إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٧

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٧

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٦٧

على السكون في محل رفع مبتدأ. لا : نافية لا عمل لها. يشعرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «لا يشعرون» في محل رفع خبر «هم» وحذفت صلة «يشعرون» اختصارا .. المعنى : لا يشعرون به أو بإتيانه.

(فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ) (٢٠٣)

(فَيَقُولُوا هَلْ) : الفاء عاطفة. يقولوا : فعل مضارع منصوب لأنه معطوف على منصوب «يأتيهم» وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الاسمية بعده : في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ هل : حرف استفهام لا عمل لها أي فيقولوا حينئذ بحسرة وندم.

(نَحْنُ مُنْظَرُونَ) : ضمير منفصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. منظرون : خبر «نحن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي هل نحن ممهلون وقتا حتى نؤمن به؟

(أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ) (٢٠٤)

(أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ) : الألف ألف إنكار وتهكم وتعنيف بلفظ استفهام. الفاء تزيينية. بعذاب : جار ومجرور متعلق بيستعجلون و«نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. يستعجلون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى يستعجلون عذابنا بقولهم : أسقط علينا حجارة من السماء!؟

(أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ) (٢٠٥)

(أَفَرَأَيْتَ إِنْ) : الألف ألف تقرير وتنبيه بلفظ استفهام. الفاء تزيينية. رأيت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل. إن : حرف شرط جازم. والجملة الفعلية «أرأيت» معناها : أخبرني.

٢٨١

(مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ) : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع و«نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. والفعل «متع» في محل جزم لأنه فعل الشرط بمعنى إن متعناهم بأموالهم وبنيهم .. وجواب الشرط في الآية الكريمة السابعة بعد المائتين .. سنين : مفعول فيه ـ ظرف زمان ـ منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته متعلق بمتعناهم والكلمة «سنين» تعرب بالحروف والحركات وهنا جاءت منصوبة بالحرف وفي الحركة سنينا.

(ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ) (٢٠٦)

(ثُمَّ جاءَهُمْ) : حرف عطف. جاء : فعل ماض مبني على الفتح و«هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم.

(ما كانُوا يُوعَدُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. كانوا : الجملة الفعلية مع الخبر صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يوعدون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : ما كانوا يوعدونه بمعنى : ثم جاءهم عذابنا الذي يستعجلونك إياه.

** (ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة بعد المائتين .. المعنى : هل ينفعهم في دفع العذاب أعوانهم أو بمعنى : هل تغني عنهم أموالهم وأولادهم. يقال : غني بالمكان بمعنى : أقام به وغني الرجل أي عاش وباب الفعلين «صدي» ومن الفعل الرباعي يقال : ما يغني عنك هذا : بمعنى : ما ينفعك .. ويغني مضارع «أغنى».

٢٨٢

** (وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة العاشرة بعد المائتين وفيه أنث الفعل «تنزلت» مع الفاعل المذكر «الشياطين .. جمع شيطان» وذلك لفصل الفعل عن فاعله بفاصل وبسبب أن التأنيث جاء على معنى «جماعة» أي تأنيث الجماعة. والهاء في «به» يعود على القرآن الكريم. وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : كان النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يعوذ بهذه الآية الكريمة الحسن والحسين ـ عليهما‌السلام ـ ويقول : إن أباكما ـ أي جدكما الأعلى إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة «أي تصيب بسوء». وقال الزمخشري : لقد قرأ الحسن الآية الكريمة : الشياطون. ووجه قراءته أنه رأى آخره كآخر «يبرين» و«فلسطين» فتحير بين أن يجري الإعراب على النون وبين أن يجريه على ما قبله فيقول : الشياطين والشياطون .. كما تحيرت العرب بين أن يقولوا : هذه يبرون ويبرين وفلسطين وفلسطون .. وحقه أن تشتقه من الشيطوطة : وهي الهلاك كما قيل له : الباطل وعن الفراء : غلط الشيخ في قراءته «الشياطون» ظن أنها النون التي على هجاءين.

** (فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة عشرة بعد المائتين .. المعنى : فلا تعبد مع الله الحق إلها خياليا .. وقيل : فلا تدع أيها النبي مع الله إلها آخر .. هذا التوجيه موجه في الوقع للأمة بدئ به النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لأنه القدوة .. وجاء للتهييج والإلهاء أي لو فعلت ذلك لعذبتك فكيف بغيرك؟

