيوري الأسدي الحلي النجفي المتوفى (٨٢٦).

١٠ ـ جمال الدين أحمد بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن المتوّج البحراني المتوفى بعد (٨٣٦).

١١ ـ ناصر بن جمال الدين أحمد المتوفى حدّ (٨٦٠).

١٢ ـ كمال الدين حسن بن شمس الدين محمد الاسترابادي النجفي المتوفى حد (٩٠٠).

١٣ ـ شرف الدين علي بن محمد الشهفينكي المتوفى (٩٠٧).

١٤ ـ أحمد بن محمد المحقق الأردبيلي النجفي المتوفى (٩٩٣).

١٥ ـ أبو الفتح بن الأمير مخدوم بن الأمير شمس الدين محمد الحسيني المتوفى سنة (٩٨٦).

١٦ ـ شجاع الدين محمود بن علي الحسيني المرعشي المازندراني توفي زمن السلطان طهماسب الأول الصفوي.

١٧ ـ مرزا محمد بن علي بن ابراهيم الحسيني الأسترآبادي المتوفى سنة (١٠٢٦).

١٨ ـ رفيع الدين محمد الصدر بن شجاع الدين الحسيني المرعشي المتوفى سنة (١٠٣٤).

١٩ ـ محمد اليزدي الشهير بشاه قاضي المتوفى حد (١٠٤٠).

٢٠ ـ محمد بن الحسين العاملي المتوفى حد (١٠٨٠).

٢١ ـ محمد سعيد بن سراج الدين قاسم الطباطبائي القهبائي المتوفى سنة (١٠٩٢).

٢٢ ـ محمد بن علي بن حيدر الموسوي العاملي المكّي المتوفى سنة (١١٣٩).

٢٣ ـ المرزا محمد ابراهيم الشهير بالميرزا إبراهيم الحسيني التبريزي المتوفى سنة (١١٤٩).

٢٤ ـ أحمد بن اسماعيل الجزائري المتوفى سنة (١١٥٠).

٢٥ ـ ملّا محمد جعفر بن سيف الدين الاسترابادي الشهير بشريعتمدار المتوفى سنة (١٢٦٣).

٢٦ ـ علي بن ملّا محمد جعفر الاسترابادي الشريعتمداري المتوفى سنة (١٣١٥).

٢٧ ـ محمد ثقة الاسلام بن فضل الله الساروي المتوفى سنة (١٣٤٢).

٢٨ ـ محمد مهدي البنابي المراغي الحائري المتوفى سنة (١٣٤٥).

٢٩ ـ محمد باقر بن محمد حسن القايني البيرجندي المتوفى سنة (١٣٥٢). (١)

__________________

(١) ولمزيد الاطلاع فليراجع كتاب الذريعة ٤ : ٢٣١.

٢٢

ثانيا السنة :

وهي عبارة عن قول وفعل وتقرير النبي أو الإمام.

فلو ثبت من طريق الأحاديث ان حكما بيّنه النبي أو الإمام ، أو حصل لنا العلم بأن المعصوم فعل شيئا ، أو أتى بعمل. أو ثبت انّ عملا أتى به أحد أصحابه في مرئى ومسمع منع ولم يردع ويمنع عنه فان عدم ردعه عن ذلك العمل إمضاء له.

ولا خلاف بين طوائف المسلمين في حجّيّة السنة ، انّما حصل الخلاف في أمرين :

الأمر الأوّل ـ هل السنة هي الروايات المنقولة عن النبي «ص» ولم تشمل روايات أئمة أهل البيت «ع»؟ أو انّ السنة تشمل ذلك أيضا؟

ذهب أهل السنة والجماعة الى حجيّة السنة النبوية فقط ، وامّا الشيعة فيعتبرون أقوال الأئمة «ع» ، وأفعالهم ، وتقريراتهم امتدادا للسنّة النبوية المطهّرة في عملية الاستنباط ، وذلك استنادا الى روايات وردت عن الرسول «ص» ولم ينفرد الشيعة بروايتها ، وإنّما ذكرت في مجاميع أهل السنة أيضا مثل قوله «ص» : انّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما ، وانّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض (١).

