الرسائل

الآقا حسين الخوانساري

الرسائل

المؤلف:

الآقا حسين الخوانساري


المحقق: رضا الاستادي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: كنگره آقا حسين خوانسارى
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٧

كذلك كان المانعية من الطرفين لاستواء النسبة ، فإذا كانت الصلاة مثلا مانعة من الزنا كان الزنا أيضا مانعا منها وحينئذ كان الزنا موقوفا على عدم الصلاة فيكون وجود الصلاة علّة لعدم الزنا والحال أنّ عدم الزنا علّة لوجود الصلاة ، لأنّ رفع مانع الشيء في علل وجوده فيلزم أن تكون العلّية من الطرفين.

ويمكن أن يقال : إذا حصل ترك الحرام بارتكاب فعل ما يجب صار ذلك الحرام ممتنع الصدور من المكلف في الزمان الثاني ، ففي الزمان الثاني لا يكون مكلفا بالترك لأنّ التكليف فرع القدرة فلا يجب عليه فعل ما لأجل الترك المذكور ، بل كلّما صدر عنه كان متّصفا بالإباحة حينئذ ، وكذلك صدور الحرام عن بعض الجوارح قد يكون ممتنعا في بعض الأوقات بناء على انتفاء شرائط التمكن ، وحينئذ لا يكون مكلفا بالترك كما بيّنّا فكلّ فعل صدر عنه حينئذ كان متصفا بالإباحة فلا يلزم انتفاء المباح رأسا.

وقد يجاب أيضا بالتزام أنّ الفعل مباح في حد ذاته واجب من حيث إنّه لا يمكن ترك الحرام إلّا به ويمنع الإجماع على الإباحة إلّا من الحيثية المذكورة.

ومنها : لو وجبت لوجبت نيّتها لكن التالي باطل بالإجماع ، وجوابه بمنع الملازمة إذ وجوب النيّة ليس إلّا في الواجبات بالأصالة وما قصد به التعبد دون غيره من الواجبات كالصدق وأداء الأمانة والعدل ، إذ الغرض بها غير التعبّد ، فكذلك المقدمة ، لكون الغرض منها الايصال إلى الغير وهو يتمّ بدون النيّة ، نعم ترتب الثواب عليها يتوقف على النيّة ولا قدح فيه.

ومنها : لو كانت واجبة لكانت مقدرة شرعا وإلّا لزم التكليف بما لا يطاق والتالي باطل ، إذ لا تقدير لها شرعا.

وجوابه : انّه إن أراد بالتقدير الشرعي تقديرا معينا بألفاظ دالّة على تعيين

٦١

التقدير فالملازمة ممنوعة لجواز أن يكون الدال على تقديره العقل ، فإن العقل يجد أنّ الغرض من المقدمة الايصال ، فما حصل منه الايصال كان من أفراد المقدمة ، وما لم يحصل منه لم يكن كذلك ، وإن أراد أعم من ذلك فالملازمة مسلم لكن بطلان التالي ممنوع والسند ظاهر.

ومنها : لو وجب المقدمة لكان زيادة على النص والتالي باطل لأنّ الزيادة على النص قبيح باطل.

ومنها : لو وجب لترتب الثواب عليها والتالي باطل.

وجوابها ظاهر من غير تأمّل.

ولا يقال لو وجبت المقدمة يلزم أن يكون العبد المأمور بالوضوء التارك له ، إذا كان على شاطئ النهر معاقبا بعقاب واحد وإذا كان بعيدا عن الماء معاقبا بعقوبات متعددة لأنّه ترك واجبات متعددة مع أن العقل يقتضي عكس ذلك.

فيقال له على تقدير تسليم تعدد العقوبات يختلف شدة وضعفا بحسب اختلاف الأحوال والأوضاع والسهولة والصعوبة وغير ذلك من الامور ، فيجوز أن يكون الاستحقاق الناشئ بسبب الترك في الصورة الاولى أكثر من الآخر وإن كان الآخر أكثر بحسب الكم والعدد.

ثمّ يقال لمن يوجب المقدمة : إمّا أن تقول بتساوي الاستحقاقين في الصورتين ، أو تقول بالتفاوت. والعقل يحكم لفساد الأوّل فتعين القول بالثاني ، وحينئذ يجوز أن يكون زيادة الأوّل مقاوما لعدد الاستحقاق في الثاني على أنّه يقلب عليه نظير هذا الكلام فنقول : لو لم تجب المقدمة يلزم أن يكون المأمور بالوضوء الآتي به إذا كان على شاطئ النهر مستحقا لثواب واحد وإذا كان بعيدا

٦٢

عن النهر مستحقا لثواب واحد مع أن العقل يحكم بزيادة الثواب في الصورة الثانية.

احتج أصحاب القول الثالث امّا على عدم وجوب غير السبب فبالأصل وبالوجوه المذكورة وقد عرفت اندفاع الكل ، وامّا على وجوب السبب فبوجوه :

الأوّل : الإجماع نقله جماعة منهم الآمدي.

