علم الأصول تاريخاً وتطوراً

علي الفاضل القائيني النجفي

علم الأصول تاريخاً وتطوراً

المؤلف:

علي الفاضل القائيني النجفي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢١٢

في مدرسة الشيعة في بغداد ، وأن يشاركوا في تنظيم مناهج الاستنباط والاجتهاد ، ويؤصّلوا الأصول ، ويضعوا مناهج البحث للأصول ، ويفرّعوا المسائل ، ويضعوا أصول الدراسة المقارنة والخلافية في الفقه ، وما الى ذلك من الخدمات والتراث الذي ما زال باقيا من أثر جهودهم الجبارة.

ملامح مدرسة بغداد :

وعند استعراضنا لمدرسة المدينة والكوفة وقم تبيّن مدى تقدّم هذه المدارس في العلوم الاسلامية ، وكان التقدّم الملموس فيها في حدود استعراض السنة وتدوين الأحاديث ، ولم نظفر من عملية الاجتهاد وابداء الآراء الجديدة في مجالات مختلفة ، كما نلمس ذلك في مدرسة بغداد من بين البحوث المذكورة في كتب السيد والشيخ الطوسي ، ويمكن عدّ هذه المرحلة بأنّها مرحلة التطوّر الحديث في العلوم الاسلامية في مدرسة أهل البيت ، كما انّ في استعراضنا للمدارس الأصولية الثلاثة لاحظنا مدى تأثير جهود زعماء المدرسة البغدادية في تأسيس المدرسة الأولى ، كما انّه يمكن أن نعتبر تلك المدرسة اللبنة الأساسية لظهور المدرستين بعدها ، ويمكن اثبات المميّزات في مدرسة بغداد :

١ ـ نرى الجهود تتواصل في هذه المدرسة في سبيل معالجة النصوص المدونة في المدارس السالفة ، ولم يقتنعوا بجمعها وبحثها فقط ، كما كانت الحالة سابقا ، فالبحوث تراها تنفصل جذريا ولم تبحث المسائل بشكل مختلط ، بل المسائل الفقهية انفصلت بدراسة خاصة عن المسائل الأصولية والكلامية ، كما يتّضح ذلك من كتب السيد في الذريعة الذي أعدّه خاصة للمسائل الأصولية ، وكما انّ الشيخ الطوسي خصّص العدة لمسائل الأصول ، بعد أن كان السلف يبحثون عن تلك المسائل بصورة موجزة واستطرادية لا بصورة منفصلة وشاملة.

٢ ـ انّ المسائل الفقهية كانت على الأكثر نفس الأحاديث وبعين تلك الألفاظ المذكورة في الحديث ، ولم تقع المسائل الفقهية في معرض البحث والنقاش في المدارس السابقة ، وامّا في مدرسة بغداد ظهرت مدرسة فقهية حديثة لا ترتبط من حيث الصورة

١٢١

بالمدارس السالفة ، فلها طابعها الخاصّ وأخذها الفروع والمسائل التي لم تكن لها سابقة تعرض في هذه المدرسة ، وكلّ ذلك لأجل اعمال قواعد الاجتهاد في الفقه ، والمعالجة الصناعية لأدلة الأحكام واستعراض الأحاديث واستخراج فروع جديدة وقواعد عامة منها وعدم الاكتفاء بحدود المسائل المدونة ، وعملية ابداع الفروع من الأصول توسّعت بصورة خاصة في كتب الشيخ الطوسي ، وبالأخص منها المبسوط ، وذكر الطوسي نفسه سبب تأليفه هذا الكتاب حيث يقول :

امّا بعد فانّي لا أزال أسمع معاشر مخالفينا من المتفقّهة والمنتسبين الى علم الفروع يستحقرون فقه أصحابنا الامامية ويستنزرونه ، وينسبونهم الى قلة الفروع وقلة المسائل (١).

يظهر انّ اكتفاء علمائنا سلفا بذكر النصوص وعدم استخراج الفروع كان سببا لطعن المخالفين على الفقه الشيعي ، فأوجب ذلك الى تأليف كتاب المبسوط وسدّ هذا الفراغ في الفقه الامامي.

٣ ـ والظاهرة الأخرى الملموسة من ملامح هذه المدرسة الدراسات المقارنة في مسائل الفقه والأصول والكلام ، والعامل لحدوث هذه الظاهرة في ممارسة العمل العلمي في مدرسة بغداد هي وجود المدارس الأخرى فيها ، فكان من الطبيعي بعد ان فرضت المدرسة الشيعية في ذلك المحيط المملوء بمدارس تستبطن العداء لمدرسة أهل البيت ان تشتبك بإثارة المسائل الخلافية ، وكان نتيجة هذا الاصطدام بين المدرسة الامامية والمدارس المخالفة لها محاولة جديدة من فقهاء مدرسة الشيعة لافناد الشبهات الواردة من مخالفيهم ، كما ترى ذلك في أوائل المقالات للمفيد وكتب السيد الكلامية ، وفي اطار المسائل الفقهية أيضا أخذ فقهاء الشيعة مقارنة المسائل الفقهية الخلافية ودرسها بصورة منفصلة عن البحث الفقهي المرسوم ، فكان حصيلة هذه الدراسة كتاب الخلاف الذي ألفه الشيخ الطوسي في هذا المجال ، فاستعرض الطوسي في كتابه الخلاف كلّ مسألة فقهية تخالف لمذهب أهل السنة وذكر مستند كلا الجانبين

__________________

(١) مقدمة كتاب المبسوط / ١ ـ ٢.