الأمر الثاني ـ هل انّ حجيّة السنة والعمل بها يتوقّف على ما كان قطعي الصدور من قول وفعل وتقرير المعصوم؟ أم انّ الحجيّة تتعدّى الى أبعد من ذلك فتشمل ما كان ظنّي الصدور وخبر الواحد؟ وإذا كانت الحجية تتوقّف على الروايات القطعية فكيف تكون حال المسلمين ونحن نعلم انّ الروايات المقطوع بصدورها عنهم «ع» قليلة جدا؟

فقد ذهب أبو حنيفة الى عدم الاعتماد على الأحاديث في الاستنباط إلّا على سبعة عشر حديثا ، بينما ذهب جماعة الى الاعتماد حتى على الضعيف في الأحاديث.

وغير خفيّ على المرء ما بين هذين المذهبين من تناقض واضح. وأمّا الشيعة

__________________

(١) صحيح مسلم ٤ : فضائل علي «ع» الحديث ٣٦ ـ ٣٧ ، ومسند أحمد ٣ : ١٧.

٢٣

فقد اقتصروا في الاعتماد على الأحاديث الصحيحة والموثقة ، ومعنى الصحيحة : الأحاديث التي صدرت عن راو عدل إماميّ.

ومعنى الموثقة : الأحاديث التي صدرت عن راو ثقة وإن لم يكن إماميا.

وهنا يبرز دور علم الرجال الذي يبحث في أحوال رواة الحديث من جرح وتعديل ، وسائر الأقوال التي وردت فيهم.

ولا يختص هذا العلم بالشيعة فقط ، بل لأهل السنّة فيه كتب وتصانيف كثيرة.

وإن كان بين الشيعة جماعة تسمّى ب «الأخباريين» وهم يعتمدون على الأحاديث المرويّة في الكتب الأربعة :

١ ـ الكافي : لأبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني المتوفى سنة (٣٢٨) ه.

٢ ـ من لا يحضره الفقيه : لأبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي المتوفى سنة (٣٨١).

٣ ـ تهذيب الأحكام.

٤ ـ كتاب الاستبصار : كلاهما لأبى جعفر محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة (٤٦٠) ه.

وفي موضع آخر سوف نتكلّم عن هؤلاء العلماء بتفصيل أكثر.

ثالثا الإجماع :

الإجماع هو اتّفاق آراء علماء الاسلام في مسألة.

وعند الشيعة الاجماع ليس حجّة بنفسه ، وإنّما بلحاظ كونه كاشفا عن رأي المعصوم ورضاه.

وعند أهل السنة فان الإجماع حجّة بنفسه ، فلو انّ علماء المسلمين أجمعوا على مسألة من المسائل في عصر من العصور كان اجماعهم حجّة ، وهو في قوة الحكم الإلهي الذي لا تجوز تخطئته.

٢٤

رابعا العقل :

والعقل عبارة : عن قوة في النفس معدّة لقبول العلم والإدراك ، ولذا قيل : انّه نور روحاني تدرك النفس به العلوم الضرورية النظرية. فلو كان للعقل حكم قطعي في مسألة فهذا الحكم يكون حجة ، لحجيّة مدركات العقل ، وهو مرجعا علميا عند فقدان الدليل ، ويكون حكم العقل حكما شرعيا مستنبطا.

خامسا في امور أخرى تقع في طريق الاستنباط :

ذكر علماء الأصول في مقام تحديد موضوع علم الأصول انّ موضوعه الأدلة الأربعة : الكتاب والسنّة والإجماع والعقل.

اعترض على ذلك : بأنّ الأدلة الأربعة ليست عنوانا جامعا لجميع موضوعات مسائل علم الأصول ، فمثلا مسائل الاستلزامات موضوعها الحكم ، إذ يقال مثلا : انّ الحكم بالوجوب على شيء هل يستلزم تحريم ضده أو لا؟.

ومسائل حجيّة الإمارات الظنيّة كثيرا ما يكون موضوعها الذي يبحث عن حجيّة شيء خارج عن الأدلة الأربعة ، كالشهرة ، وخبر الواحد.

ومسائل الأصول العملية موضوعها الشك في التكليف على أنحائه ، وهو أجنبي عن الأدلة الأربعة أيضا.

ولذا عدل المحقّق الخراساني عن تعريف المشهور وقال : انّ موضوع علم الأصول هو الكلي المنطبق على موضوعات مسائله المتشتّة لا خصوص الأدلة الأربعة ... (١)

وقال الشهيد السيد الصدر : انّ موضوع علم الأصول هو كلّ ما يترتّب أن يكون دليلا وعنصرا مشتركا في عملية استنباط الحكم الشرعي والاستدلال عليه ، والبحث في كلّ مسألة أصولية ، إنّما يتناول شيئا ممّا يترتب أن يكون كذلك ، ويتّجه الى

__________________

(١) كفاية الأصول ١ : ٦.