والثاني : الموصل (التوصّل خ) إلى الواجب واجب إجماعا وليس بالشرط لما ذكر فيكون بالسبب فيكون واجبا.

وهذان الوجهان ضعيفان ، لأن الاجماع المذكور غير ثابت مع أنّ بعض عباراتهم يشعر بوقوع الخلاف به كما لا يخفى على المتتبع.

الثالث : وهو العمدة وعليه تعويل الأكثر إنّ وجود المسبب عند وجود السبب ضروري وعند عدمه ممتنع فلا يمكن تعلق التكليف به لكونه غير مقدور.

واعترض عليه بأن كون الشيء مقدورا أعم من أن يكون بواسطة أو بغير واسطة ، وكونه ضروريا عند وجود الواسطة لا يستلزم عدم كونه مقدورا في نفسها.

ويرد عليه أيضا أنّه لو تم دليلكم هذا لزم انتفاء التكليف رأسا لأن السبب أيضا له سبب ، عند تحققه يجب وجوده ، وعند عدمه يمتنع وجوده ، وهكذا انتقل الكلام في سبب السبب وسبب سبب السبب حتى يرجع إلى علّة قديمة فيلزم انتفاء التكليف عن الجميع كما لا يخفى.

ويمكن الاستدلال على المطلوب بأن الطلب إنّما يتعلق بفعل المكلف وهو

٦٣

الحركات الإرادية الصادرة عنه التابعة لتحريك القوى المنبثّة في العضلات ، وأمّا الامور التابعة لتلك الحركات المعلولة لها فليست فعلا للمكلف بل فعل المكلف يستتبع لها استتباع العلل للمعلولات أو استتباع الأشياء للامور المقارنة لها اقترانا عاديا فلا يمكن تعلق التكليف بها.

ويرد عليه أن المراد بفعل المكلف إن كان معلوله القريب فلا نسلم انحصار متعلق التكليف فيه ، وإن كان أعم من ذلك فمسلّم لكن لا يجدي نفعا إذ المسبب فعل توليدي للمكلف صادر عنه بتوسط الفعل الأوّل كما زعمه المعتزلة واستدلوا عليه بحسن المدح والذم عليه.

والحق أن يقال : عند تعلق التكليف بالمسبب إمّا أن يكون المطلوب وجوده في نفسه ، أو إيجاد المكلف إيّاه والأوّل باطل فتعين الثاني ، وحينئذ إيجاد المكلف للمسبب إمّا أن يكون عين إيجاده للسبب وقد انتسب إليه انتسابا عرضيا أم إيجاد آخر غير الإيجاد الأوّل والثاني باطل ، لأنّا نعلم أنّه ليس هاهنا أمر آخر وراءه فتعيّن الأوّل وهو المطلوب.

وبالجملة : ليس إتيان المكلف بالمسبب المطلوب في التكليف فعلا آخر غير إيجاده للسبب وهو أمر واحد ينسب إليهما بحسب الاعتبار ، يظهر ذلك بالمراجعة إلى الوجدان.

فإن قلت : التكليف بالمسبب تكليف بالسبب ، والسبب لكونه حادثا محتاج إلى سبب آخر حادث لامتناع استناد الحادث إلى القديم من غير توسط حادث ما وننقل الكلام إلى ذلك السبب ، فيلزم تحقّق امور لا يتناهى ، فلو كان التكليف بالمسبب تكليفا بالسبب يلزم التكليف بما لا يتناهى مع أنّ مبادئ السلسلة خارجة عن المقدورات البشرية فيلزم التكليف بما لا يطاق.

٦٤

قلت : نحن لا ندّعي أنّ التكليف بالمسبب تكليف بالسبب مطلقا بل تكليف بالسبب الذي يباشره المكلف وهو داخل تحت إرادته واختياره ، لا أنّه تكليف بمباديه البعيدة الخارجة عن مقدرة الإنسان.

فإن قلت : انتساب السبب إلينا مثل انتساب المسبب سواء ، إذ السبب أيضا مستند إلى سبب آخر يجب عند وجوده لامتناع تخلف المعلول عن العلّة التامّة وذلك السبب أيضا إلى سبب آخر كذلك ، حتى ينتهي إلى القديم تعالى ، فكما منعتم تعلق التكليف بالمسبب المفروض يلزم امتناع تعلقه بالسبب أيضا وإن كفى الاستناد بحسب الظاهر ، لزم صحة تعلق التكليف بالمسبب من غير تعلقه بالسبب.

