الرسائل

الآقا حسين الخوانساري

الرسائل

المؤلف:

الآقا حسين الخوانساري


المحقق: رضا الاستادي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: كنگره آقا حسين خوانسارى
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٧

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إذا هبط حجر إلى الأرض فلا شكّ أنّه لا بدّ من مزايلة الهواء الذي في المسافة حتّى يمكن الهبوط وإلّا يلزم التداخل المحال.

ومزايلة الهواء إمّا بالخروج عن الطريق وإمّا بالتكاثف. والأوّل محال ؛ لأنّ الخروج إمّا عن أحد طرفي الحجر أو عن الطرفين جميعا بأن يتحرّك نصفه إلى طرف من الحجر ونصفه الآخر إلى طرف آخر منه ؛ فإن كان من طرف فلا بدّ أن يكون كلّما يتحرّك جزء إلى الخروج من ذلك الطرف يجيء مكانه جزء آخر لئلّا يلزم الخلاء وهكذا ، فيلزم لا محالة أن لا يخلو مكان أصلا حتّى يمكن للحجر الهبوط بل كان مالئا دائما. وقس عليه حال الخروج عن الطرفين أيضا.

والحاصل أنّه يلزم في الصورتين إمّا الخلاء أو بقاء الملإ دائما وكلّ منهما محال.

وأمّا الثاني : فمع الإغماض عن أنّه يستبعد أن يحتمل الهواء الذي ليس في مضيق تكاثف مقدار فرسخ أو فرسخين بل يقدر مقعر فلك القمر إلى وجه الأرض ، نقول : إنّ تلك الأهوية المتكاثفة إلى ما يصير حالها آخر الأمر ، فإمّا أن ينعدم بالمرّة وهو مخالف لقواعدهم ، أو يخرج وقد عرفت أن خروجها محال ، أو يبقى فيلزم أن لا يمكن وصول الحجر إلى الأرض ؛ وهو ظاهر.

والجواب : أنّه يتكاثف بالتدريج ويتخلخل أيضا بحيث يكون الحركتان معا ، ولا نسلّم استحالته ؛ لأنّ التكاثف من جهة العمق والتخلخل من جانبي

٣٢١

اليمين واليسار فبالتكاثف يزيل الهواء من طريق الحجر ليمكن الهبوط ، وبالتخلخل يخرج من الجانبين من دون لزوم محذور وينتهي تخلخله إلى حيث يصل إلى الهواء الذي صار متخلخلا بالقسر لتملأ موضع الحجر عن هبوطه لئلا يلزم الخلاء ، وإذا وصل إلى ذلك الهواء يعود ذلك الهواء إلى طبعه بالتكاثف ويملأ مكانه الهواء الخارج من طريق الحجر بالتخلخل ، ويستقرّ جميع الأهوية على طباعها ، ولو فرض أنّه يستبعد أحد وقوع التكاثف والتخلخل معا في زمان واحد ، فله أن يختار التخلخل فقط. ويقول : إنّ التخلخل من جانبي اليمين واليسار يلزمه انتقاص الحجم من جانب العمق بديهة وبذلك يصير الحجر مخلّى السرب في تمكّنه الهبوط.

فإن قلت : فلا بدّ في آخر الحركة أن يخرج الهواء دفعه من البين حتّى يمكن وصول الحجر إلى الأرض وهو محال.

قلت : ليس كذلك ، لأنّ الحركة ليس لها آن آخر كما أنّ ليس لها آن أوّل ، بل ليس لها إلّا آن هو ابتداء زمانه وآن هو انتهاؤه ، وليس في شيء منهما جزء من أجزاء الحركة بل الحركة مفقودة فيهما ، وآن الانتهاء هو آن الوصول ، وحينئذ لا بين ولا هواء حتّى يلزم أن يخرج دفعة ويكون محالا. وكلّ آن نفرض قبل هذا الآن يكون بين الحجر والأرض مسافة ، ويجيء الحجر بالتدريج ويخرج الهواء كذلك بالنحو الذي صوّرنا من التكاثف والتخلخل أو التخلخل فقط.

فإن قلت : فعلى هذا يمكن أن يقال : إنّ التكاثف أيضا يكفي في دفع الشبهة ، إذ كلّ ما يتكاثف ينقص شيء ويخلو المكان ويمكن هبوط الحجر وهكذا إلى أن يصل إلى الأرض ، وليس آن هو آخر آنات الحركة كما قرّرت حتّى يقال : إنّ في هذا الآن لا بدّ إمّا أن يعدم ذلك الهواء المتكاثف أو يخرج دفعة

٣٢٢

وكلّا منهما ، محال.