** (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة عشرة بعد المائتين .. المعنى : القريبين منك أو القريبة منك. و«العشيرة» لفظة مؤنثة وهي موصوف وجاءت الصفة «الأقربين .. جمع الأقرب» بصيغة التذكير في حين أن الصفة تتبع الموصوف تذكيرا وتأنيثا لأنها من التوابع .. والسبب في ذلك أن الصفة ذكرت على معنى الموصوف .. لا اللفظ لأن «العشيرة» بمعنى : رجال. روي أن الرسول الكريم محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ صعد الصفا لما نزلت هذه الآية الكريمة فنادى الأقرب فالأقرب فخذا فخذا اي بني أبيه الأدنين ودعا قريشا فاجتمعوا .. فبدأ بالأقارب ثم عمه فحذرهم وأنذرهم بدأ بأهل بيته وفصيلته الأقرب منهم فالأقرب وهم بنو هاشم وبنو المطلب وقال : يا بني عبد المطلب يا بني هاشم يا بني عبد مناف يا عباس عم النبي يا صفية عمة رسول الله إني لا أملك لكم من الله شيئا سلوني من مالي ما شئتم وروي أنه جمع بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا فقال يا بني عبد المطلب لو أخبرتكم أن بسفح هذا الجبل خيلا أكنتم مصدقي؟ قالوا : نعم. قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد» لأن الآية معناها. وخوف عشيرتك الأقربين .. وقيل : خصوا بالإنذار أولا اهتماما بشأنهم ومكانتهم .. وقيل : بعد أن انتهى الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ من ذلك شق ـ أي صعب ـ على المسلمين ذلك فأنزل الله تعالى الآية الكريمة بعدها «واخفض جناحك ..».

** (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة عشرة بعد المائتين .. المعنى : ولين جانبك .. والقول الكريم كناية عن التواضع .. بمعنى : وتواضع وهو مأخوذ من خفض الطائر جناحه إذا أراد أن يحط بعد الطيران .. وقيل : خفض الجناح : هو كناية عن التواضع .. ولين الجانب : بمعنى : تواضع لأن المعنى : ولين الجانب وأظهر الحب والتكريم لمن اتبعك من المؤمنين .. يقال : خفض عليك القول وخفض عليك الأمر : بمعنى : هون .. ويقال خفض صوته ـ يخفضه ـ خفضا : بمعنى : غضه وهو من باب «ضرب».

٢٨٣

** (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والعشرين بعد المائتين .. وفيه حذف مفعول «ظلموا» اختصارا لأنه ملعوم .. التقدير : ظلموا أنفسهم من كذبة الشعراء الهجائين الذين هجوا النبي الكريم محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وأصحابه طلبا لمنافعهم الشخصية وهم الشعراء الذين يتبعهم الراوون الضالون غواة الناس لأن أغلب ما كانوا يقولونه تخيلات لا حقيقة لها .. ومحمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ليس بشاعر كما تقولون يا من تذهبون في كل واد من القول بين مدح وهجاء طلبا لمنافعكم الذاتية .. وقد استثنى سبحانه من هؤلاء الشعراء الضالين .. الشعراء المؤمنين «إلا الذين آمنوا» كحسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب ابن مالك وكعب بن زهير الذين كانوا من الشعراء الذي ردوا على الشعراء الكافرين بقصائد طنانة دافعوا فيها عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وعن دين الإسلام. و«منقلب» مصدر بمعنى الانقلاب أي سيعملون أي انقلاب ينقلبون بعد الموت بمعنى : أي مرجع سيكون مصيرهم .. وهو تهديد شديد من رب العالمين جلت قدرته للكافرين.

(ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) (٢٠٧)

(ما أَغْنى عَنْهُمْ) : نافية لا عمل لها. أغنى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر والجار والمجرور «عنهم» متعلق بأغنى وهو في مقام المفعول به المقدم و«هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بعن بمعنى : ما نفعهم والجملة من الفعل وفاعله جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها وهو جواب الشرط الجازم الوارد في الآية الكريمة الخامسة بعد المائتين.

(ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) : يعرب إعراب «ما كانوا يوعدون» الوارد في الآية الكريمة السابقة.

(وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَها مُنْذِرُونَ) (٢٠٨)

(وَما أَهْلَكْنا) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. أهلك : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع و«نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. التقدير والمعنى : إننا لم نهلك قرية إلا بعد أن نبعث فيها من يخوفهم أي رسل منذرون.

(مِنْ قَرْيَةٍ) : حرف جر زائد لتأكيد النفي. قرية : اسم مجرور لفظا بحرف الجر الزائد منصوب محلا لأنه مفعول أهلك التقدير : من أهل قرية فحذف المضاف اختصارا «أهل» وحل المضاف إليه «قرية» محله.

٢٨٤

(إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) : أداة حصر ـ حرف تحقيق بعد النفي ـ لا عمل له. لها : جار ومجرور و«ها» ضمير متصل في محل جر باللام وجاء الضمير «ها» بالتأنيث لأنه يعود على «قرية» أي على اللفظ لا التقدير. والجار والمجرور «لها» في محل رفع متعلق بخبر مقدم. منذرون : مبتدأ مؤخر مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وأصله : رسل منذرون .. فحذف الموصوف «رسل» اختصارا لأنه معلوم وأقيمت الصفة «منذرون» مقامه. وفي هذه الآية الكريمة عزلت الواو عن جملة «لها منذرون» ولم تعزل في الآية الكريمة الرابعة من سورة «الحجر» «ولها كتاب معلوم» لأن الأصل عزل الواو لأن الجملة الاسمية «لها منذرون» في محل جر صفة ـ نعت ـ لقرية على اللفظ وفي محل نصب على المحل. وإذا زيدت الواو فلتأكيد وصل الصفة بالموصوف.

(ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ) (٢٠٩)

(ذِكْرى) : في إعرابها .. منها : إنها مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل محذوف من جنس المصدر وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر ولم ينون آخر الكلمة لأنها اسم رباعي مؤنث مقصور على وزن «فعلى» على تقدير : مذكرون تذكرة لأن «أنذر» و«ذكر» متقاربان في المعنى. أو هي حال من واو الجماعة في «منذرون» بمعنى ينذرونهم ذوي تذكرة .. أو يكون اللفظ مفعولا لأجله ـ أي له أو من أجله ـ على معنى إنهم ينذرون لأجل الموعظة والذكرى. أو يكون مرفوعا بالضمة المقدرة للتعذر على أنه خبر مبتدأ محذوف .. بمعنى : هذه ذكرى .. أو هذا الخبر ذكرى أي تذكرة وعظة أو تكون الجملة اعتراضية لا محل لها بمعنى يذكرون لأهلها ـ أهل القرية ـ عاقبة تماديهم في الظلم والضلال والاعتراض بين «منذرون» «وما كنا ..».

(وَما كُنَّا ظالِمِينَ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. كنا : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد

٢٨٥

المطاع و«نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم «كان». ظالمين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والكلمة اسم فاعل. بمعنى : وما كنا ظالمين فنهلك قوما غير ظالمين.

(وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ) (٢١٠)

(وَما تَنَزَّلَتْ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. تنزلت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها.

(بِهِ الشَّياطِينُ) : جار ومجرور متعلق بتنزلت أي بالقرآن الكريم. الشياطين : فاعل مرفوع بالضمة.

(وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ) (٢١١)

(وَما يَنْبَغِي لَهُمْ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. ينبغي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل أي وما يصح والفاعل ضمير مستتر فيه أي في الفعل قام مقام الفاعل أي لا يصح الإنزال للشياطين بمعنى إنزال القرآن من قبلهم ويجوز أن يكون الجار والمجرور «لهم» في محل رفع فاعل «ينبغي» اللام حرف جر و«هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بما ينبغي.

(وَما يَسْتَطِيعُونَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «ما ينبغي» وعلامة رفع الفعل ثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل ومفعوله محذوف بتقدير : وما يستطيعون قوله أي ما يقدرون على ذلك.

(إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) (٢١٢)

(إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و«هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» أي إن الشياطين : عن السمع : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» بمعنى عن السمع لكلام الملائكة أو عن سمع كلام الملائكة وكسرت نون «عن» لالتقاء الساكنين. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة. معزولون : خبر «إن» مرفوع بالواو

٢٨٦

لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي مبعدون بمعنى ممنوعون ومرجومون.

(فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) (٢١٣)

(فَلا تَدْعُ) : الفاء استئنافية. لا : ناهية جازمة. تدع : أي تعبد : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الواو ـ وبقيت الضمة دالة عليها. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت.

(مَعَ اللهِ) : ظرف مكان يدل على المصاحبة والاجتماع متعلق بلا تدع منصوب على الظرفية وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(إِلهاً آخَرَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. آخر : صفة ـ نعت ـ للموصوف «إلها» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن ـ أفعل ـ وبوزن الفعل.

(فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) : الفاء سببية بمعنى : لكيلا. تكون : فعل مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة بعد الفاء وعلامة نصبه الفتحة واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. من المعذبين : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «تكون» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والجملة الفعلية «تكون من المعذبين» صلة حرف مصدري لا محل لها و«أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر معطوف على مصدر منتزع من الكلام السابق.

(وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٢١٤)

(وَأَنْذِرْ) : الواو عاطفة. أنذر : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت.

(عَشِيرَتَكَ) : مفعول به منصوب بأنذر وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.

٢٨٧

(الْأَقْرَبِينَ) : صفة ـ نعت ـ للعشيرة منصوب مثله وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد بمعنى أبناء أبيك الأدنين.

(وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢١٥)

(وَاخْفِضْ جَناحَكَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «أنذر عشيرتك» وتعرب مثلها بمعنى ولين جانبك.

(لِمَنِ اتَّبَعَكَ) : اللام حرف جر و«من» اسم موصول مبني على السكون حرك بالكسر لالتقاء الساكنين بمعنى «الذي» في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق باخفض. اتبعك : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير المخاطب في محل نصب مفعول به.