١٢٢

وناقش آراء المخالفين فيها واستنصار مذهب أهل البيت في تلك المسألة ، وفي الفقه المقارن كتب السيد المرتضى كتاب الانتصار ، كما ألّف المفيد كتاب الاعلام فيما اتفقت الامامية عليه من الأحكام ممّا اتفقت العامة على خلافهم فيه.

٤ ـ ومن ملامح مدرسة بغداد ظهور الاستدلال بالاجماع فيما لم يجد الفقيه في المسألة نصّا ، أو لم تتم سلامة النص سندا ودلالة عنده ، فلو اجتمعت آراء فقهاء عصر واحد على أمر يكون ذلك دليلا على الحكم في المسألة ، إذ لا يمكن قيام اجماع فقهاء العصر على أمر من دون وجود دليل لذلك الحكم ، وتمسك الفقهاء في المدارس السابقة في ضمن استدلالاتهم في كتبهم بالاجماع تجدها نادرة وفي مدرسة بغداد وفي كتب الشيخ الطوسي بصورة خاصة مملوءة.

والاجماع المتسالم عند المتأخرين الذي يعتبر أحد الأدلة الأربعة هو ما أجمع علماء الصدر الأول الى الشيخ الطوسي ، على أمر وذلك لكونه يكشف عن دليل معتبر عندهم ، إذ مع شدة احتياطهم كيف يمكن أن يجمعوا على أمر لم يقم لديهم عليه دليل معتبر؟.

١٢٣
١٢٤

الفصل الثالث

المدرسة الثالثة

* أهم رجال هذه المدرسة

* النزعة الأخبارية

* الكتب الأصولية في هذه المدرسة

* المعاهد العلمية

١٢٥
١٢٦

المبحث الأول أهم رجال هذه المدرسة :

وبعد أن فرغنا من المدرسة الثانية ، نشرع الآن في دراسة المدرسة الثالثة ، فكما انّ السيد المرتضى يعتبر العلامة الفارقة في المدرسة الثانية ، فانّ هناك رجلا يمكن أن نعتبره العلامة الفارقة في المدرسة الثالثة.

الشيخ الطوسي :

حتى صارت آراؤه وأفكاره محطا للدراسة والنظر طوال قرون. وهو من الذين قال في حقّهم البحّاثة المحقّق الشيخ آغا بزرك الطهراني «رحمه‌الله» : ارتسمت على كلّ أفق من آفاق العالم الاسلامي أسماء رجال معدودين امتازوا بمواهب وعبقريات ، وبذلك ارتفعوا الى أقصى أفق هذا العالم ، وسجّل أسماءهم التاريخ في زمرة جهابذة العلم ، وتراهم كالنجوم اللامعة ، والمصابيح الساطعة تضيء لأهل العلم والفضل ، ويستفيدون من بحر علومهم كلّ على حسب مكانته وقدرته.

ومن اولئك الرجال المعدودين الذين خصّهم الله بعنايته على كثير ممّن خلق تفضيلا.

الشيخ أبو جعفر «محمد بن الحسن بن علي الطوسي» ، نسبة الى طوس من مدن

١٢٧

خراسان التي هي من أقدم بلاد فارس وأشهرها ، وكانت ولا تزال من مراكز العلم ومعاهد الثقافة ، لأنّ فيها قبر الامام علي بن موسى الرضا «ع» ، ثامن أئمة الشيعة الاثنى عشرية ، وهي لذلك مهوى أفئدتهم ، يقصدونها من الأماكن الشاسعة والبلدان النائية.

وفيها خزانة كتب للامام الرضا «ع» يحقّ للعالم الاسلامي أن يعدّها من مفاخره.