قلت : فرق بين الحالين بديهة إذ بعد ما سلّمت أنّ الهواء لا يخرج أصلا بل يتكاثف ولا شكّ أنّ في المسافة كان الهواء موجودا كثيرا ، فما تقول في ذلك الهواء أعدم أم خرج ، أم بقي متكاثفا؟ وكلّ هذه الامور محال.

وانتقاصه شيئا فشيئا إلى أن لا يبقى شيء آن الوصول ليس بمتصوّر حينئذ.

بخلاف ما إذا قيل بالخروج ، لأنّه يتصوّر حينئذ أن يقال : إنّه يخرج بالتخلخل وتنقص شيئا فشيئا حتّى لا يبقى شيء من دون لزوم محذور كما عرفت.

وقد اجيب عن الشبهة بوجه آخر :

وهو أنّ الحجر عند وصوله إلى الأرض لا ينطبق بتمامه على الأرض حتّى يلزم المحذور بل يقع مورّبا.

وفساده ظاهر إذ نشاهد بديهة انطباق سطح الحجر على سطح الأرض حين الوصول من دون توريب أصلا ونضع أيدينا أو سطحا آخر على الأرض من اعوجاج قطعا (١) مع أنّه يكفي في إجراء الشبهة وصول أزيد من نقطة إلى الأرض ولا يحتاج إلى وصول قدر كثير كما لا يخفى.

وحينئذ لا بدّ أن يلزم المجيب أنّ كلّ ما يصل إلى الأرض يصل بنقطة منه أو خطّ ، ثمّ ينطبق تدريجا جزءا فجزءا حتّى ينطبق كلّه على الأرض حتّى لا يعود الشبهة ، وبطلانه أظهر من أن يخفى.

__________________

(١) كذا.

٣٢٣

من إفادات سلطان عالم التحقيق والتدقيق استاذ البشر العقل الحادي عشر أعني استاذي آقا حسين أدام الله ظله العالي.

روشنى ديده علم وعمل

واقف اسرار ، حكيم ازل

كتب بيمينه الجانية الفانية أحوج المربوبين إلى ربّه الغني ابن على نقي بهاء الدّين محمّد الطغائي بلّغه الله إلى أقصى مراتب الفهم والعقل بحق محمد وأهل بيته الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين.

٣٢٤

(١١)

رسالة في جواب شبهة اجتماع الظن

والشك فيما إذا كان ...

تأليف

آقا حسين الخوانساري

٣٢٥
٣٢٦

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

هو القدير

إذا كان أكثر أهل بلد مسلما وبعضه كافرا ، وعلمنا بذلك ولكن لم نعلمهما بأعيانهما ، فحينئذ كلّ من نراه من أهل تلك البلدة نظنّ أنّه مسلم بناء على أنّ الظنّ تابع للأعمّ الأغلب ، مع أنّا نعلم قطعا أنّ بعضه كافر وعلى هذا يظنّ ورود شبهة (ومن هذا ينشأ شبهة خ) : هي أنّ من المعلوم قطعا أنّ ظنّ الإسلام مضادّ ليقين الكفر فلا يجوز أن يجتمعا في محلّ واحد لكن في الصورة المفروضة يلزم اجتماعهما.

بيانه : أنّ كلّ واحد من أهل البلد قد تعلّق به ظنّ الإسلام بلا شبهة ونعلم قطعا أيضا أنّ بعض أهل البلد كافر ، وذلك البعض لا يخرج في الواقع عن تلك الافراد ، فكلّ من تعلّق به ذلك اليقين في الواقع قد اجتمع فيه ظنّ الإسلام ويقين الكفر. هذا خلف.

والجواب بأنّ اليقين تعلّق بكفر أحدهم لا على التعيين والظنّ تعلّق بإسلام المعينين غير صحيح إذ المتيقّن أيضا معيّن ، إذ لا معنى لكفر الغير المعيّن وهو ظاهر.