٢٥

تحقيق دليليّته والاستدلال عليها اثباتا ونفيا ، فالبحث في حجية الظهور أو خبر الواحد أو الشهرة بحث في دليليتها ، والبحث في أنّ الحكم بالوجوب على شيء هل يستلزم تحريم ضدّه بحث في دليليته الحكم بوجوب شيء على حرمة الضدّ ، ومسائل الأصول العملية يبحث فيها عن دليليته الشك وعدم البيان على المعذرية ، وهكذا ...

فصح انّ موضوع علم الأصول هو الأدلة المشتركة في الاستدلال الفقهي ، والبحث الأصولي يدور دائما حول دليليتها (١).

وبعد أن تعرّفنا على الأدلة التي تستخدم في عملية الاستنباط فتأدّى الى ما يعرف لدينا بالاجتهاد ، لا بدّ أن نتكلّم شيئا عن الاجتهاد من حيث تاريخه وأهميته.

يبرز السؤال التالي هل انّ فقهاء الإمامية أخذوا يستفيدون من هذه الأدلة بعد عصر الأئمة «ع»؟ ، أو انّهم كانوا يستفيدون منها مع وجود الأئمة «ع»؟ ، والفصل التالي كفيل ببيان هذه المسألة.

__________________

(١) دروس في علم الأصول الحلقة الثانية / ١٠ ـ ١١.

٢٦

الفصل الثاني الاجتهاد

في عصر الأئمة

* في الأدلة العقلية

* في الأدلة النقلية

* روايات الأدلة النقلية

* كلام السيد الصدر

٢٧
٢٨

الاجتهاد في عصر الأئمة «ع» :

إنّ أكثر الباحثين تصوّروا : انّ الاجتهاد الذي هو عبارة عن التفريع ورد الفروع على الأصول ، ومعنى ذلك انّ الفقيه يستنبط حكما فرعيا من قاعدة عامة (أصل من أصول الفقه) فمثلا انّ المجتهد الذي يقول باعتبار حجيّة خبر الثقة أصلا من أصول الفقه من جهة ومن جهة أخرى ورد خبر الثقة ناصا على انّ البسملة جزء من كلّ سورة ، فعلى هذا المجتهد في مثل هذه الحال ان يعتبر البسملة جزءا من كلّ سورة بناء على الأصل الذي اعتبره.

إنّ هؤلاء الباحثين تصوّروا بأنّ الاجتهاد بهذا المعنى أمر حادث لم يكن في عصر الأئمة «ع» ، وانّ عملية الاجتهاد عند الشيعة قد وجدت بعد انقضاء عصر الأئمة «ع».

وإنّ عملية الاجتهاد كانت ثابتة حتى في عهد الرسول عند أهل السنة ، فكان الصحابة عند الحاجة يجتهدون في عصر الرسول.

قال المحقق الشيخ آغا بزرك الطهراني : بل ذكر في بعض التواريخ وجزم به المقريزي : «انّ العشرة المبشّرة كانوا يجتهدون ، ويفتون في حياة النبي «ص» ...

وعلى كلّ حال فلا شبهة في أنّ الأصحاب صاروا مرجعا للأحكام الدينية بعد وفاته ونفروا الى أطراف البلاد الاسلامية ، ونزلوا بها لتعليم القرآن والأحكام.

٢٩

قال المقريزي : انّ الأصحاب تفرّقوا بعد رحلة النبي «ص» الى البلاد. وبقي بعضهم في المدينة مع أبي بكر ، فكان أبو بكر يقضي بما كان عنده من الكتاب والسنة ، فان لم يكن عنده شيء سأل من بحضرته من الأصحاب ، فان لم يكن عندهم شيء اجتهدوا في الحكم (١).

ومن الأسباب التي يذكرها القائلون بأنّ عملية الاجتهاد مختصة بأهل السنة وإنّ الشيعة لم يكن لديهم اجتهاد ما دام أئمتهم بينهم : انّ الشيعة لم يكونوا بحاجة الى الاجتهاد لوجود أئمتهم بين ظهرانيهم ، ومعنى ذلك انّهم إذا احتاجوا الى مسألة أو حكم شرعي أخذوها مباشرة عن الأئمة «ع» إلّا إذا تعذّر الوصول الى الإمام فعندئذ يضطرّون الى اللجوء الى الأصول العلمية لاستنباط الحكم الشرعي منها ، ومع القدرة لتحصيل العلم بالحكم الشرعي بواسطة السؤال عن الأئمة «ع» ما هي الحاجة الى الاجتهاد في تحصيل الأحكام الشرعية؟

سواء قلنا انّ الاجتهاد عبارة عن : التفريع وردّ الفروع الى الأصول ، كما مثلناه ، أو قلنا انّ الاجتهاد هو بمعنى القياس والرأي كما تذهب اليه أهل السنة.