ولد الطوسي في شهر رمضان سنة (٣٨٥) في بلدة طوس ، وهاجر الى العراق فهبط بغداد في سنة (٤٠٨) ، وكانت زعامة المذهب الجعفري فيها يومذاك لشيخ الأمة ، وعلم الشيعة محمد بن محمد النعمان الشهير ب «الشيخ المفيد» ، فلازمه مدة حياته ، ولم يفارقه ، حتى اختار الله للأستاذ دار لقائه ، في سنة (٤١٣) ، فانتقلت زعامة المذهب وقيادة الطائفة الى تلميذ المفيد السيد المرتضى ، فانحاز إليه الطوسي ، وحضر دروسه ولازمه ، وكان ممّن عنى به المرتضى ، وبالغ في توجيهه وتلقينه ، واهتمّ به أكثر من سائر تلاميذه ، لأجل القابلية الذي كان يراه فيه ، وعيّن له في كلّ شهر اثنى عشر دينارا ، وكان هذا المبلغ يومذاك له قيمة لم يعط لكلّ أحد ، بل كان الطوسي متفردا بهذا الراتب ، وبقي ملازما له طيلة ثلاثة وعشرين سنة ، حتى توفى السيد سنة (٤٣٦) ، فاستقلّ الطوسي في زعامة المذهب وقيادة الطائفة ، وأصبح علما للشيعة ، ومنارا للشريعة ، يقصده أهل الفضل والعلم من كلّ صوب ومكان ، وكانت داره في الكرخ مأوى الأمة ، ومقصد الوفاد ، يأتونها لحلّ المشاكل ، وايضاح المسائل ، وقد تقاطر اليه العلماء والفضلاء للتلمذة عليه ، والحضور تحت منبره ، حتى انّه بلغ عدد تلامذته ثلاثمائة من الشيعة ، وعدد كبير من أهل السنة ، وكان ممّن اعترف بكبر شخصيته ، وتقدمه على سواه أكثر العلماء حتى مخالفيه.

حتى بلغ الأمر أن جعل له خليفة الوقت القائم بالله (عبد الله) كرسيّ الكلام والافادة ، وكان لهذا الكرسي يومذاك عظمة وقدرا فوق الوصف ، اذ لم يعط إلّا لمن برز في علومه ، وتفوّق على أقرانه.

ولم يزل الطوسي قاطنا بغداد ، حتى حدثت الفتن بين الشيعة والسنة ، حتى اتّسع ذلك بأمر «طغرل بيك» أوّل ملوك السلجوقية ، فانّه ورد بغداد في سنة (٤٤٧) وشنّ

١٢٨

على الشيعة حملة شعواء ، وأمر باحراق مكتبة الشيعة التي أنشأها أبو نصر سابور بن اردشير وزير بهاء الدولة الديلمي ، في سنة (٣٨١) وتوسّعت الفتنة حتى اتّجهت الى الطوسي وأصحابه ، فاحرقوا كتبه وكرسيه الذي كان يجلس عليه للكلام.

قال ابن الجوزي في حوادث سنة (٤٤٨) : وهرب أبو جعفر الطوسي .... وقال في حوادث سنة (٤٤٩) : وفي صفر في هذه السنة كبست دار أبي جعفر الطوسي متكلّم الشيعة بالكرخ ، وأخذ ما وجد من دفاتره وكرسيّ كان يجلس عليه للكلام ، وأخرج الى الكرخ ، وأضيف إليه ثلاث سناجيق بيض كان الزّوّار من أهل الكرخ قديما يحملونها معهم اذا قصدوا زيارة الكوفة فأحرق الجميع (١).

الهجرة الى النجف الأشرف :

ولمّا رأى الطوسي الخطر قد قرب منه ، ومحدقا به ، هاجر الى النجف الأشرف لائذا بجوار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «ع» وصيّرها مركزا للعلم وجامعة كبرى للشيعة الامامية ، وعاصمة للدين الاسلامي والمذهب الجعفري ، وأخذت تشدّ إليها الرحال وتعلّق بها الآمال ، وأصبحت مهبط رجال العلم ومهوى أفئدتهم.

وكان الفضل في ذلك للطوسي ، فقد بثّ في اعلام حوزته الروح العلمية ، وغرس في قلوبهم بذور المعارف الإلهية ، فعكفوا على دروسه ، وتربّى على يديه جماعة كثيرة ، وتخرّج من مدرسته الفقهية والأصولية والحديثية والكلامية ... اعلام ورجال عرّفهم لنا التاريخ ، حتى انّه صار كلّ واحد منهم صاحب مدرسة وجمع لديه عدة ليستنيروا من بحر علومهم.

(فجامعة النجف) شيّدها الطوسي ووضع حجرها الأوّل ، تخرّج منها خلال القرون المتطاولة آلاف مؤلّفة من أساطين الدين وأعاظم الفقهاء ، وكبار الفلاسفة ونوابغ المتكلّمين ، وأفاضل المفسّرين ، وغيرهم ممّن خبروا العلوم الاسلامية بأنواعها ، وبرعوا فيها وهذه آثارهم المهمة التي تعدّ في طليعة التراث الاسلامي ، ولم تزل زاهية

__________________

(١) المنتظم ٨ : ١٧٣ ـ ١٧٩.

١٢٩

حتى هذا اليوم ، يرتحل اليها رواد العلوم والمعارف من كلّ الأقطار ، فيرتوون من مناهلها العذبة وعيونها الصافية.

ثمّ إنّ مكانة الطوسي وثروته العلمية الغزيرة في غنى عن البيان ، فانّه شيخ الطائفة ، وشيخ كافة مجتهدي المسلمين ، والقدوة لجميع المؤسسين ، وفي الطليعة من فقهاء الشيعة ، فقد أسّس طريقة الاجتهاد المطلق في الفقه والأصول ، وينتهي إليه أمر الاستنباط على الطريقة الجعفرية المثلى ، ولأجل ذلك اشتهر ب «الشيخ» فهو المراد به اذا أطلق في كلمات الأصحاب ، من عصره الى عصر زعيم الشيعة بوقته مالك أزمة التحقيق والتدقيق الحجة الكبرى المؤسس الكبير الشيخ «مرتضى الأنصاري» المتوفى سنة (١٢٨١).