والصواب في الجواب أن يقال : لا شكّ أنّ ملاحظة شيء واحد بعناوين مختلفة قد تصير سببا لاختلاف الحكم عليه ، فيجوز أن نتصوّر شيئا بعنوان ونحكم عليه بالكفر يقينا مثلا ونتصوّره بعنوان آخر ونحكم عليه بالإسلام ظنّا ، ففي الصورة المفروضة إذا تصوّرنا الفرد الذي هو كافر في الواقع بعنوان بعض

٣٢٧

أهل البلد نحكم عليه بالكفر يقينا ، وإذا تصوّرنا بعنوان زيد مثلا ، أو هذا الشخص المعيّن نحكم عليه بالإسلام ظنّا ولا محذور فيه. ونظائر هذا كثيرة كما يظهر عند التفتيش.

والحاصل أنّ ظنّ الاسلام بأحد واليقين بكفره ليسا متضادّين مطلقا ، بل بشرط لا يحصل فيما نحن فيه.

ثمّ إنّه يمكن أن يستشكل بعد ذلك ويقال : لا شكّ أنّ كلّ واحد من أهل البلد مظنون الاسلام وبعضه متيقّن الكفر ، فحينئذ نقول : إنّا نحكم بهاتين القضيّتين الكلّية والجزئيّة التي في قوّة نقيضها ، مع أنّ موضوعهما معقول على نحو ما يعقل في سائر القضيّتين المتناقضتين كما لا يخفى ولا يجري فيه الجواب السابق.

والجواب حينئذ أنّ الظاهر أنّ المراد بمظنون الاسلام في القضية الاولى الكلّية ما إذا تصوّر بخصوصه يحكم عليه بالإسلام ظنّا ، وعلى هذا فإن كان المراد بمتيقّن الكفر أيضا نظير (نقيض خ ل) ذلك فبمنع القضيّة الثانية ، إذ قد علمت أنّ لا شيء من أهل البلد بحيث إذا تصوّر بخصوصه يحكم عليه بالكفر يقينا بل إذا تصوّر بعنوان بعض أهل البلد ، وإن اريد به ما إذا تصوّر بالعنوان الكلّي يحكم عليه بالكفر يقينا ، فهذا ليس مستلزما لنقيض مظنون الاسلام بالمعنى المذكور وهو ظاهر ، ولو اريد بمظنون الاسلام في القضية الاولى ما إذا تصوّر ، بالعنوان الكلّي يحكم عليه بالاسلام ظنا ، فلا نسلّم أنّ كلّ أهل البلد كذلك ، بل بعضه.

فإن استشكل حينئذ ويقال : إنّه إذا كان كلّ واحد من أهل البلد مظنون الإسلام بالمعنى الأوّل ، وتعلّق الظنّ بإسلامه فيصحّ أن يقال : أظنّ أنّ كلّ أهل

٣٢٨

البلد مسلم ، وظاهر أنّه يصحّ أيضا أتيقّن أنّ بعض أهل البلد كافر ، ولا خفاء في أنّ القضيّتين في قوة النقيضين فلا يجوز تعلّق الظنّ بأحدهما واليقين بالاخرى.

فيجاب حينئذ بمنع صحّة قضية الاولى ولزومها ممّا ذكر.

بيانه : أنّ كون كلّ واحد مظنون الإسلام معناه كون كلّ واحد بحيث إذا تصوّر بخصوصه كان قد تعلّق الظنّ بإسلامه ومعنى كلّ أهل البلد مسلم كون كلّ واحد منهم مسلما في الواقع ولا شكّ أنّ اليقين بالأولى لا يستلزم الظنّ بالثانية بلا مرية.

فإن قلت : لا شكّ أنّ معنى كلّ أهل البلد مسلم ليس إلّا أنّ هذا مسلم وهذا مسلم وهذا مسلم إلى آخر الأفراد ، وظاهر أنّا إذا حكمنا على هذا بأنّه مسلم يتعلّق الظنّ بذلك الحكم وقد اعترفت به أيضا غير مرّة.

فعلى هذا نقول : إذا حكمنا على هذا بأنّه مسلم يتعلّق الظنّ به وكذا هذا وهذا وهذا.

وقد قرّرنا أنّه ليس معنى كلّ أهل البلد مسلم ، إلّا مجمل هذا التفصيل إذ ليس فيه الحكم على المجموع من حيث المجموع بالاسلام حتى يحصل بينهما تفاوت بل ليس الحكم إلا على الأفراد فلا يكون بينهما تفاوت إذ لا معنى له فيلزم أن يتعلّق الظنّ به أيضا البتة ويتم الخلف.