ومن أولئك الذين يزعمون بتأخّر الشيعة في الرجوع الى الاجتهاد الدكتور «مستر چارلز آدامس» قال : لو أردنا أن نفهم لما ذا تأخّر الشيعة في عملية الاجتهاد عن أهل السنة لسنا بحاجة الى أن نذهب بعيدا في هذه المسألة ، انّ الشيعة لم يحتاجوا الى الرجوع الى «أصول الفقه» مع وجود الأئمة فيما بينهم ، ولم يستعينوا في حلّ مشاكلهم بعملية الاجتهاد ، لكن بعد غيبة الامام الثاني عشر «ع» تغيّرت الفكرة الشيعية ، والتجأت الى الاجتهاد ومراجعة الأدلة (٢).

وذهب الى هذا الزعم أيضا الاستاذ محمود الشهابي (٣). وقد تابعة في هذه الفكرة بعض المتأخرين.

__________________

(١) تاريخ حصر الاجتهاد / ٩٠ ، والخطط المقريزية ٢ : ٣٣٢.

(٢) هزاره شيخ طوسي ٢ : ٢٧.

(٣) تقريرات الأصول / ٤٣.

٣٠

ولقد عقدنا هذا الفصل من أجل تزييف هذا الزعم وابطال حجج زاعميه ، وهو ينقسم الى مبحثين :

المبحث الأول في الأدلة العقلية.

المبحث الثاني في الأدلة النقلية.

الأول في الأدلة العقلية :

أـ انّ الفكرة التي تزعم بأنّ باب العلم كان مفتوحا في عصر الأئمة ، ومعه لم تكن حاجة الى الاجتهاد والفتوى ـ : انّ الأئمة كانوا غالبا يعيشون في «المدينة المنورة» المعهد الثقافي الاسلامي الذي وضع حجره الأساس الرسول الأعظم «ص» فكان يتيسّر للشيعة القاطنين هناك الوصول الى أئمتهم ويأخذوا عنهم الأحكام ، وامّا بقية الشيعة الذين كانوا يعيشون في البلدان المختلفة كالعراق وخراسان ... فكيف كانوا يتلقّون الأحكام الشرعية ، وعن أيّ طريق كانوا يأخذونها عن الأئمة «ع»؟ ولأجل ذلك كانوا يراجعون تلامذة الأئمة وأصحابهم ، ورواة الحديث عنهم ، أو الذي حضر مدة عند الامام واستنار من مجلسه الشريف ، حتى كان لبعض أصحاب الأئمة كتبا ورسائل كانت تحتوي على ما سمعه من الأئمة.

وبما انّ المسائل الشرعية كان يتكرر السؤال عنها فكان رواة الحديث يعرفون حكمها لعلمهم بالجواب الصادر عن الأئمة حول تلك الأسئلة.

وتارة تكون المسائل التي يرجع الشيعة فيها الى الرواة وأصحاب الأئمة من المسائل المستحدثة التي لم يسبق لهم معرفة حكمها ، فكان عليهم البحث عن حكم هذه المسائل المشكلة.

والتاريخ يذكر لنا : انّ الشيعة في العراق وخراسان ، وسائر البلدان كانوا يجمعون أسئلتهم ويرسلونها مع الحجاج ، وكان الجواب قد لا يصل اليهم إلّا بعد ستة أشهر أو سنة.

ب ـ في حال كون الأئمة «ع» في السجن وتحت المراقبة والاقامة الجبرية لفترات

٣١

من الزمن ، فالامام الصادق «ع» كان فترة من الزمن تحت المراقبة الشديدة في زمن المنصور ، وفي هذه المدة لم تسنح الفرصة لأحد أن يزور الامام أو يصاحبه ، حتى انّه أراد أحد أن يسأل الامام «ع» مسئلة فاحتال ، بأن جعل نفسه بياعا للخيار ، وتحت هذا العنوان دخل بيت الامام وسأل مشكلته.