أهميّة نظريات الطوسي :

مضت على علماء الشيعة سنون متطاولة وأجيال متعاقبة ولم يكن من الهيّن على أحد منهم أن يعدو نظريات الطوسي في الفتاوى ، وكانوا يعدون أحاديثه أصلا مسلما ، ويكتفون بها ، ويعدّون التأليف في قبالها واصدار الفتوى مع وجودها تجاسرا عليه واهانة له ، واستمرّ هذا الوضع الى عصر ابن ادريس فكان يسمّيهم بالمقلدة ، وهو أوّل من خالف بعض آراء الطوسي وفتاواه وفتح باب الردّ على نظرياته ، ومع ذلك فقد بقوا على تلك الحال.

قال الشيخ أسد الله الدزفولي في المقابس :

انّ كثيرا ما يذكر مثل المحقق ، والعلامة الحلي أو غيرهما فتاويه من دون نسبتها اليه ، ثمّ يذكرون ما يقتضي التردد أو المخالفة فيها فيتوهم التنافي بين الكلامين.

ولمّا ألف المحقق الحلّي «شرائع الاسلام» استعاضوا به عن مؤلفات الطوسي ، وأصبح من الكتب الدراسية ، بعد أن كان كتاب «النهاية» هو المحور للدرس والبحث والشرح.

قال العلامة الحلّي في شأن الطوسي :

شيخ الامامية ووجههم ، ورئيس الطائفة ، جليل القدر ، عظيم المنزلة ، ثقة ، عين ،

١٣٠

صدوق ، عارف بالأخبار والرجال والفقه والأصول والكلام والأدب ، وجميع الفضائل تنسب إليه ، صنّف في كلّ فنون الاسلام ، وهو المهدب للعقائد في الأصول والفروع ، الجامع لكمالات النفس في العلم والعمل (١).

مؤلفات الطوسي :

ولم تزل مؤلفات الطوسي تحتلّ المكانة السامية بين آلاف الأسفار الجليلة التي انتجتها عقول علماء الشيعة الجبارة ، ودبّجتها يراعة أولئك الفطاحل الذين عزّ على الدهر أن يأتي لهم بمثيل ، وقد جمعت معظم العلوم الاسلامية اصلية وفرعية ، وتضمّنت حلّ معضلات المباحث في مختلف العلوم ، وما يحتاج إليه علماء الاسلام على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم ، وحسب الطوسي عظمة انّ كتابيه «التهذيب» و «الاستبصار» من الأصول المسلمة في مدارك الفقه الجعفري ، ومن الكتب «الأربعة» التي عليها المدار ـ على مرّ الأعصار ـ في استنباط أحكام الدين ـ على مذهب أهل البيت «ع» ـ بعد كتاب الله المبين ، ومؤلفات الطوسي هي المنبع الأول والمصدر الوحيد لمعظم مؤلفي القرون الوسطى ، وهمزة الوصل بين قدامى الأصحاب وبين من تأخّر عنه ، ولذلك استقوا منها مادتهم وكونوا كتبهم ، ومن مميّزات كتب الطوسي انّها حوت خلاصة كتب الأصحاب القدامى ، وأصولهم المعروفة ب «الأصول الأربعمائة» ، فقد كان في متناول الطوسي مكتبات عظيمة :

١ ـ مكتبة جندي سابور (٢) في الكرخ التي كانت تحتضن الكتب القديمة الصحيحة التي هي بخطوط مؤلفيها أو بلاغاتهم.

٢ ـ مكتبة السيد المرتضى أستاذ الطوسي ، الذي صحبه ثمان وعشرين سنة ، وكانت هذه المكتبة تشتمل على ثمانين ألف كتاب ، فأخذ منها حاجته ، وظفر بضالّته

__________________

(١) رجال العلامة / ٧٣.

(٢) وهي التي أنشأها أبو نصر سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة البويهي ، جمع فيها ما تفرّق من كتب فارس والهند ، واستكتب تآليف أهل الهند والصين والروم ، وأهدى اليها العلماء كتبهم ، فكانت من أغنى مكاتب بغداد ، وقد أمر باحراقها (طغرل بيك) فيما أحرق من مؤسسات الشيعة وبيوتهم ومدارسهم في الكرخ. مقدمة اللمعة / ٥٩.

١٣١

المنشودة ، وألف كتابيه الجليلين «التهذيب» و «الاستبصار» وغيرهما من مهام الأسفار قبل أن يحدث شيء في تلك المكتبات فلم تزل مؤلفات الطوسي في الفقه وأصوله ، والكلام والتفسير ، والحديث والرجال ، والأدعية والعبادات ، وغيرها في كلّ علم من العلوم مآخذ علوم الدين بأنوارها يستضيئون ، ومنها يقتبسون وعليها يعتمدون. فالطوسي بمفرده قام بما لا تقوم به الجماعة ، ونهض بأعباء ثقيلة لم يكن من السهل على غيره النهوض بها لو لا العناية الربانية التي شدّت عضده (١) ، فقد ترك لنا وللأجيال الآتية نتاجا طيّبا متنوعا.