قلت (١) : هذا وإن كان مجملا للتفصيل المذكور لكن الحكم في التفصيل

__________________

(١) في بعض النسخ هكذا : قلت :

إن جعل معنى قولنا : أظنّ أنّ كلّ أهل البلد مسلم إنّي أظنّ أنّ هذا مسلم وأظنّ أن هذا مسلم وأظنّ أن هذا مسلم ـ إلى آخر الأفراد ـ فيلزم صدقه إذ هو بعينه معنى الظنّ بالتفصيل والفرق بالاجمال والتفصيل ولا محذور فيه.

وإن جعل معناه : انّي أظنّ أنّ تلك الأحكام صادقة معا في الواقع فلا نسلّم أنّ الظنّ بالتفصيل مستلزم لذلك إذ الظنّ بالتفصيل ظنون يتعلّق كلّ واحد منهما بواحد من تلك الأحكام وظاهر أنّ ذلك لا يستلزم الظنّ بأنّ جميع تلك الأحكام متحقّقة في الواقع إذ يجوز أن يتعلّق ظنون بأمور ومع ذلك نعلم يقينا أنّ بعض تلك الظنون خطأ والحاصل أنّ الظنون المتعلّقة بالتفصيل بمنزلة ظنون يتعلّق كلّ منها بجزء شيء والظنّ المتعلّق بالقضيّة المجملة ظنّ متعلّق بوقوع ذلك الشيء ولا نسلّم أنّه إذا تعلّق ظنون بأجزاء شيء يلزم أن يتعلّق الظنّ بذلك الشيء أيضا وهو ظاهر ، فهذا آخر ما ينحلّ إليه الشبهة. وقد غيّر بعض هذه الشبهة بأدنى تغيير ...

٣٢٩

المذكور على كلّ واحد من دون أن يكون معه الحكم على فرد آخر ، وفي المجمل على الجميع معا ويجوز أن يكون الحكم على شيء حال كونه بانفراده يتعلّق الظنّ به ، وأمّا إذا كان مع الحكم على شيء آخر فلا ؛ والسرّ في ذلك فيما نحن فيه أنّه إذا حكم على واحد بانفراده بالإسلام يتعلّق الظنّ به إذ لا منافاة بينه وبين ما هو المفروض من اليقين بكفر البعض ، إذ محلّ الكفر باق حينئذ وهو الأفراد الاخرى ، وهكذا كلّ فرد فرد.

وأمّا إذا حكم علي الجميع معا بالاسلام فلا يجوز أن يتعلّق الظنّ به لمنافاته لليقين بالكفر المفروض إذ لم يبق حينئذ محلّ آخر له وهو ظاهر وبعبارة اخرى هذا المجمل وإن كان الحكم فيه على كل واحد من الافراد كما في المفصل لكن فيه شيء آخر ليس في المفصّل وهو أنّ الحكم فيه على كلّ واحد من الافراد مع أنّه يؤخذ فيه أنّ هذه القضايا متحقّقة معا فالظنّ متعلّق فيه حقيقة باسلام كل واحد وان هذه الاسلامات كلّها متحققة معا في الواقع وفي التفصيل ليس إلّا الظن باسلام كل واحد فقط بدون الآخر والمفصل الذي هو عين هذا المجمل من دون تفاوت هو القضيّة الواحدة القائلة بأنّ زيدا وعمروا وبكرا إلى آخر الافراد مسلم

__________________

والتفصيل ولا محذور فيه.

وإن جعل معناه : انّي أظنّ أنّ تلك الأحكام صادقة معا في الواقع فلا نسلّم أنّ الظنّ بالتفصيل مستلزم لذلك إذ الظنّ بالتفصيل ظنون يتعلّق كلّ واحد منهما بواحد من تلك الأحكام وظاهر أنّ ذلك لا يستلزم الظنّ بأنّ جميع تلك الأحكام متحقّقة في الواقع إذ يجوز أن يتعلّق ظنون بأمور ومع ذلك نعلم يقينا أنّ بعض تلك الظنون خطأ والحاصل أنّ الظنون المتعلّقة بالتفصيل بمنزلة ظنون يتعلّق كلّ منها بجزء شيء والظنّ المتعلّق بالقضيّة المجملة ظنّ متعلّق بوقوع ذلك الشيء ولا نسلّم أنّه إذا تعلّق ظنون بأجزاء شيء يلزم أن يتعلّق الظنّ بذلك الشيء أيضا وهو ظاهر ، فهذا آخر ما ينحلّ إليه الشبهة. وقد غيّر بعض هذه الشبهة بأدنى تغيير ...