وهكذا الامام موسى بن جعفر «ع» كان طيلة سنوات في سجن البصرة وبغداد ، حتى انّه قضى نحبه واستشهد في السجن.

ونحن نتساءل هنا ، ألم تكن تعرض للشيعة مسائل طيلة هذه الفترات؟ وكيف كانوا يعالجون مثل هذه المشاكل في حال عروضها مع عدم وجود الامام وعدم الحصول على جواب من الامام في هذه المسائل قبل حبسه أو مراقبته.

لا شك انّهم في هذه الحالة كانوا يلجئوا الى شكل من أشكال الاجتهاد.

ج ـ انّ الروايات الواردة عن الأئمة «ع» فيها العام والخاص ، والمطلق والمقيّد ، فلو كان الرواة ـ بمقتضى ما سيذكر في الأدلة النقلية ـ يفتون الناس لكان لزاما عليهم أن يجمعوا بين هذه الروايات وأن يرفعوا التعارض الحاصل بينهما ، أو يطرحوا بعضا منها ، وهذا العمل كان يحدث للرواة حتى في عصر الأئمة «ع» وليس منحصرا في عصرنا هذا فقط ، وهذه العملية ليست إلّا عملية «الاجتهاد والاستنباط».

د ـ انّ روايات العلاجية الواردة في علاج الأخبار المتعارضة مثل ما رواه ابن أبي جمهور الأحسائي في «عوالي اللئالي» عن العلامة مرفوعة الى زرارة قال : سألت أبا جعفر «ع» فقلت : جعلت فداك يأتي عنكم الخبران والحديثان المتعارضان فأيّهما آخذ؟ فقال «ع» : يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر. فقلت : يا سيّدي انّهما معا مشهوران مأثوران عنكم؟ فقال «ع» : خذ بما يقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك.

فقلت : انّهما معا عدلان مرضيان موثقان؟

فقال «ع» : انظر ما وافق منهما العامة فاتركه ، وخذ بما خالف فانّ الحقّ فيما

٣٢

خالفهم ... (١)

فهذه الرواية وغيرها ليست مقيدة بغير زمان الأئمة ، بل هي مطلقة تشمل حتى عصر الأئمة.

واختصاص الروايات العلاجية الواردة في مورد تعارض الأخبار لعصر غير الأئمة تحتاج الى دليل خاص ، ولم نجد ذلك ، فتبقى الروايات على اطلاقها.

ومن هنا نعلم انّ جانبا كبيرا من الاجتهاد يتوقّف على معالجة الروايات المتعارضة.

ه ـ انّ «علم الأصول» الذي يبتنى عليه الاجتهاد والاستنباط لم يكن أمرا حادثا لدى الشيعة ، فهو لم يبتكر بعد عصر الأئمة «ع» كما ذهب البعض الى ذلك ، بل انّ الأصحاب والرواة في عصر الأئمة «ع» كان لهم في علم الأصول رسائل وتأليفات في مختلف مسائل الأصول ، كما سنذكر ذلك عن السيد الصدر (رحمه‌الله) في الدراسة عن «أول من صنّف في علم الأصول».

الثاني في الأدلة النقلية :

أـ انّ التاريخ يشهد بأنّ الأئمة «ع» كانوا يأمرون أكابر صحابتهم وتلامذتهم الذين كانوا يعلمون الأصول ومبادئ الفقه بأن يجلسوا في المسجد ويفتون الناس ، ومن جهة أخرى كانوا يدعون الناس الى أخذ الفتيى من هؤلاء ، بعد أن وضعوا لمن يتصدّى للإفتاء شروطا معيّنة.

ونسوق فيما يلي بعض الروايات والحوادث التي تثبت ما ندعيه :

١ ـ قال الامام الصادق «ع» لأبان بن تغلب : اجلس في مسجد المدينة وافت الناس ، فانّي أحبّ أن يرى في شيعتي مثلك (٢).

٢ ـ ما رواه عبد العزيز بن المهتدي عن الامام الرضا «ع» قال : سألته فقلت : انّي

__________________

(١) الرسائل للمحقق الأنصاري / ٤٦٥.

(٢) جامع الرواة ١ : ٩.

٣٣

لا أقدر على لقائك في كلّ وقت ، فعمّن آخذ معالم ديني؟ فقال «ع» : خذ عن يونس بن عبد الرحمن (١).