أهم مؤلفات الطوسي :

انّ الطوسي له من الحق على التراث الاسلامي وبالأحرى تراث أهل البيت في النواحي المختلفة ما ليس لأحد سواه ، فقد ألّف وصنّف من الكتب في كلّ فنون الاسلام ، ولسنا نحن الآن بصدد دراسة كتب الطوسي إذ انّها تحتاج الى دراسة خاصة ، ولكن نذكر البعض منها.

١ ـ «الاستبصار» :

هو أحد الكتب الأربعة والمجاميع الحديثية التي عليها مدار استنباط الأحكام الشرعية عند الفقهاء الاثنى عشرية مذ عصر المؤلف حتى اليوم ، وهو يشتمل على العبادات ، والعقود والايقاعات والأحكام الى الحدود والديات ، واقتصر فيه على ذكر ما اختلف فيه من الأخبار وطريق الجمع بينها ، وقد حصر الطوسي أحاديث «الاستبصار» في آخره في (٥٥١١) حديثا ، وقال : حصرتها لئلا يقع فيها زيادة أو

__________________

(١) وفي تأثير عامل الشخصية يقول الأستاذ الآصفي : لا نستطيع أن نغضي عنه مهما كان موقف علماء الاجتماع منا ، فلمؤهّلات الفقيه الفكرية وبعد نظره وعمق تفكيره ، واصابة آرائه وطموحه الفكري للتجديد أثر كبير في تطوير الفقه ، فما جدّد «الشيخ الطوسي» مثلا في البحث الفقهي لا يرتبط كليا بتأثير المحيط والعصر ، وإنّما كان يرتبط أيضا بمؤهلات (الشيخ الطوسي) الشخصية وقابلياته ونبوغه الذاتي. ولا يستطيع الباحث ـ مهما حاول ـ أن يعزل هذا العامل عن تطور الدراسة الفقهية. مقدمة اللمعة الدمشقية ١ : ٢٥.

١٣٢

نقصان ... (١)

وعلى «الاستبصار» شروح وتعليقات ذكر منها ثلاثة عشر حاشية ، وثلاثة عشر شرحا في «الذريعة» المحقق آغا بزرك الطهراني «رحمه‌الله» (٢).

٢ ـ «تهذيب الأحكام» :

أيضا يعد أحد الكتب الأربعة لدى الامامية التي يستنبط منها مذهب أهل البيت «ع» استخرجه الطوسي من الأصول المعتمدة للقدماء ، والتي هيأها الله له وكانت تحت يده عند وروده الى بغداد سنة (٤٠٨) الى هجرته الى النجف الأشرف سنة (٤٤٨) ، وقد خرج من قلمه الشريف تمام كتاب الطهارة الى كتاب الصلاة بعنوان الشرح على «المقنعة» (٣) تأليف أستاذه «المفيد» الذي توفي سنة (٤١٣) ، وذلك في حياة أستاذه ، لأنّه كلّما نقل كلامه قال : قال الشيخ أيده الله ، ثمّ أتمّه بعد وفاته ، وقد اشتمل الكتاب على «ثلاثمائة وثلاثة وتسعين بابا» وعلى «١٣٥٩٠ ، ثلاثة عشر ألفا وخمسمائة وتسعين حديثا ، وذكر في «الذريعة» : انّه يوجد الجزء الأول منه بخط مؤلفه وعليه خط شيخنا البهائي العاملي في تبريز (٤) وعلى «تهذيب الأحكام» ستة عشر شرحا ، وعشرين حاشية (٥)

٣ ـ «العدة» :

في أصول الفقه ، ألّفه الطوسي في حياة أستاذه المرتضى ، وقسمه الى قسمين : الأول في أصول الدين ، الثاني في أصول الفقه ، وهو أبسط ما ألّف في هذا الفن عند القدماء ، أفاض فيه القول في تنقيح مباني الفقه ، بما لا مزيد عليه في ذلك العصر. (٦)

__________________

(١) الاستبصار ٤ : ٣٣٥.

(٢) الذريعة ١٣ : ٨٣ ـ ٨٧ و ٦ : ١٧ ـ ١٩.

(٣) للشيخ أبي عبد الله محمد المفيد ، ذكر فيه الأصول الخمسة أولا ، ثمّ العبادات والمعاملات.

(٤) الذريعة ٤ : ٥٠٤ هذه النسخة الموماة اليها موجودة في مكتبة العلّامة الطباطبائي بقم.

(٥) الذريعة ١٣ : ١٥٦ ـ ١٥٩ و ٦ : ٥١ ـ ٥٣.

(٦) ولم ينقل عن الشيعة في «العدة» إلّا عن المفيد والمرتضى ، وأكثر النقل عن أهل السنة ، والأكثر عن القاضي عبد الجبّار بن أحمد المعتزلي الأسدآبادي صاحب كتاب «العمدة» المتوفى سنة (١٥١).