(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «من» لأن حرف الجر «من» بياني التقدير حال كونهم من المؤمنين وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) (٢١٦)

(فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ) : الفاء استئنافية. إن : حرف شرط جازم. عصوك : فعل ماض فعل الشرط في محل جزم بإن مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به وبقيت الفتحة دالة على الألف المقصورة المحذوفة. فقل : الجملة الفعلية وما بعدها جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. قل : فعل أمر مبني على السكون وحذفت واوه ـ أصله قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت بمعنى فإن عصوك ولم يتبعوك فقل.

٢٨٨

(إِنِّي بَرِيءٌ) : الجملة المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به ـ مقول اقول ـ إني : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». بريء : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة.

(مِمَّا تَعْمَلُونَ) : أصلها : من : حرف جر و«ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق ببريء. تعملون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : مما تعملونه. أو تكون «ما» حرفا مصدريا فتكون الجملة الفعلية «تعملون» صلة حرف مصدري لا محل لها و«ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بمن. التقدير : بريء من أعمالكم بمعنى من عصيانكم .. أي شرككم بالله تعالى.

(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) (٢١٧)

(وَتَوَكَّلْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «قل» في الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها أو تكون معطوفة على جملة «فلا تدع ..» الواردة في الآية الكريمة الثالثة عشرة بعد المائتين بمعنى وفوض أمرك يا محمد.

(عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) : جار ومجرور متعلق بتوكل أي على الله العزيز الرحيم يكفك شر من يعصيك منهم ومن غيرهم ولم يذكر لفظ الجلالة الموصوف اختصارا لأنه معلوم وذكرت صفته سبحانه «العزيز الرحيم» فقط. وجملة «يكفك شر من يعصيك» هي جواب الطلب «لتوكل». الرحيم : صفة ـ نعت ـ للفظ الجلالة.

(الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ) (٢١٨)

(الَّذِي يَراكَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ثالثة للفظ الجلالة أو صفة للعزيز. يراك : الجملة الفعلية صلة الموصول لا

٢٨٩

محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.

(حِينَ تَقُومُ) : مفعول فيه ـ ظرف زمان ـ منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة في موضع الحال من ضمير المخاطب في «يراك» بمعنى : يراك قائما بالليل للتهجد أي حين تقوم للصلاة بالناس جماعة. تقوم : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) (٢١٩)

(وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) : معطوف بالواو على ضمير المخاطب في «يراك» منصوب بيرى أي ويرى تقلبك وعلامة نصبه الفتحة. والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. في الساجدين : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «تقلبك» وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى ويرى تصرفك فيما بين الساجدين بقيامك وركوعك وسجودك وقعودك إذا قمت بإمامتهم.

(إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٢٢٠)

(إِنَّهُ هُوَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن». هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ والجملة الاسمية «هو السميع العليم» في محل رفع خبر «إن».

(السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) : خبران على التتابع للمبتدإ «هو» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة ويجوز أن يكون «هو» ضمير فصل أو عمادا لا محل له فيكون «السميع» خبر «إن» الأول و«العليم» خبرها الثاني.

(هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ) (٢٢١)

٢٩٠

(هَلْ أُنَبِّئُكُمْ) : حرف استفهام لا محل لها. أنبئكم : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.

(عَلى مَنْ) : حرف جر. من : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بتنزل بمعنى : هل أخبركم يا ناس والجملة الفعلية «تنزل الملائكة» صلة الموصول لا محل لها أو تكون «من» متضمنة معنى الاستفهام وبما أن الاستفهام له الصدارة في الكلام فيكون التقدير : أعلى من فحذف حرف الاستفهام واستمر الاستعمال على حذفه كما حذف منها حرف الاستفهام هل» والأصل : أهل. وعلى هذا يكون التقدير الضمني على معنى : أعلى من؟

(تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والأصل : تتنزل .. حذفت إحدى التاءين تخفيفا. الشياطين : فاعل مرفوع بالضمة.

(تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) (٢٢٢)

(تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ) : أعربت في الآية الكريمة السابقة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي أي الشياطين. على كل : جار ومجرور متعلق بتنزل.

(أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. أثيم : صفة ـ نعت ـ لأفاك مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة أيضا بمعنى : على كل مفتر كذاب مجرم.

(يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ) (٢٢٣)

(يُلْقُونَ السَّمْعَ) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. السمع : مفعول به منصوب بيلقون وعلامة نصبه الفتحة بمعنى : يلقون إلى أوليائهم السمع أي المسموع من الملائكة. وقال الزمخشري : الأفاكون يلقون السمع إلى الشياطين فيتلقون وحيهم إليهم أو يلقون المسموع من الشياطين إلى

٢٩١

الناس. والجملة الفعلية «يلقون السمع» في محل نصب حال أي تنزل ملقين السمع .. أو في محل جر صفة لكل أفاك لأنه في معنى الجمع بدليل قوله «وأكثرهم كاذبون» ويجوز أن تكون الجملة الفعلية استئنافية لا محل لها. أي يلقون إليهم السمع.

(وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. أكثر : مبتدأ مرفوع بالضمة و«هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. كاذبون : خبر المبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. بمعنى : وأكثرهم مفترون.

(وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) (٢٢٤)

(وَالشُّعَراءُ) : الواو استئنافية. الشعراء : مبتدأ مرفوع بالضمة والجملة الفعلية بعده «يتبعهم الغاوون» في محل رفع خبره.

(يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة و«هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون حرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ في محل نصب مفعول به مقدم. الغاوون : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين في المفرد وحركته بمعنى : الراوون.

(أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ) (٢٢٥)

(أَلَمْ تَرَ) : الألف ألف تقرير وتعجيب بلفظ استفهام. لم : حرف نفي وجزم وقلب. تر : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الألف المقصورة ـ وبقيت الفتحة دالة عليها والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. ويجوز أن يكون المخاطب من لم ير ولم يسمع لأن هذا الكلام جرى مجرى المثل في التعجيب. وفي هذه الحالة يكون الفاعل ضميرا مستترا جوازا تقديره : هو.

(أَنَّهُمْ فِي كُلِّ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و«هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم «أن» والجار والمجرور «في كل»

٢٩٢

متعلق بيهيمون. و«أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «ترى».

(وادٍ يَهِيمُونَ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة المقدرة للثقل على الياء المحذوفة لأنه اسم منقوص نكرة. يهيمون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ) (٢٢٦)

(وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ) : الجملة المؤولة معطوفة بالواو على «أنهم يهيمون» في الآية الكريمة السابقة وتعرب مثلها.

(ما لا يَفْعَلُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية بعده «لا يفعلون» صلة الموصول لا محل لها. لا : نافية لا عمل لها. يفعلون : تعرب إعراب «يقولون» والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : ما لا يفعلونه.

(إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (٢٢٧)

(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) : أداة استثناء. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مستثنى بإلا. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «آمنوا» وتعرب إعرابها. الصالحات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم أي وعملوا الأعمال الصالحات بحذف المفعول به الموصوف «الأعمال» وإحلال صفته «الصالحات» محله أو هو من الصفات التي تجري مجرى الأسماء.

٢٩٣

(وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا) : الجملتان الفعليتان معطوفتان بواوي العطف على جملة «آمنوا» وتعربان إعرابها. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم بذكروا وعلامة النصب الفتحة. كثيرا : صفة ـ نعت ـ لموصوف مصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف أو نائب عنه. التقدير : وذكروا الله ذكرا كثيرا.

(مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) : جار ومجرور متعلق بانتصروا. ما : مصدرية. ظلموا : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. و«ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالإضافة. التقدير من بعد ظلمهم من أعدائهم.

(وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا) : الواو استئنافية. السين حرف تسويف ـ استقبال ـ للقريب. يعلم : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. ظلموا : تعرب إعراب «آمنوا» مع الفارق في المعنى.

(أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) : اسم استفهام مصدري منصوب بينقلبون على المصدرية مفعول به مقدم أي ينقلبون أي منقلب وقد نصب «أي» بينقلبون ولم ينصب بيعلم لأنه اسم استفهام له الصدارة في الكلام يعمل فيه ما بعده ولا يعمل فيه ما قبله وقد علق عمل «يعلم» أي أبطل لفظا لا محلا لاعتراض «أي» بينها وبين معموليها والجملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل نصب بالفعل «يعلم» سدت مسد مفعوليه. أي مفعولي «يعلم». منقلب مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. ينقلبون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

***

٢٩٤

سورة النمل

معنى السورة : النمل جمع «نملة» وهي حشرة معروفة وهو مشهور بجمع الغذاء .. وينتشر في أنحاء العالم وبأنواع مختلفة وكثيرة. و«النمل» يلفظ بفتح النون وسكون الميم وبضم الميم أيضا ولا يجوز لفظه بكسر الميم لأن لهذه اللفظة معاني أخرى .. منها النمام أي اسم فاعل للفعل «نمل ـ ينمل ـ نملا» أي : نم بمعنى : وشى بالكذب واسم الفاعل منه هو نمل ـ فعل .. بمعنى فاعل ـ ويأتي بمعنى : المكان الذي يكثر فيه النمل. أما «الأنملة» من الأصابع فهي رءوس الأصابع وجمعها : أنامل أي العقدة وبعضهم يقول : رءوس الأصابع قال الفيومي : قال الأزهري : الأنملة هي المفصل الذي فيه الظفر وهي بفتح الهمزة وفتح الميم أكثر من ضمها وابن قتيبة يجعل الضم من لحن العوام وبعض المتأخرين من النحاة حكاه بتثليث الهمزة والميم.