قلت : هذه شبهة يتمسك بها في نفي اختيار العبد ، ولا اختصاص له بهذا المقام ، والتحقيق في حلها ما أفاده بعض المحققين من أنّ أفعال العباد له مبادئ قريبة ومبادئ بعيدة ، فمن نظر إلى مبادئها القريبة واستنادها إلى العباد بالكلية حكم بالاختيار الصرف وهو التفويض ، ومن نظر إلى مبادئها البعيدة وكونها خارجة عن طوق البشر حكم بالجبر البحت وعدم استناد الأفعال إلى العباد ونفي الاختيار ، والحق التوسط كما أفاده بعض الصادقين عليهم‌السلام : لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين.

وبالجملة : إذا كان الفعل صادرا عن العبد بسبب الإرادة والداعي ، فكونهما على أمر آخر لا ينافي استناده إلى العبد وصحة التكليف به ، وكذا الوجوب بسبب الداعي ولا يلزم السراية إلى المبادئ البعيدة ، وأمّا قولنا بسراية التكليف من المسبب إلى السبب فبناء على أن إيجاد العبد له بنفس إيجاد السبب فيكون التكليف بالحقيقة راجعا إلى إيجاد السبب تأمّل في هذا المقام فانّه من مزال

٦٥

الأقدام ومضال الأفهام.

واعلم أن القائلين بأنّ إيجاب المسبب يستلزم إيجاب السبب دون الشرط طردوا الحكم في التحريم ، فقالوا : إنّ تحريم المسبب يستلزم تحريم السبب والدليل الذي ذكره الأكثر من أنّ وجود المسبب عند وجود السبب ضروري جار في التحريم أيضا والدليل الذي أفدناه أيضا جار فيه.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه يلزم من ذلك وجوب الشرط أيضا كما أشرنا إليه سابقا والقول بالفصل تحكم.

فإن قلت : لعل مرادهم أن تحريم المسبب الوجودي يستلزم تحريم سببه الوجودي لا مطلقا فلا يجري في عدم الشرط والمشروط.

قلت : هذا التخصيص غير موجود في كلامهم ولا يساعده دليلهم لاشتراكه ، ومع ذلك يدفعه التحقيق لأنّ خلاصة التحقيق الذي ذكرنا أنّ متعلق القدرة حقيقة الأمر الذي يباشره المكلف دون الأمر التوليدي فإذا كان حصول الأمر منحصرا في التوليد كان التكليف متعلقا بسببه إيجابا وتحريما ، وإذا كان حصوله بالتوليد تارة وبالمباشرة اخرى كان التكليف متعلقا بأحد الأمرين تخييرا في الإيجاب وبانتفائهما جميعا في التحريم سواء كان وجوديا أو عدميا ، ولما كان تحصيل السبب عين تحصيل المسبب توليدا لا جرم يسري القبح من المسبب إليه فعدم المشروط لما كان قبيحا وحصوله قد يكون بطريق التوليد من عدم الشرط لا جرم يسري القبح من عدم المشروط إلى عدم الشرط لا محالة.

احتج ابن الحاجب على وجوب الشرط الشرعي بانّه لو لم يجب لم يكن شرطا والتالي باطل لكونه خلاف المفروض فكذا المقدم.

٦٦

بيان الملازمة : أنّه لو لم يجب الشرط كان للمكلف تركه فإذا أتى بالمشروط فلا يخلو إما أن يكون آتيا بتمام المأمور به أم لا ، لا سبيل إلى الثاني إذ لم يجب عليه سوى ما أتى به فإن المفروض أنّ الشرط غير واجب فيكون المأتي به تمام ما يجب عليه فثبت الأوّل ، وحينئذ لم يكن الشرط شرطا لأنّ الإتيان بتمام المأمور به يقتضى الصحة والإجزاء ، وتحقّقه بدون الشرط ينافي الشرطية.

واجاب عنه بعضهم بأنّه لا خفاء في أنّ النزاع في أنّ الأمر بالشيء هل يكون أمرا بشرطه إيجابا له وإلّا فوجوب الشرط الشرعي للواجب معلوم قطعا ، إذ لا معنى للشرطية سوى حكم الشارع بأنه يجب الإتيان به عند الإتيان بذلك الواجب كالوضوء للصلاة ، وهذا كما أنّ الشرط العقلي واجب عقلا فعلى هذا لا نسلم أنّ الإتيان بالمشروط دون الشرط إتيان بجميع ما أمر به وإنّما يصحّ لو لم يكن الشرط أوجبه الشارع بأمر آخر.

وفيه نظر لأنّ قوله : النزاع في أنّ الأمر بالشيء هل يكون أمرا بشرطه يصلح إيجابا له مناف للتحقيق ، إذ كون الأمر بالمشروط بدون الشرطية أمرا بالشرط ممّا لا يصلح أن يذهب إليه أحد.

والتحقيق : أنّ النزاع في أنّ أمر الشارع بالمشروط وحكمه بأنّ ذلك الشيء شرط لصحته هل هو أمر بالشرط أم لا؟ وأيضا الكلام فيما إذا لم يكن الشرط مأمورا به بأمر آخر.