وأمّا المتأخرون عن الشيخ الطوسي فأثّرت آراؤه ونظرياته على قاطبة علماء الشيعة ، يقع فصول كتاب العدة ٩٢ فصلا.

١٣٣

والطوسي قدّر له لأوّل مرّة أن يفتح باب الاجتهاد المطلق والنظر والرأي على مصراعيه واسعا ، وأن ينظّم مناهج الاستنباط والاجتهاد ، ويؤصل الأصول ، ويضع مناهج البحث للأصول ، ويفرع المسائل ، ويضع أصول الدراسة المقارنة والخلافية في الفقه ، وعشرات من أمثالها ممّا أسدى الطوسي الى المدرسة الفقهية والأصولية من الخدمات العلمية.

أساتذته :

١ ـ السيد المرتضى علم الهدى أبو القاسم علي بن الحسين المتوفى سنة (٤٣٦).

٢ ـ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الشهير بالمفيد المتوفى سنة (٤١٣).

مشايخه :

عمدة مشايخه : ١ ـ أحمد بن محمد بن موسى المعروف بابن الصلت الأهوازي المتوفى بعد سنة (٤٠٨).

٢ ـ أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله بن الغضائري المتوفى سنة (٤١١).

٣ ـ أبو الحسين علي بن أحمد بن محمد بن أبي الجيد المتوفى بعد سنة (٤٠٨).

٤ ـ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد.

هؤلاء عمدة مشايخه الذي أكثر الرواية عنهم في كتبه ، وكان له مشايخ وأساتذة غير هؤلاء أيضا ولسنا بصدد الاستقصاء.

تلامذته :

تلامذة الشيخ الطوسي من الخاصة بلغوا أكثر من ثلاثمائة مجتهد ، وجماعة كثيرة من العامة ، ذكر قسما منهم في مقدمة تفسير البيان.

١٣٤

وفاته وقبره :

لم يبرح الطوسي في النجف الأشرف مشغولا بالدراسة وتربية جيل من العلماء ، وتأليف الكتب ، والهداية والارشاد ، وسائر وظائف المرجعية والقيادة الدينية ، مدة اثنتي عشر سنة ، حتى وافاه الأجل ليلة الاثنين ٢٢ من المحرم سنة (٤٦٠) وخسره العالم الاسلامى والعلم. وتولّى غسله ودفنه تلميذه الحسن بن مهدي السليقي ، والشيخ أبو محمد الحسن بن عبد الواحد العين زربي ، والشيخ أبو الحسن اللؤلؤي ، ودفن في داره حسب وصيته ، وتحولت الدار بعده مسجدا حسب وصيته أيضا ، وقبره مزار يتبرّك به الناس ، وهو اليوم من أشهر مساجد النجف الأشرف يقع في شارع الطوسي ، ومن بركات هذا المسجد تنعقد فيه عشرات حلقات الدرس منذ تأسيسه حتى اليوم.

دور التوقّف :

بعد أن فسح المجدد الكبير الشيخ الطوسي «رحمه‌الله» المجال لتطوّر العلم في مجالاته المختلفة ، وخلّف التراث العظيم للأجيال الآتية ، أدّت أعمال الشيخ الطوسي الجبارة الى ردّ فعل عكسي وهو توقّف الفكر العلمي في مجال الفقه والأصول بعد وفاة هذا الرجل العظيم مدة أكثر من قرن.

فقد بقي تلاميذه وتلاميذ تلاميذه ينقلون آراء الشيخ الطوسي في الفقه والأصول ، والحديث والتفسير طيلة هذه المدة دون ما نقص أو زيادة أو مناقشة.

يحكي لنا الشيخ حسن بن زين الدين الشهيد صاحب المعالم ناقلا عن أبيه «رحمه‌الله» العامل الموجب لتوقّف الاجتهاد : «ان أكثر الفقهاء الذين نشئوا بعد الشيخ كانوا يتبعونه في الفتوى تقليدا له لكثرة اعتقادهم فيه وحسن ظنّهم به ، وروي عن الحمصي وهو ممّن عاصر تلك الفترة انه قال : لم يبق للامامة مفت على التحقيق بل

١٣٥

كلّهم حاك» (١).

محمد بن ادريس :

ولكن هذه الفترة واجهها المحقّق محمد بن ادريس صاحب السرائر ، المتولد حدود عام (٥٤٣) ، وكان له الحظ الأوفر في مقاومة الجمود وبثّ الحياة العلمية والتحرّك الفكري من جديد.

وقد قام ابن ادريس بمقاومة هذا الجمود الفكري بين الأوساط العلمية في المعاهد الشيعية ممّا أدّى الى أن تخضع آراء الشيخ الطوسي تحت نقد ومناقشة ونظر العلماء.