٣٣٠

ولا شكّ انّ الظنّ ليس يتعلّق به أيضا كما لا يتعلّق بالمجمل فهذا آخر ما ينحلّ إليه (كذا) الشبهة.

وقد غيّر بعض هذه الشبهة بأدنى تغيير بأن يقال : إذا كان أهل البلد ثلاثة مثلا زيد وبكر وعمرو فنقول : إسلام زيد يستلزم عدم خروج الكفر عن بكر وعمرو وإسلام بكر يستلزم عدم خروج الكفر المفروض عن زيد وعمرو وعدم خروج الكفر عن بكر وعمرو وعن زيد وعمرو يستلزم عدم خروجه عن عمرو لأنّه المشترك بين الصورتين وهو ظاهر. والظنّ بالملزوم يستلزم الظنّ باللازم فيلزم من الظنّ بإسلام زيد وإسلام بكر ـ كما هو المفروض ـ الظنّ بكفر عمرو مع أنّه مظنون الإسلام وهكذا في الاثنين الآخرين.

وبعبارة اخرى : هاتان القضيّتان المتضمّنتان لحديث عدم الخروج منتجتان لكفر عمرو ، ولا شكّ أنّ المقدّمتين في القياس إذا كانتا ظنّيتين يلزم الظن بالنتيجة أيضا.

والجواب أنّ الملزوم إذا كان أمرين فلا بدّ في استلزام ظنّه الظنّ باللازم أن يظنّ بأنّ كلا منهما متحقّق لا أن يظنّ بكلّ واحد واحد بانفراده ، وكذا مقدّمتا القياس ، وقد عرفت في الجواب عن التقرير الأخير لأصل الشبهة ، أنّ الثاني لا يستلزم الأوّل وحينئذ نقول فيما نحن فيه الظنّ بالملزوم وبمقدّمتي القياس علي النحو الثاني لا الأوّل كما لا يخفي فلا محذور. هذا.

ثمّ لا يخفي أنّ أصل الشبهة لا يتوقّف علي إقحام الظنّ ، وبياءه على أنّ الظنّ تابع للأعمّ الأغلب بل يمكن إيراد الشبهة باعتبار الشكّ أيضا بأن يقال : إذا تيقّنا أنّ بعض أهل البلد كافر ولم نعلم بعينه فكلّ واحد من أهل البلد مشكوك الإسلام أو الكفر مع أنّ بعضه متيقّن الكفر أو الإسلام إلى آخر ما ذكر من القيل

٣٣١

والقال.

نعم تقرير الشبهة بالعنوان الذي نقلنا عن بعض لا بدّ فيه من أخذ الظنّ وبناءه على المقدّمة المذكورة فتدبّر. تم.

ثمّ (١) لا يذهب عليك أنّ هذا التقرير لغو جدّا إذ فيه استدراك عظيم لأنّه يكفي أن يقال : إسلام زيد وإسلام عمرو يستلزم كفر بكر والظن بالملزوم حاصل فيما نحن فيه فيلزم أن يحصل الظن باللازم أيضا ولا حاجة أصلا إلى إقحام المقدّمتين الأخيرتين وهو ظاهر.

__________________

(١) في بعض النسخ هكذا : ولا يخفى ما في هذا التقرير من اللغو والاستدراك لأنّه يكفي أن يقال : إسلام زيد وإسلام عمرو يستلزم عدم خروج الكفر عن بكر فأخذ باقي المقدّمات لغو مستدرك هذا.

٣٣٢

(١٢)

رسالة في قابلية الجسم للقسمة

تأليف

آقا حسين الخوانساري

٣٣٣
٣٣٤

بسم الله الرّحمن الرّحيم

اعلم أنّه قد يستشكل على ما ذهب إليه الحكماء من أنّ الجسم قابل للقسمة إلى غير النهاية ، بأنّه إذا كان متحرّك سريع في ابتداء المسافة مثلا ومتحرّك آخر بطيء في وسطها يلزم على هذا القول أن لا يلحق السريع البطيء أبدا.