فقوله : فعلى هذا لا نسلّم ، إلى آخر ما ذكره محل تأمّل.

وقوله : وجوب الشرط الشرعي للواجب معلوم قطعا إذ لا معنى لشرطيته سوى حكم الشارع أنّه يجب الإتيان به عند الإتيان بذلك الواجب منظور فيه ، لأنّ معنى الشرطية أنّ صحّة ذلك الواجب شرعا يتوقف عليه وهو خطاب وضعي

٦٧

لا يستلزم خطاب الاقتضاء كما هو التحقيق عند المستدل.

والأقرب أن يقال في الجواب : إنّا نختار أنّ الآتي بالمشروط بدون شرط غير آت بتمام المأمور به ولا ينافيه عدم وجوب الشرط ، لجواز أن يكون المأمور به نوعا خاصا في الماهية المطلقة بحيث يكون انتفاء الشرط مستلزما لانتفاء الخصوصية فتنتفي الماهية المخصوصة.

وحينئذ يكون الشرط ممّا يتوقف عليه حقيقة المأمور به ويكون نسبته إلى المشروط به شرعا كنسبة الشرائط العقلية بالنسبة إلى المشروط بهما عقلا ، والفرق ليس إلّا بأنّ تحقّق المشروط هاهنا بدون الشرط جائز مع قطع النظر عن اعتبار الخصوصية المعتبرة شرعا وليس هناك كذلك ، ومجرّد هذا الفرق لا يكفي للحكم بالوجوب في أحدهما دون الآخر ، فالفرق تحكم.

وبالجملة : إذا أمرنا الشارع بالصلاة مثلا ولم يخاطب بالخطاب الوضعي المذكور كان تمام المأمور به في الخطاب السابق حقيقة الأركان المذكورة مطلقا من غير خصوصيّة اخرى ، ثمّ إذا خاطب بالخطاب الوضعي الدال على اشتراطها بالوضوء ظهر أن ليس المراد بالمأمور به في الخطاب السابق حقيقة الأركان المذكورة مطلقا ، بل الطبيعة المتخصصة بكونه صادرا عن المتطهّر ولا يلزم وجوب الطهارة ، إذ هي ممّا يتوقف عليه المأمور به وليست نفسه ولا جزءه ، وإيجاب الشيء لا يلتزم إيجاب ما يتوقّف هو عليه عند المستدل ولا يلزم أيضا أن يكون الخصوصيّة واجبا على حده إذ ليس الواجب إلّا الطبيعة المتخصصة بهذه الخصوصية ، فإذا أمر بصلاة الظهر مثلا لم يلزم أن يكون طبيعة الصلاة واجبة على حده وكونه ظهرا واجبا آخر بل الواجب أمر واحد مركب من أجزاء موجودة في الخارج أو منحل إلى أجزاء في العقل ، ولا عقاب بازاء كل واحد

٦٨

منهما.

وبالجملة : إذا تركنا الوضوء وفعلنا الصلاة أو فعلنا الوضوء وتركنا الصلاة كان العقاب على ترك الصلاة الواجبة المخصوصة بالخصوصية المذكورة لا على ترك الوضوء أصلا ، إلّا على القول باستحقاق العقاب على ترك المقدمات مطلقا.

ويمكن دفعه بأنه قد ثبت أن التكليف بالمسبب تكليف بالسبب ولا شك أن الصلاة المخصوصة بكونها صادرة عن المتطهر عبارة عن أفعال معينة مع هيئة اعتبارية ولا يمكن تحصيلها إلّا بإيجاد سببها ، فيكون التكليف بالصلاة المخصوصة بتلك الهيئة تكليفا بأسبابها ، وسببها الأركان المخصوصة مع الطهارة فيلزم تعلق التكليف بالطهارة كتعلقه بالصلاة.

هذا تحرير النزاع على الوجه المشهور.

وأمّا على الوجه الآخر الذي أشرنا إليه سابقا فنقول : الأقوال بحسب الظاهر ثلاثة :

الأوّل : الوجوب مطلقا من غير تقييد بوجود المقدمة مع وجوب تحصيل المقدمة وهو مذهب أكثر المتقدمين والمتأخرين.

الثاني : الوجوب إن كانت المقدمة سببا وعدمه إن كانت شرطا ، بمعنى انّه لا تكليف بتحصيل الشرط أصلا ولا بتحصيل المشروط إذا فرض عدم اتفاق وجود الشرط ، بل التكليف بالمشروط انّما يتحقّق إذا اتّفق وجود الشرط ، وأما التكليف بالمسبب فلما لم يكن تعليقه بوجود السبب أو تحقق المسبب ضروري فلا يمكن تعلق التكليف به معلقا بذلك التقدير.

الثالث : عدم الوجوب مطلقا ولا نعلم قائله. وهذا القول لا وجه له عند

٦٩

التحقيق إذ لا معنى لتعليق الوجوب بوجود السبب كما عرفت فالخلاف لا يتصور إلّا في الشرط ، فيرجع الخلاف إلى قولين : حجّة الأوّل ما أسلفنا من الأدلّة الدالّة على وجوب المقدمة مطلقا.