٣ ـ رواية علي بن المسيّب الهمداني عن الامام الرضا «ع» قال : قلت للرضا «ع» شقتي بعيدة ولست أصل إليك في كلّ وقت ، فمن آخذ عنه معالم ديني؟ قال «ع» : زكريا بن آدم المأمون على الدين والدنيا (٢).

٤ ـ روى الكليني عن الصادق «ع» ... ينظران الى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوه حكما ... (٣).

أـ روى الطبرسي في الاحتجاج عن أبي محمد بن الحسن العسكري «ع» ... فأمّا من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا على هواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلّدوه ... (٤)

ب ـ الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت «ع» في أصول الفقه.

روايات الأدلة النقلية :

ورأيت اتماما للفائدة أن أعقد في هذا الكتاب مبحثا خاصا بما أثر عن أهل البيت «ع» في أصول الفقه لكي يكون ذلك بين يدي الباحثين الأجلاء والقرّاء الكرام دليلا على تقدّم الشيعة في علم الأصول.

حتى انّ أصحابنا دوّنوا ما أثر عن أئمة أهل البيت في كتب خاصة لهم : كالشيخ محمد بن الحسن بن الحرّ العاملي مؤلّف «وسائل الشيعة» فانّه ألّف كتابا في القواعد الكلية المروية عن أئمة أهل البيت عليهم‌السلام ، أصولية كانت أو فقهية سماه «الفصول المهمة في أصول الأئمة». وكذلك السيد هاشم بن زين العابدين الخوانساري

__________________

(١) رجال النجاشي / ٣١١ ، مع العلم بأن يونس مع المصنفين في أصول الفقه راجع تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام / ٣١٠ ـ ٣١١.

(٢) جامع الرواة ١ : ٣٣٠.

(٣) أصول الكافي ١ : ٦٧ ح ١.

(٤) أعيان الشيعة ١ : ٣٨٥ ـ ٣٨٦.

٣٤

الاصفهاني كتب «أصول آل الرسول الأصلية».

وجمع المحقّق الفيض الكاشي محمد محسن كتابا سمّاه «الأصول الأصلية» المستفادة من الكتاب والسنة.

وفي هذا المجال يقول الشهيد الصدر :

ولا نشك في انّ بذرة التفكير الأصولي وجدت لدى فقهاء أصحاب الأئمة «ع» منذ أيّام الصادقين عليهما‌السلام على مستوى تفكيرهم الفقهي ، ومن الشواهد التاريخية على ذلك ما ترويه كتب الحديث من أسئلة ترتبط بجملة من العناصر المشتركة في عملية الاستنباط وجّهها عدد من الرواة الى الامام الصادق «ع» وغيره من الأئمة «ع» وتلقوا جوابها منهم.

فانّ تلك الأسئلة تكشف عن وجود بذرة التفكير الأصولي عندهم واتجاههم الى وضع القواعد العامة ، وتحديد العناصر المشتركة ، ويعزز ذلك انّ بعض أصحاب الأئمة «ع» ألّفوا رسائل في بعض المسائل الأصولية ، كهشام بن الحكم من أصحاب الامام الصادق «ع» الذي ألّف رسالة في الألفاظ (١).

الاجتهاد :

روى الكليني ... عن عمر بن حنظلة قال : سألت أبا عبد الله «ع» عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث ...

قال «ع» : ينظران الى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوه حكما ... (٢)

التقليد وشرائط من يصحّ تقليده :

في احتجاج الطبرسي عن أبو محمد بن علي العسكري «ع» ـ في قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ ...) ـ :

__________________

(١) المعالم الجديدة / ٤٧.

(٢) أصول الكافي ١ : ٦٧ ح ١٠.

٣٥

فامّا من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا على هواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلّدوه ... (١)

وجوب الردّ الى الكتاب والسنة وأخذ الأحكام منهما ، وحجّيّة الظواهر والعموم :

ما رواه الكليني ... عن أبي جعفر «ع» : انّ الله تبارك وتعالى لم يدع شيئا يحتاج إليه الأمّة إلّا أنزله في كتابه وبيّنه لرسوله «ص» ... (٢)

وقول الصادق «ع» : ما من أمر يختلف فيه اثنان إلّا وله أصل في كتاب الله عزوجل ولكن لا تبلغه عقول الرجال (٣).