تسمية السورة : ورد ذكر اللفظة ثلاث مرات في آية واحدة فسميت إحدى سور القرآن الكريم بسورة «النمل» وهي الآية الكريمة الثامنة عشرة من السورة الشريفة المذكورة ونصها : (حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) صدق الله العظيم بمعنى : وهم لا يشعرون بكم فحذفت صلة الفعل اختصارا كما حذفت الياء من واد النمل» لأنها موصولة بالإضافة وبقيت الكسرة دالة عليها ووردت لفظة «نملة» في قول رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهو يتحدث عن الرياء فقال : «الرياء أخفى من دبيب النملة السوداء في الليلة المظلمة على المسح الأسود» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ذلك لأن اجتناب الرياء صعب إلا على المرتضين بالإخلاص .. والرياء : هو شعبة من الشرك. وعلى ذكر «سليمان» الوارد ذكره في الآية الكريمة المذكورة آنفا قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ خير سليمان بين العلم والمال والملك فاختار العلم فأعطي المال والملك معا.

٢٩٥

فضل قراءة السورة : قال فخر الكائنات رسولنا الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «النمل» كان له من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق سليمان وكذب به وهود وشعيب وصالح وإبراهيم ويخرج من قبره وهو ينادي لا إله إلا الله» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وفي هذا الحديث الشريف نونت الأسماء «هو» و«شعيب» و«صالح» لأنها أسماء عربية ومنع الاسم «إبراهيم» من الصرف للعلمية والعجمة.

إعراب آياتها

(طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ) (١)

(طس تِلْكَ) : شرحت في سورة «يوسف» تلك : اسم إشارة إلى آيات السورة مبني على الفتح أو على السكون لأن أصلها : تي. اللام للبعد والكاف للخطاب واسم الإشارة في محل رفع مبتدأ أو خبر لاسم السورة «طس».

(آياتُ الْقُرْآنِ) : خبر «تلك» أو بدل من اسم الإشارة «تلك» مرفوع بالضمة. القرآن : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(وَكِتابٍ مُبِينٍ) : معطوف بالواو على «القرآن» أي وآيات كتاب مبين مجرور مثله بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. مبين : صفة ـ نعت ـ لكتاب مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة أيضا.

(هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) (٢)

(هُدىً) : حال منصوب بما في «تلك» من معنى الإشارة أو بمعنى : أنزلناه هدى أي هادية وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر وقد نونت لأنها اسم مقصور ثلاثي نكرة ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف ـ مضمر ـ التقدير : هي هدى .. أو يكون بدلا من آيات القرآن أو يكون خبرا ثانيا للمبتدإ «تلك» في الآية الكريمة الأولى بمعنى هادية إلى الحق ومبشرة المؤمنين بالجنة.

٢٩٦

(وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) : معطوف بالواو على «هدى» بمعنى : ومبشرة. ويعرب إعراب «هدى» في الأوجه التي أعربت بها وقدرت الحركة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر ولم ينون آخر الكلمة لأنه اسم رباعي مقصور مؤنث. للمؤمنين : جار ومجرور متعلق بهدى وبشرى أو بصفة محذوفة من «بشرى» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من الحركة والتنوين في الاسم المفرد.

(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) (٣)

الذين يقيمون الصلاة : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة ـ نعت ـ للموصوف «المؤمنين» في الآية الكريمة السابقة أو في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف تقديره : هم. أي هؤلاء هم الذين. يقيمون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الصلاة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى : هم الذين يؤدون الصلاة في أوقاتها.

(وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يقيمون الصلاة» وتعرب إعرابها بمعنى ويؤتون الزكاة المفروضة للمستحقين.

(وَهُمْ بِالْآخِرَةِ) : الواو استئنافية. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. بالآخرة : جار ومجرور متعلق بيوقنون وقد قدم الجار والمجرور «بالآخرة» أي باليوم الآخر على عامله عناية به.

(هُمْ يُوقِنُونَ) : الضمير بدل من الضمير «هم» الأول وقد كرر للتوكيد لأن الجار والمجرور حال بين المبتدأ «هم» الأول وخبره الجملة الفعلية «يوقنون» في محل رفع. والجملة تعرب إعراب «يؤمنون» إلا أنها في محل رفع خبر «هم».

** (طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى .. المعنى : هذه الآيات المذكورة في هذه السورة هي القرآن وكتاب مبين. أضيفت الآيات إلى القرآن والكتاب المبين على سبيل التفخيم والتعظيم لأن المضاف إلى العظيم يعظم عند إضافته إليه .. والكتاب المبين هو إما اللوح المحفوظ وإما السورة وإما القرآن وقد نكر «الكتاب المبين» ليبهم بالتنكير فيكون أفخم له.