ومن آراء ابن ادريس التي عرف بها عدم حجية اخبار الآحاد كما ذهب قبله الى ذلك السيد المرتضى ، إلّا اذا كان الخبر متواترا ، أو محفوظا بالقرائن التي تؤكد صدوره عن المعصوم «ع» ، فانّه يعمل به عند ذلك كما هو واضح في كتابه السرائر ومستطرفاته.

ومن آثاره العلمية وتراثه الموجود «السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى» ويعرف تضلعه وتبحّره في استدلالاته بالقواعد الأصولية ، وابتناء الفروع على الأصول في كثير من مباحثه العلمية.

قال فيه ابن حجر في لسان الميزان :

محمد بن ادريس العجلي الحلّي فقيه الشيعة وعالمهم ، له تصانيف في فقه الامامية ، ولم يكن للشيعة في وقته مثله (٢).

ويروي عنه فخار بن معد بن فخار المتوفى سنة (٦٣٠) ، له طرق متعددة الى الشيخ الطوسي منها : يروى عن الشريف أبي الحسن علي بن ابراهيم العلوي العريضي ، عن الحسين بن أحمد بن طحال المقدادي ، عن الشيخ أبي علي ، عن والده الشيخ الطوسي (٣).

__________________

(١) المعالم الجديدة / ٦٦.

(٢) لسان الميزان ٥ : ٦٥.

(٣) ثقات العيون في سادس العيون / ٢٩٠ من طبقات أعلام الشيعة.

١٣٦

وبعد أن خدم العلم وفتح باب الاجتهاد ، وعاش حياته العلمية أدركته الوفاة وكان ذلك سنة (٥٩٨) قدّس الله نفسه الزكية.

المحقق الحلّي :

وكانت الحركة العلمية التي أوجدها ابن ادريس مستمرة ، وأخذت تنمو وتتسع جيلا بعد جيل ، وفي هذا المجال برز نوابغ ورجال وألّفوا كتبا في الفقه والأصول ، وكان لهم سهم عظيم في إبقاء هذه الحركة واستمرارها ونشاطها فمنهم : المحقّق نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن الحلّي الملقّب بالمحقق ، وهو من المعدودين من علماء الطائفة في اختصاص هذا اللقب به وعدم مشاركته به غيره.

ولد عام (٦٠٢) في الحلة ، وتعلّم بها وتتلمذ على يد تلامذة ابن ادريس ، وأصبح من أكبر علماء الاسلام.

قال ابن داود الحلّي في شأنه : المحقّق المدقّق الإمام العلّامة واحد عصره ، كان ألسن أهل زمانه ، وأقومهم بالحجة ، وأسرعهم استحضارا ... (١)

ومن أعظم تلامذته ابن أخته العلّامة الحلّي ، السيد عبد الكريم بن طاوس ، ومحمد بن علي بن طاوس ، وصفي الدين الحلي ، وابن داود.

ويحكي لنا العلامة الخوانساري عن فراسة هذا المحقق انّه حضر المحقق الطوسي خواجه نصير الدين ذات يوم حلقة درس المحقق بالحلة ، فقطع المحقق الدرس تعظيما له ، وإجلالا لمنزلته ، فالتمس منه الخواجة إتمام الدرس ، فجرى البحث في مسألة استحباب التياسر للمصلّي بالعراق ، فأورد المحقق خواجة نصير الدين : بأنّه لا وجه لهذا الاستحباب لأنّ التياسر إن كان من القبلة الى غير القبلة فهو حرام ، وإن كان من غيرها إليها فهو واجب؟

فأجاب المحقق الحلّي : بأنّه من القبلة الى القبلة.

__________________

(١) الكنى والألقاب ٣ : ١٣٤.

١٣٧

فسكت الخواجة.

ثمّ انّ المحقق ألّف رسالة لطيفة في المسألة وأرسلها الى المحقق الطوسي فاستحسنها (١).

وقد صنّف المحقق الحلّي كتبا في الأصول ، منها كتاب نهج الوصول الى معرفة الأصول ، وكتاب المعارج ، وكان مدة من الزمن يدرّس المعارج في المعاهد العلمية.

وألّف في الفقه كتاب «شرائع الاسلام».

وهو أوّل من قسّم الفقه على أقسام أربعة :

الأول العبادات ، الثاني العقود ، الثالث الايقاعات ، الرابع الأحكام. لأنّ الحكم الشرعي إمّا أن يتقوّم بقصد القربة أولا ، والأول العبادات ، والثاني إمّا أن يحتاج الى اللفظ من الجانبين الموجب والقابل ، أو من جانب واحد أو لا يحتاج الى اللفظ.

فالأول العقود ، والثاني الايقاعات ، والثالث الأحكام.

وهذا التقسيم يشمل مختلف أبواب وكتب الفقه.

وبعد أن قضى عمره الشريف في التعليم والتأليف وتربية العلماء وافاه الأجل سنة (٦٧٦).

العلّامة الحلّي :

وقد ظلّ النمو العلمي في مجالات البحث الأصولي مستمرا ويتطوّر يوما بعد يوم ، الى أن جاء دور :

الامام العلامة ، آية الله المطلق ، جمال الدين أبو منصور الحسن بن سديد الدين يوسف بن زين الدين علي بن مطهر الحلّي.