وحجة القول الثاني وجهان :

أحدهما وهو المستفاد من كلام السيد : أنّ التكليف المستفاد من كلام الشارع على قسمين : مطلق ومشروط ، والأمر الثابت المسلم هاهنا مطلق الوجوب ولا تثبت خصوصية أحد قسميه إلّا بدليل لكن الوجوب على تقدير تحقق الشرط لازم على التقديرين فحكمنا به والوجوب عند عدم الشرط مشكوك فيه فلا يحكم به إلّا بدليل.

وثانيهما : أنّه لو بقي الأمر على إطلاقه ولم يتقيد بوجود المقدمة فإمّا أن يقول بوجوب المقدمة أو بعدم وجوبه وكلاهما باطلان ، فالمقدم باطل ، أمّا الأوّل فلأن وجوب المقدمة خلاف الأصل فالقول به بلا دليل باطل ، وأمّا الثاني فلأنّه يلزم التوصل إلى الواجب بما ليس بواجب وهو باطل.

لا يقال : نختار الأوّل وهو وجوب المقدمة وارتكاب خلاف الأصل بناء على أنّ وجوب المشروط مطلق والتقيد بحال وجود المقدمة خلاف الأصل.

لأنّا نقول : القول بوجوب المقدمة يحتاج إلى ثبوت أنّ مخالفة الأصل في وجوب المقدمة أولى من مخالفة الأصل في التقيد وهو ممنوع.

والجواب عن الأوّل أن التكليف غير مقيّد بحال وجود المقدمة ، ونحن نعلم في هذه الصورة صحة المؤاخذة لو ترك الفعل مع ترك مقدماته وعدم صحة الاعتذار والتعليل بعدم وجود المقدمة ، وتلك الامور دلائل على أنّ التكليف

٧٠

متعلق بالمقدمات ، ألا ترى أنّ المولى لو قال لعبده : اسقني الماء ، لم يصح منه التعليل بعدم حضور الماء أو عدم حركته إلى طلب الماء أو غيرهما.

وبهذا يظهر الجواب عن الثاني أيضا ، لأنّ القول بوجوب المقدمة ليس له من مخالفة الأصل بلا دليل بل الدليل دلّ عليه ، وظهر أيضا اندفاع ما يقال من أنّ القول بوجوب المقدمة المخالفة للأصل ليس بأولى من القول بتقيد المطلق على أن إبقاء الألفاظ على ظواهرها أولى من إبقاء أصل الإباحة على حاله وإلّا سقطت الاستدلالات اللفظية كما لا يخفى.

فائدتان :

الأوّل قال بعض الفضلاء [أي السيّد البحراني] : محل الخلاف الامور الخارجة عن ظاهر ما يتناوله اللفظ من الأسباب والشروط ، أمّا الاجزاء فكأنّه لا ريب في أنّ الأمر بها من حيث هي في ضمنه لأنّ إيجاد الكل هو إيجادها. (١)

وفيه نظر لأن من يذهب إلى عدم وجوب المقدمة بناء على أنّ التكليف إنّما يتعلق بالمقدمة وهو غرض الشارع وهو المطلوب في التكليف ، له أن يقول ولا يلزم أن يكون كلّ جزء متعلقا للتكليف غرضا للشارع مطلوبا له بحيث يلزم ترتب الثواب على كل جزء والعقاب على ترك كلّ جزء بخصوصه.

ولا يندفع إلّا بالأدلّة التي ذكرنا سابقا وهو مشترك في إيجاب الأجزاء وغيرها ، فالفرق تحكم خصوصا إذا كانت الأجزاء أجزاء واقعية غير ملحوظة حين الخطاب. وبالجملة الأنسب بطريقة من يمنع وجوب المقدمة أن يمنع وجوب الاجزاء أيضا.

__________________

(١) راجع ص ٣٤.

٧١

الثاني : تعلق هذه المسألة بالفروع العملية على الوجه الأخير من الخلاف ظاهر لا سترة فيه ، وأمّا على الوجه المشهور فربّما تظهر الفائدة إذا قلنا بوجوب الجزم بالنيّة مع نيّة الوجه كما في قضاء مجهولة التعيين وإذا قيل بالمنع من الصلاة في الثوبين المشتبهين وإيجابها عاريا هذا انّما يتمّ على القول بعدم وجوب المقدمة. (١)

وفرع عليه أيضا وصف المشتبه بالأجنبية بالتحريم. ويمكن أيضا تفريع بعض المسائل كما لو نذر فعلا واجبا أو علق النذر على فعل واجب أو علق الظهار عليه.