٢٩٧

** (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة. المعنى زينا لهم أعمالهم السيئة فهم يضلون وتعمى بصيرتهم .. يقال : عمه ـ يعمه ـ عمها .. من باب «طرب» بمعنى : تردد وتحير فهو عمه ـ فعل بمعنى فاعل ـ وعامه وهم عمه ـ بضم العين وتشديد الميم ـ وتعامه مثله مأخوذ من قولهم : هذه أرض عمهاء : أي لم يكن فيها أمارات ـ علامات ـ تدل على النجاة .. أما الفعل «عمي» من باب «صدي» فمعناه : ذهب بصره أي فقده فهو أعمى وهي عمياء وهم عمي ـ بضم العين وتسكين الميم ـ وعميان .. ولا يقع العمى إلا على العينين جميعا ويستعار العمى للقلب كناية عن الضلالة وعدم الاهتداء فهو أعمى القلب.

** (أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة وقد حذف المشار إليه اختصارا لأن ما قبله دال عليه أي أولئك المنكرون للبعث .. والمشار إليه المحذوف «المنكرون» هو صفة ـ نعت ـ لاسم الإشارة «أولئك» لهم أشد العذاب في الدنيا.

** (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة .. المعنى : لتلقن القرآن أي تفهمه .. ولم يقل «الحكيم العليم» لأن الغرض من التنكير التفخيم أي وإنك لتؤتاه عند إله حكيم عليم .. ولم يذكر الموصوف لفظ الجلالة لأنه معلوم اكتفاء بالصفتين.

** (إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة .. المعنى : واذكر أيها النبي حين قال موسى لامرأته وهو يسير معها بعد أن تزوجها من أبيها شعيب بمدين وقد تاه عن الطريق أي وهو في طريقه إلى مصر : إني أبصرت نارا .. يقال : أنس ـ يأنس ـ من باب «علم» وفي لغة من باب «ضرب» وهو خلاف «الإيحاش» أي ألفه وسكن قلبه به وهو ضد أوحشه. و«الأنس» بضم الهمزة اسم منه و«الأنس» بفتح الهمزة والنون ـ جماعة من الناس وسمي به وبمصغره. و«الأنيس» الذي يستأنس به ويقال منه استأنست به وتأنست به : إذا سكن إليه القلب ولم ينفر وقال الجوهري : آنس الصوت : أي سمعه فهو مؤنس ـ اسم فاعل ـ وكانت العرب تسمي يوم الخميس مؤنسا ـ بكسر النون ـ لأنه اسم فاعل ومن معاني الفعل «آنس» : علم .. أبصر وهو ما جاء في الآية الكريمة المذكورة و«الإيناس» هو النظر لما يؤنس إليه. و«الشهاب» هو شعلة من نار ساطعة .. وجمعه : شهب ـ بضم الشين والهاء ـ قال المصحف المفسر : وهو كل مضيء متولد من النار وكل ما يرى كأنه كوكب منقض وقد يطلق على الكواكب .. و«قبس» بمعنى مقبوس ـ اسم مفعول ـ ومقباس .. يقال : قبس منه نارا .. من باب «ضرب» أي أخذ شعلة فاقبسه : أي فأعطاه منه قبسا. ويقال : اقتبس منه نارا وعلما : بمعنى : استفاد. قال اليزيدي : أقبسه علما وقبسه نارا .. فإن كان طلبها له قال : أقبسه وقال الكسائي : أقبسه علما ونارا سواء. و«تصطلون» بمعنى : تستدفئون.

** (وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة العاشرة .. المعنى : فلما ألقاها ورآها تهتز كأنها حية خفيفة سريعة الحركة فر خائفا منها ولم يرجع على عقبيه. وأصل «الجان» أن معناه : أبو الجن و«الإنس» الناس .. وسموا ناسا لظهورهم مأخوذ من «الإيناس» وهو الإبصار كما سموا بشرا. وفي الآية الكريمة شبهت عصا موسى ـ عليه‌السلام ـ عند اهتزازها وحركتها بالجان وهو من التشبيه الجيد.