وقول الكاظم «ع» : كلّ شيء في كتاب الله وسنّة نبيّه «ص» (٤)

وروى الكليني ... قال : سمعت أبا عبد الله «ع» يقول : كلّ شيء مردود الى الكتاب والسنة ... (٥)

وفي حديث آخر عنه «ع» : من خالف كتاب الله وسنة محمد «ص» فقد كفر (٦)

وروى الكليني ... عن أبي جعفر الباقر «ع» قال : كلّ من تعدّى السنّة ردّ الى السنّة (٧)

وروى الطوسي ... قال : قلت لأبي عبد الله «ع» عثرت فانقطع ظفري فجعلت على اصبعي مرارة فكيف أصنع بالوضوء؟

فقال : يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله ، قال الله تعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(٨)

فانّ استدلال الامام بالآية تدلّ على حجيّة ظواهر الكتاب والعمل بعموم

__________________

(١) أعيان الشيعة ١ : ٣٨٥ ـ ٣٨٦.

(٢) أصول الكافي ١ : ٥٩ ح ٢.

(٣) أصول الكافي ١ : ٦٠ ح ٦.

(٤) أصول الكافي ١ : ٦٢ ح ١٠.

(٥) أصول الكافي ١ : ٦٩ ح ٣.

(٦) أصول الكافي ١ : ٧٠ ح ٦.

(٧). أصول الكافي ١ : ٧١ ح ١١.

(٨). أعيان الشيعة ١ : ٣٨٧.

٣٦

الآيات.

جواز العمل بالعام والمطلق ونحوهما ، وجواز التفريع على الأصول الكليّة

روى ابن ادريس ... عن أبي عبد الله «ع» قال : إنّما علينا أن نلقي إليكم الأصول وعليكم التفريع (١)

وروي أيضا من كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن الرضا «ع» قال : علينا القاء الأصول وعليكم التفريع (٢).

أصل البراءة :

ذكر الصدوق عن الصادق «ع» : كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي (٣)

وروي في الخصال ... عن أبي عبد الله «ع» قال : قال النبي «ص» : وضع عن أمّتي ستة أشياء وعدّ منها : ما لا يعلمون (٤)

وروى الكليني في الكافي ... عن أبي عبد الله «ع» قال : ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم (٥)

وعن أبيه ... قال : قال أبو عبد الله «ع» : من عمل بما علم كفى ما لم يعلم (٦)

وروى الطوسي ... عن أبي عبد الله «ع» في حديث من أحرم في قميصه قال : أيّ رجل ركب أمرا بجهالة فلا شيء عليه (٧)

وروى الكليني ... عن أبي عبد الله «ع» قال : انّ الله احتجّ على الناس بما آتاهم وعرّفهم (٨)

__________________

(١) أعيان الشيعة ١ : ٣٨٧.

(٢) أعيان الشيعة ١ : ٣٨٧.

(٣) أعيان الشيعة ١ : ٣٨٨.

(٤) أعيان الشيعة ١ : ٣٨٨.

(٥) أصول الكافي ١ : ١٦٤ ح ٣.

(٦) أعيان الشيعة ١ : ٣٨٨.

(٧). أعيان الشيعة ١ : ٣٨٨.

(٨). أصول الكافي ١ : ١٦٢ ح ١.

٣٧

وعن محمد بن يحيى ... عن أبي عبد الله «ع» قال : ليس لله على خلقه أن يعرفوا وللخلق على الله أن يعرّفهم ولله على الخلق إذا عرّفهم أن يقبلوا ... (١)

أصالة الحلّ في المشتبه مع عدم العلم :

روى الصدوق والطوسي ... عن أبي عبد الله «ع» قال : كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه (٢)

وعن أحمد بن محمد الكوفي ... عن أبي عبد الله «ع» في «الجبن» قال : كلّ شيء لك حلال حتى يجيئك شاهدان انّ فيه ميتة (٣)

وعن علي بن ابراهيم ... عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله «ع» قال : سمعته يقول : كلّ شيء هو لك حلال حتى تعلم الحرام بعينه فتدعه من قبل نفسك وذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته وهو سرقة ، أو المملوك يكون عندك ولعلّه حرّ قد باع نفسه ، أو خدع فبيع قهرا ، أو امرأة تحتك وهي أختك ، ورضيعتك ، والأشياء كلّها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك ، أو تقوم به البيّنة (٤)

وما رواه أحمد بن أبي عبد الله البرقي في «المحاسن» ... قال سألت أبا جعفر «ع» عن «الجبن»؟ وقلت : أخبرني رؤى انّه يجعل فيه الميتة؟ فقال : أن أجل واحد يجعل فيه الميتة حرّم في جميع الأرضين؟ إذا علمت انّه ميتة فلا تأكله ، وإن لم تعلم فاشتر وبع ... (٥)

وعن اليقطيني ... قال كنت عند أبي جعفر «ع» فسأله رجل عن الجبن ، فقال أبو جعفر «ع» : سأخبرك عن الجبن وغيره ، كلّ شيء فيه الحلال والحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه (٦)

__________________

(١) أصول الكافي ١ : ١٦٤ ح ١.