ويمكن أن يتفرّع عليه أن من ترك بعض مقدمات الواجبات المستلزمة ، لترك ذلك الواجب فهل يتّصف بالفسق قبل دخول زمان ترك الواجب أم لا؟

وفرع شيخنا الشهيد الثاني في قواعده على هذه المسألة مسائل كثيرة لي في تفريعها عليها نظر ولا فائدة يعتد بها في نقلها ، فمن أراد فليرجع إليه.

هذا آخر ما قصدنا إثباته في هذه الرسالة. تمت بالخير.

__________________

(١) راجع ص ٣٥.

٧٢

(٣)

رسالة في مقدّمة الواجب

تأليف

آقا حسين الخوانساري

(م ١٠٩٩ ق)

٧٣
٧٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله الّذي جعل امتثال أوامره سببا لاقتناص الثواب وصيّر الانتهاء عن نواهيه شرطا للخلاص عن العقاب ، والصلاة والسلام على خاتم الرسل وهادي السبل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، مظهر خوارق العادات ، وموضح طرائق الشرعيّات والعقليّات ، وأخيه ووصيّه علي مقدم جيش الأوصياء وأولاده المعصومين الاصفياء ما ترتبت النتائج على المقدمات وتميّزت الواجبات عن المحرّمات.

أمّا بعد : فيقول المفتقر إلى عفو ربّه الباري حسين بن جمال الدين محمد الخوانساري أوتيا كتابهما يمينا وحوسبا حسابا يسيرا : هذه مقدّمة متعلّقة بمسألة مقدّمة الواجب بيّنت فيها أكثر المباحث الّتي تتعلّق بهذه المسألة وينتسب إليها ، وأوردت جلّ دلائل الأقاويل الواقعة فيها وما يرد عليها ، وأظهرت ما هو الحقّ الحقيق بالتحقيق الحريّ بالتصديق ، حسبما أدى إليه نظري القاصر وفكري الفاتر سالكا طريق الإنصاف ناكبا عن سبيل الاعتساف ، سائلا من الناظرين فيها أن لا يبادروها بالإنكار ، ولا يلاحظوها بلحظ الاستنكار ، بل عليهم أن يستقبلوها على قطوف التأمّل والتفكّر ويستعملوا فيها صنوف التعمّق والتدبّر ثمّ لهم الردّ والقبول وهو غاية كلّ مسئول ، ونهاية كلّ مأمول ، وها أنا أشرع في المقصود مستفيضا من واهب الطول والجود.

اعلم أنّ الواجب على قسمين ؛ مطلق ومشروط ، وعرّفوا المطلق بما لم يقيّد وجوبه بما يتوقف عليه وجوده من حيث هو كذلك ، والمشروط بما قيد

٧٥

وجوبه بما يتوقف عليه وجوبه من حيث هو كذلك وقيد الحيثية للإشارة إلى أنّ الإطلاق والتقيّد إنّما يعتبران بالنسبة إلى شيء بشيء فيجوز أن يكون الواجب الواحد مطلقا بالنسبة إلى شيء مقيدا بالنسبة إلى آخر كصلاة الجمعة فانّها بالنسبة إلى العدد مثلا مقيدة وبالنسبة إلى السعي مطلقة.

ولا يخفى ما في التعريفين المذكورين إذ لم يعتبر فيما قيد به الوجوب نفيا وإثباتا في الإطلاق والتقييد كونه مما يتوقف عليه وجود الواجب ، بل إنّما هو أعم من ذلك وهو ظاهر ، فعند أخذه على ما ذكر ينتقض التعريف الأوّل عكسا على وجه ومنعا على آخر والثاني عكسا على الوجهين.

فالأولى (١) حذف ذلك القيد والتعميم فيما قيد به ، ولا خلاف لأحد كما هو الظاهر في أنّ إيجاب القسم الثاني ليس إيجابا لمقدمته أي ما يتوقف عليه وجوبه سواء توقف عليه وجوده أم لا ، فالتكليف بالحج مثلا ليس تكليفا بتحصيل الاستطاعة ، والتكليف بالزكاة ليس تكليفا بتحصيل النصاب ، والتكليف بالصّعود إن كان السلّم منصوبا ليس تكليفا بنصب السّلّم.

وأمّا القسم الأوّل فقد وقع الخلاف بين العلماء بأن إيجابه هل هو إيجاب لمقدّمته أي ما يتوقف وجوده عليه عقلا أو شرعا أو عادة بشرط كونها مقدورة ، أو لا؟

والحاصل : أنّ الواجب (٢) اذا كان مطلق بالنسبة إلى مقدمته بالمعنى

__________________

(١) انّما قلنا فالأولى ولم نقل فالصواب لجواز أن يكون مرادهم تعريف الإطلاق والتقييد بالنسبة إلى المقدمة ويريدوا بالوجود ما يعمّ الوجود المعتبر في نظر الآمر والعادي (كذا) ، فتأمّل. منه رحمه‌الله.