بيانه : أنّ لحوق السريع للبطيء موقوف علي وصوله إلى الحدّ الذي فيه البطيء ضرورة ، وإذا وصل إلى ذلك الحدّ لا بدّ أن يكون البطيء خارجا عنه ، إذ البطء ليس بتخلّل السكنات ولا بدّ أيضا أن يكون قطع مسافة لها مقدار ، بناء على نفي الجزء الذي لا يتجزّى ، فحينئذ حصل بينهما فاصلة أخرى وننقل الكلام إليها إذ حالها أيضا مثل الحالة الأولى بعينها وهكذا إلى غير النهاية.

وقد يجاب : بأنّ هذه الشبهة يرجع إلى الشبهة المشهورة من أنّ المتحرّك لا يمكن على مذهبهم أن يقطع مسافة متناهية في زمان متناه ، لأنّ قطعها موقوف على قطع نصفها ونصف نصفها وهكذا إلى غير النهاية.

والجواب : أنّ هذه الأمور الغير المتناهية بالقوّة لا بالفعل ، ولا محذور في قطعها جميعا في زمان متناه قابل للقسمة إلى غير النهاية مثل المسافة سواء بسواء.

بيان الرجوع : أنّه إذا فرض أنّ البطيء في وسط المسافة مثلا والسريع في

٣٣٥

ابتدائها ، وفرض أنّ حركته ضعف حركة البطيء ، ففرض وصوله إلى الحدّ الذي فيه البطيء بمنزلة فرض قطعه نصف المسافة. ثمّ بعد ذلك فرض وصوله إلى الحدّ الذي فيه البطيء ثانيا بمنزلة فرض قطعه ربعها وهكذا ، فظهر أنّ مآل هذه الشبهة إلى الشبهة المشهورة.

وفيه نظر ، إذ يجوز أن يكون الملحوظ في هذه الشبهة أمرا لا يلاحظ في الشبهة المشهورة وعند ملاحظة ذلك الأمر لا يمكن أن يجاب بجوابها ، وهو أن يقال : إنّا نمهّد أوّلا مقدّمة : هي أنّه إذا صدق بالنسبة إلى شيء أنّه كلّما ارتفع فرد منه حصل فرد آخر ، فلا يمكن يرتفع ذلك الشيء بالكلّية ، إذ عند ارتفاعه بالكلّية يصدق أنّه ارتفع فرد منه ولم يحصل عقبه (حينئذ خ) فرد آخر وهو مناف للفرض المذكور.

وحينئذ نقول فيما نحن فيه : إنّ هذه الكلّية متحققة بالنسبة إلى الفصل بين السريع والبطيء ، إذ ظهر بما قرّرنا أنّه كلّما يرتفع فصل يحدث فصل آخر فيجب أن لا يرتفع الفصل بالكلّية وحينئذ لا فصل بالكلّية بمجرد ما ذكرنا بل لا بدّ من أمر آخر.

ولو قيل : إنّ هذا الأمر ملحوظ في الشبهة المشهورة أيضا فلا نزاع ، إذ الفرض أنّه يمكن أن يورد الإشكال في المقام من وجهين ولا بدّ من جوابهما.

وعلى هذا فالجواب أن يقال : إنّ صدق الكلّية المذكورة بالنسبة إلى شيء لا يستلزم أن لا يرتفع ذلك الشيء أصلا ، بل إنّما يستلزم أن لا يكون له فرد هو آخر الأفراد ، إذ لو كان له فرد هو آخر الأفراد فلا يكون بعده فرد وقد فرض أنّ بعد كلّ فرد فرد ، لكن إذا ارتفع بالكلّية فلا محذور فيه.

٣٣٦

إذ يجوز أن يكون شيء بحيث يمكن أن نفرض له أفراد متناهية بحيث كلّما يفرض ارتفاع فرد يفرض فرد آخر بعده ، لكن يمكن أن يكون زمان لا يوجد فيه شيء من أفراده أصلا.

وحينئذ انحلّت الشبهة إذ نقول : إنّ الفصل بينهما كذلك يعني : ليس له فرد آخر بل كلّما يفرض فرد يمكن أن يفرض بعده فرد آخر لكن يجوز أن يوجد زمان لا يوجد فيه شيء من الفواصل فتدبّر. والله أعلم.

٣٣٧
٣٣٨

(١٣)

حاشية الحزازتان

تأليف

آقا حسين الخوانساري

٣٣٩
٣٤٠