من أعاظم فقهاء الشيعة ، جامعا لشتى العلوم والفنون ، صاحب التصانيف الكثيرة ، استفادت الأمة من تصانيفه القيمة ، منذ تأليفها ، وانتفعت بنظراته الثاقبة طيلة حياته وبعد مماته.

__________________

(١) روضات الجنات ٢ : ١٨٨.

١٣٨

قال ابن داود في حقّه : شيخ الطائفة وعلامة وقته ، صاحب التحقيق والتدقيق ، كثير التصانيف ، انتهت رئاسة الامامية اليه في المعقول والمنقول (١).

وقال السيد بحر العلوم في فوائد رجالية :

علامة العالم ، وفخر نوع بني آدم ، أعظم العلماء شأنا ، وأعلاهم برهانا ، سحاب الفضل الهاطل ، وبحر العلم الذي ليس له ساحل ، جمع من العلوم ما تفرّق في جميع الناس ، وأحاط من الفنون بما لا يحيط به القياس ، مروّج المذهب في المائة السابعة ، ورئيس علماء الشيعة من غير مدافعة ، صنّف في كلّ علم كتبا ، وآتاه الله من كلّ شيء سببا ... (٢).

ولد في الحلّة عام (٦٤٨) ونشأ فيها وتتلمذ على خاله المحقق صاحب الشرائع ، ودرس الفلسفة والكلام على المحقق الطوسي ، وجمع بين ثقافتي المحققين الحلّي والطوسي في الفقه والأصول والفلسفة. ولئن كان الشيخ الطوسي بلغ قمة الفكر في مجالاته المختلفة في عصره ، فقد بلغ العلامة الحلّي قمة الفكر في مجالاته المختلفة في الحلة أيضا.

وتلاميذ العلامة لم يقلّوا عن تلاميذ الشيخ الطوسي تأثرا بمدرسة أستاذهم ، فظلّوا قرنا من الزمان يتناقلون أفكاره وآراءه في مجالي الفقه والأصول ، ودراسة كتبه رغم ظهور التغييرات فيها.

بعض مشايخه :

١ ـ الحكيم المتأله كمال الدين ميثم بن علي البحراني مؤلف شرح نهج البلاغة.

٢ ـ نجيب الدين يحيى بن أحمد الهذلي الحلي.

٣ ـ والده سديد الدين يوسف بن زين الدين علي بن المطهر الحلي.

٤ ـ المحقق الطوسي خواجه نصير الدين محمد ، قرأ عليه الكلام والهيئة والعقليات ، وقرأ عليه الطوسي الفقه (٣).

__________________

(١) نقد الرجال / ٩٩.

(٢) تنقيح المقال ١ : ٣١٤.

(٣) مستدرك الوسائل ٣ : ٤٦٤.

١٣٩

٥ ـ المحقق نجم الدين جعفر بن الحسن الهذلي الحلي مؤلف الشرائع ، وكان عمدة تلمذته عليه ، كما انّه قرأ على جماعة من علماء السنة منهم نجم الدين الكاتبي القزويني ، وبرهان الدين النسفي ، وجمال الدين حسين بن ابان النحوي.

له كتب عديدة في الأصول منها : تهذيب الوصول الى علم الأصول ، ومبادئ الوصول الى علم الأصول ، ونهاية الأصول ، ونهج الوصول الى علم الأصول.

تلامذته والراوون عنه :

١ ـ ولده فخر المحققين أبو طالب محمد.

٢ ـ مجد الدين أبو الفوارس محمد.

٣ ـ عميد الدين عبد المطلب بن مجد الدين.

٤ ـ ضياء الدين بن مجد الدين.

٥ ـ علاء الدين علي بن محمد بن الحسن بن زهرة الحسني الحلبي.

ومن كتبه المعروفة :

المختلف ، كتبه لدراسة المسائل الخلافية بين فقهاء الشيعة.

وشرح التجريد ، وتذكرة الفقهاء ، والتبصرة ، وخلاصة الرجال.

وتوفي في الحلة ودفن في النجف الأشرف في جوار مولانا أمير المؤمنين سنة (٧٢٦).

فخر المحققين :

وقد ظلّ النمو العلمي يتقدّم ويتطوّر في مدرسة الحلة على يد تلامذة العلامة الحلّي وكان الممثل للشخصية العلمية في مجاليها الفقهي والأصولي في هذا العصر. فخر الدين أبو طالب محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر. تتلمذ على أبيه العلامة الحلي ، ونشأ برعايته وعنايته ، وقرأ عليه مختلف العلوم النقلية والعقلية ، وبرز في ذلك كلّه.

أكمل بعض تآليف والده العلامة كالألفين وغيره ، وشرح بعض كتب أبيه كالقواعد.

ولد في بلدة الحلة في سنة (٦٨٢) وتعلّم بها ، وكان عمدة تلمذته على يد والده ، وأصبح من العلماء النوابغ ، ألّف التصانيف الرائقة ، اثنى عليه علماؤنا في تراجمهم.

١٤٠