(٢) هكذا قيل ، وفيه نظر ؛ لأنّ الواجب المطلق ليس بالنسبة إلى مقدّماته الغير المقدورة من قبيل القسم الثاني ، إذ ليس وجوبه مشروطا بوجود تلك المقدمات ، بل مشروط بمقدوريّتها ، فيكون الواجب

٧٦

المذكور آنفا أي لم يقيد وجوبه بها فهل يجب مقدمته أيضا بمجرّد وجوبه أولا ، واشتراط المقدوريّة إنّما يحتاج إليه إذا فسر المطلق بما لم يقيد في اللفظ وإلّا فبالحقيقة الواجب بالنسبة إلى المقدمة الغير المقدورة من قبيل القسم الثاني ، والقدماء أطلقوا الخلاف في وجوب ما لا يتم الواجب إلّا به وكان مقدورا ولم يفصّلوا على ما ذكرنا وكان هذا الإطلاق منهم بناء على أنّ الواجب عند الإطلاق إنّما ينصرف إلى التنجيزي أي المطلق ، أو على أن لا وجوب عند عدم الشرط لا تنجيزا ولا تعليقا على ما هو رأي بعض أو اكتفوا بظهور المراد وعدم ذهاب الوهم إلى تطرق الخلاف في الواجب المشروط أيضا.

ثمّ إنّ المشهور في تحرير محل النزاع أنّ الخلاف في أنّ إيجاب الواجب المطلق هل يستلزم إيجاب مقدمته بالمعنى الذي سنذكره إن شاء الله تعالى ، أو لا مع بقاء المطلق على إطلاقه كما حررناه.

ويفهم من بعض كلماتهم أنّ الخلاف في أنّ الواجب إذا لم يقيد في اللفظ بشيء فوجوبه هل هو مقيد بما يتوقف عليه وجوده أم لا؟ كما صرح به الفخر

__________________

بالنسبة إليها من قبيل القسم الثاني.

نعم يرد على هذا أيضا أنّه لا حاجة إلى القيد المذكور ، لأنّ المقدمة أيضا حينئذ واجبة على القول بوجوبها ، لكن وجوبها مشروط بمقدوريتها كوجوب مشروطها ؛ لأنّه أيضا مشروط بمقدورية المقدمة فلا حاجة إلى القيد ، إذ لا شكّ أنّ ما يقال إنّ وجوب الشيء يستلزم وجوب مقدّمته ليس معناه أنّه يستلزم وجوب مقدّمته مطلقا من دون اشتراط شيء أصلا ، بل ظاهر أنّ المراد أنّ وجوبها مثل وجوب ذي المقدمة ، فإن كان وجوبه مشروطا بشيء كان وجوبها أيضا كذلك وإلّا فلا.

ويمكن أن يتكلّف ويقال مرادهم بالمقدوريّة الصلاحيّة لتعلّق القدرة ، فيكون المقدمة الغير المقدورة حينئذ منحصرة في المقدوريّة ونحوها ممّا يتوقّف الوجوب على وجوده فيستقيم ما ذكروه.

فتأمّل. منه رحمه‌الله.

٧٧

الرازي في بعض مختصراته ، ويلوح إليه كلام «المنهاج» على ما ذكره بعض العلماء ويظهر من كلام السيد المرتضى أيضا.

والظاهر تحقق الخلاف على الوجهين المذكورين ، ولا يخفى أنّ الذاهبين إلى الاحتمال الأوّل في الخلاف الثاني يمكن ذهابهم إلى كل من الاحتمالين في الخلاف الأوّل لكن بعض أدلّتهم التي ذكروها على مدّعاهم يدلّ على ذهابهم إلى الاحتمال الأوّل كما سيظهر إن شاء الله تعالى ، ولا يذهب عليك أنّ النزاع على الوجه الثاني متعلق بأمر لغوي لا عقلي بخلاف الوجه الأوّل.

ثمّ لا يخفى أنّه يمكن تحقق الخلاف بوجه آخر أيضا بأن يكون الخلاف في أنّه هل يتحقق إطلاق الوجوب فيما له مقدّمة أو لا ، بل كل ما له مقدّمة فإنّ وجوبه مقيّد بها وفي الاحتمال الأخير يتطرق احتمال خلاف آخر ، إذ القائل به يمكن أن يقول بأنّ اللفظ المطلق الدال على الإيجاب المتعلّق بذي المقدمة كما يدلّ على

الإيجاب المشروط بالنسبة إليه يدلّ على إيجاب مقدّمته أيضا وأن لا يقول به ، بل يعتقد أنّ وجوب المقدمة لا بدّ له من دليل آخر.

فقد حصل للخلاف حينئذ أربعة أوجه اثنان لغويّان والآخر عقليّان.