٢٩٨

وقال الزمخشري : ويحتمل أن يكون أراد في قبح صورتها والهلع منها عند رؤيتها كأنها جان لأنها كانت تهتز فتراءى له منظر الحية البشع .. وتسمى الحية عند العرب «جانا» والشيطان بشع الصورة وقبيحها أيضا فهو كريه وقبيح المنظر في طباع الناس لاعتقادهم أنه شر محض لا يخلطه خير فيقولون في القبيح الصورة : كأنه وجه شيطان .. كأنه رأس شيطان وإذا صوره المصورون جاءوا بصورته على أقبح شيء مما يقدر وأهوله. وقيل : إن الشيطان : هو حية عرفاء لها صورة قبيحة المنظر هائلة جدا. ومن أسماء «الشيطان» : الطاغوت وجمعه : طواغيت : أي شياطين .. أو إن الطاغوت هو كل ما عبد من دون الله وصد عن عبادته سبحانه. أما «العصا» فهي العود .. وما يتوكأ عليه .. قيل : سميت «العصا» عصا .. لأن اليد والأصابع تجتمع عليها مأخوذ من عصوت القوم : إذا جمعتهم على خير أو شر .. ومنه يقال : انشقت عصا القوم : بمعنى : وقع الخلاف بينهم و«العصا» تعني أيضا : الجماعة. والفعلان : عصا .. وعصى .. الأول من باب «عدا» والثاني من باب «رمى» واللفظتان هما فعلان لمعنيين مختلفين وإن كانا متفقين لفظا وكذلك الحال بالنسبة إلى مصدريهما فاللفظة الأولى «عصا» تأتي فعلا واسما برسمها هذا في حين أن اللفظة الثانية «عصى» هي فعل ماض فقط ولم يأت برسمها هذا الاسم. ومنه القول الشهير : العصا لمن عصى. فالفعل الأول «عصا» معناه : ضرب بالعصا نحو : عصا الرجل ولده ـ يعصوه ـ عصوا : بمعنى : ضربه بالعصا .. وعصى المبارز ـ يعصي عصا بالسيف : أي ضرب به كما يضرب بالعصا. والفعل الثاني «عصى» : بمعنى خالف وخرج عن الطاعة .. نحو : عصى الولد والده ـ يعصيه ـ عصيا ومعصية : بمعنى : خرج عن طاعة والده وعانده وخالف أمره فهو عاص ـ اسم فاعل ـ وعصي .. أي كثير العصيان ـ من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى فاعل ـ أي مبالغة في عدم الطاعة وجمع «عاص» هو «عصاة» مثل «رام ورماة» ومنه القول : استعصى الشيء أو الأمر عليه : أي اشتد كأنه من العصيان .. واستعملت «العصا» كناية لمعان كثيرة .. منها : شق فلان العصا : يضرب مثلا لمفارقة الجماعة ومخالفتهم .. وألقى عصاه : أي أقام واطمأن .. وقيل : لا ترفع عصاك عن أهلك : يراد به الأدب. ويقال : هذه عصاي ولا يقال : عصاتي. قال الفراء : أول لحن سمع بالعراق : هذه عصاتي. ويقال في الخوارج : قد شقوا عصا المسلمين : أي اجتماعهم وائتلافهم.

** (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية عشرة .. المعنى : أدخل يدك في طوقك تخرج بيضاء من غير آفة في جملة تسع آيات أرسلناك بها إلى فرعون وقومه إنهم كانوا خارجين .. والآيات التسع ـ كما ذكرها المصحف المفسر ـ هي : فلق البحر .. والطوفان .. والجراد والقمل والضفادع .. والدم .. والطمسة والجدب. ومن عد «العصا واليد» في التسع عد الآخرين واحدا ولم يعد فلق البحر لأنه لم يبعث به. والمراد بالطمس : الطمس على الأموال والطبع على القلوب .. و«القمل» هو حشرة تصيب الزرع .. و«الدم» هو تحول الماء دما.

** (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة عشرة .. ولم تلحق علامة التأنيث بفعل العاقبة لأن تأنيثها غير حقيقي أو تكون «عاقبة» بمعنى : عقاب مصير.

** (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة عشرة .. المعنى : أوتي فهم لغة الطير وهذا يدل على أن المنطق ليس قاصرا على العقلاء .. وقالت العرب : نطقت الحمامة .. وكل

٢٩٩

صنف من الطير يتفاهم أصواته و«المنطق» هو الكلام من نطق ـ ينطق ـ نطقا ـ ومنطقا .. ومنه كذلك القول : ناطقه واستنطقه بمعنى : كلمه ووضعوا له تسمية هي «علم المنطق» وصاحب «علم المنطق» هو المنطقي ومنه قولهم في المثل : من تمنطق تزندق : أي من تعلم علم المنطق تهور في الزندقة وهي الكفر باطنا مع التظاهر بالإيمان لأنه يتورط في الأقيسة ـ جمع قياس ـ والنتائج بما يفسد العقائد الدينية التي مدارها على التسليم.

(إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ) (٤)

(إِنَّ الَّذِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن».

(لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. لا : نافية لا عمل لها. يؤمنون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بالآخرة : جار ومجرور متعلق بلا يؤمنون.

(زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع و«نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. اللام حرف جر و«هم» ضمير الغائبين مبني على السكون وهو أي ضمير الغائبين المبني على السكون يعود على الكافرين والجار والمجرور متعلق بزينا. أعمال : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و«هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى : حسنا لهم أعمالهم السيئة.

(فَهُمْ يَعْمَهُونَ) : الفاء سببية. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يعمهون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع يعرب إعراب «يؤمنون» بمعنى يضلون وتعمى بصيرتهم.

(أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) (٥)

(أُوْلئِكَ الَّذِينَ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. والكاف حرف خطاب. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر

٣٠٠