(٢) أعيان الشيعة ١ : ٣٨٩.

(٣) أعيان الشيعة ١ : ٣٨٩.

(٤) أعيان الشيعة ١ : ٣٨٩.

(٥) أعيان الشيعة ١ : ٨٩.

(٦) أعيان الشيعة ١ : ١٩٠.

٣٨

حجيّة خبر الواحد الثقة :

روى الكليني ... عن أبي الحسن «ع» قال سألته وقلت : من أعامل؟ وعمّن آخذ؟ وقول من أقبل؟

فقال : العمري ثقتي فما أدّى إليك عنّي ، فعنّي يؤدّي ، وما قال لك عنّي ، فعنّي يقول ... (١)

وبالاسناد ، عن أحمد بن إسحاق ، انّه سأل أبا محمد «ع» عن مثل ذلك

فقال : العمري وابنه ثقتان فما أدّيا إليك عنّي ، فعنّي يؤدّيان ، وما قالا لك فعنّي يقولان ... (٢)

وروى الكشّي في كتاب الرجال ... عن الرضا «ع» قال : قلت لا أكاد أصل إليك أسألك عمّا أحتاج إليه من معالم ديني ، أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ما أحتاج إليه من معالم ديني؟ قال : نعم ... (٣)

جواز نقل الحديث بالمعنى :

روى الكليني ... قال : قلت لأبي عبد الله «ع» أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص؟ قال : إن كنت تريد معانيه فلا بأس (٤)

عدم جواز التكليف بما لا يطاق :

روى الكليني ... عن أبي عبد الله «ع» قال : إنّ الله أكرم من أن يكلّف الناس ما لا يطيقون ... (٥)

__________________

(١) أعيان الشيعة ١ : ٣٩٠.

(٢) أعيان الشيعة ١ : ٣٩٠.

(٣) أعيان الشيعة ١ : ٣٩٠.

(٤) أعيان الشيعة ١ : ٣٩١.

(٥) أعيان الشيعة ١ : ٣٩١.

٣٩

وبالاسناد عن علي بن الحكم ... عن أبي عبد الله «ع» في حديث قال : وما أمروا إلّا بدون سعتهم ، وكلّ شيء أمر الناس به فهم يسعون له ، وكلّ شيء لا يسعون له فهو موضوع عنهم (١)

وروى الطوسي ... قال سألته عن المريض لا يستطيع الجلوس ...؟ قال :

ولن يكلّفه الله ما لا طاقة له به ... (٢)

وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة :

روى الكليني ... قال : سألت أبا عبد الله «ع» عن رجل معه إنا آن فيهما ماء وقع في أحدهما قذر لا يدري أيّهما هو؟ وليس يقدر على ماء غيره؟ قال : يهريقهما جميعا ويتيمّم ... (٣)

الاستصحاب :

روى الصدوق ... انّه سأل أبا عبد الله «ع» عن رجل يجد في إنائه فأرة وقد توضأ من ذلك الإناء مرارا ، أو اغتسل منه ، أو غسل ثيابه؟

فقال : إن كان رآها في الإناء فعليه أن يغسل ثيابه ، ويغسل كلّ ما أصابه ذلك الماء ، ويعيد الوضوء والصلاة ، وإن كان إنّما رآها بعد ما فرغ من ذلك وفعله فلا يمس من الماء شيئا ، وليس عليه شيء ، لأنّه لا يعلم متى سقطت فيه ، ثمّ قال : لعلّه ان يكون إنّما سقطت فيه تلك الساعة التي رآها (٤)

وروى الطوسي ... عن أبي عبد الله «ع» قال : الماء كلّه طاهر حتى يعلم انّه

__________________

(١) أعيان الشيعة ١ : ٣٩١.

(٢) أعيان الشيعة ١ : ٣٩١.

(٣) أعيان الشيعة ١ : ٣٩١.

(٤) أعيان الشيعة ١ : ٣٩٢.

٤٠