ولا يخفى أنّ القول بعدم تحقق الإطلاق وعدم دلالة اللفظ في التكاليف المطلقة ظاهرا على وجوب المقدمة يشترك مع القول بالاحتمال الأوّل في الخلاف الثاني كما هو مختار المرتضى على ما سيجيء في أن لا وجوب تنجيزا في هذه التكاليف المطلقة ولا عقاب ما لم يتحقق المقدّمة ولا يجب السعي إلى تحصيلها ، ويفارقان في أنّه عند وجود ما يدلّ على وجوب المقدّمة على الأوّل ، وما يدلّ على عدم تقييد الوجوب بها على الثاني يحصل وجوبان تنجيزي وتعليقي على الأوّل ، وتنجيزيان على الثاني ظاهرا نظرا إلى بعض أدلّتهم ،

٧٨

وتنجيزي على الاحتمال الآخر ويباين كلا القولين في الخلاف الأوّل في الامور المذكورة.

وكذا لا يخفى انّ القول بعدم تحقق الإطلاق ودلالة اللفظ على وجوب المقدّمة يباين مذهب السيّد عند عدم وجود أمر آخر يدلّ على عدم تقييد الوجوب بها في الامور المذكورة كليّا وعند وجوده يشاركه بوجه ويفارقه بوجه كما يستنبط ممّا سبق ويشارك القولين الأوّلين في الخلاف الأوّل في تحقق تكليف تنجيزي واستحقاق للعقاب من دون توقف على وجود المقدّمة ، ويزيد اشتراكا مع الأوّل منهما في تحقق وجوبين ، ويفارقه في أنّهما على الأوّل تنجيزيان وعليه تنجيزي وتعليقي ، ويفارق الثاني في أنّه على الثاني يتحقق وجوب واحد وعليه وجوبان.

وإذ قد تمهّد هذا فينبغي أن يفصّل القول على الوجوه الأربعة المذكورة فنقول وبالله التوفيق

أمّا الوجه الأوّل فقد وقع الخلاف فيه على أقوال :]

أحدها : وجوب ما لا يتم الواجب إلّا به مطلقاسواء كان سببا أو شرطا شرعيا أو عقليا أو عاديا وهو مذهب الأكثر ، وقد نسب إلى الآمدي ادّعاء الاجماع عليه وهو خلاف الواقع ، بل ادعى في «الاحكام» اتفاق اصحابه والمعتزلة عليه ونسب الخلاف إلى بعض الاصولية ، ونسب العلّامة في «النهاية» الخلاف إلى الواقفية والسّيد المرتضى.

والمراد بالسبب ما يتوقف وجود الواجب عليه ويستلزمه كالصعود للكون على السطح ، وبالشرط ما يتوقف عليه وجود الواجب لكن لا يستلزمه إمّا توقفا عقليا بأن لا يمكن تحققه بدونه في الواقع عقلا كنصب السّلم للكون المذكور

٧٩

وهو الشرط العقلي ، أو عاديا بأن لا يمكن تحقّقه بدونه عادة كإدخال جزء من الرّأس لغسل الوجه وهو الشرط العادي ، أو شرعا بأن يمكن تحقّقه بدونه عقلا وعادة لكن جعله الشارع شرطا لصحّته فيكون وجوده المعتبر في نظر الشارع موقوفا عليه كالطّهارة للصّلاة وهو الشرط الشرعي.

وثانيها : عدم الوجوب مطلقا ، ولم يظهر له قائل على التعيين لكن كلام «المنهاج» يدلّ على وجود القول به ويحتمله عبارة «المختصر» أيضا ، ولكن ادّعى بعضهم الاجماع على وجوب السبب وكأنه ليس بمعتمد.

وثالثها : وجوبه إن كان سببا دون ما اذا كان شرطا مطلقا ، ذهب إليه الواقفيّة وبعض المتأخرين ويعزى إلى السّيّد المرتضى أيضا ، والظاهر عدم ثبوته لأنه لم يتعرض في تصانيفه المشهورة لهذا الخلاف ، بل إنّما تعرض للخلاف على الوجه الثاني وفرق بين الشرط والسبب واختار الاحتمال الأوّل المذكور في نقل هذا الخلاف في الشرط دون السبب ، وقد غفلوا عن تحقيق كلامه وأنه في الوجه الثاني من الخلاف دون الأوّل وتوهموا أنّه في الوجه الأوّل فلذا نسبوا إليه هذه النسبة وكأنه ذهب في هذا الخلاف الذي كلامنا فيه إلى القول الأوّل كما يظهر من بعض أدلّة ما اختاره في الخلاف الثاني إلّا أن لا يرتضى هذا الدليل على ما اختاره. وسيجيء تفصيل ذلك إن شاء الله.

ورابعها : وجوبه إذا كان شرطا شرعيّا دون غيره وإليه ذهب ابن الحاجب ، ونسب إلى الإمام الحرمين أيضا.

قال السيّد الفاضل البحراني في رسالته المعمولة في هذا الباب بعد نقل هذا القول : وربما لاح منه بعد تسليم الإجماع على وجوب الأسباب وجه خامس :

٨٠