تعالى ـ : (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) [المائدة : ٣] أي : للنصب (١) ، وأصله : ما روي في حرف ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : ولو ترى إذ وقفوا إذ عرضوا على ربهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِ).
يحتمل قوله : (أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِ) ، أي : البعث بعد الموت ؛ لأنهم كانوا ينكرون البعث ، ويقولون : إنه باطل.
ويحتمل : بما كانوا أوعدوا العذاب إن لم يؤمنوا ، فكذبوا ذلك ، فقال : أليس ما أوعدتم في الدنيا حقا ، فأقروا فقالوا : (بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) : في الدنيا.
قوله تعالى : (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ (٣١) وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ)(٣٢)
قوله ـ عزوجل ـ : (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ).
يحتمل قوله ـ تعالى ـ : (كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ) ، أي : كذبوا لقاء وعد الله ووعيده في الدنيا وعلى هذا يخرج قوله : (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ) [العنكبوت : ٥] أي : يرجو لقاء وعد الله [في الدنيا](٢) ووعيده ، خسروا في الآخرة بتكذيبهم ذلك في الدنيا ، وعلى ذلك يخرج ما روي في الخبر : «من أحبّ لقاء الله» أي : أحب لقاء ما أعد (٣) الله له «ومن كره لقاء الله» أي : كره لقاء ما أعد له ، وأصله : من أحبّ الرجوع إلى الله أحب الله رجوعه ، ومن كره الرجوع إلى الله كره الله رجوعه إليه (٤) ، والمحبة لله اختيار أمره وطاعته ؛ وعلى
__________________
(١) في ب : النصب.
(٢) سقط في ب.
(٣) في ب : عد.
(٤) (من أحب لقاء الله) أي المصير إلى ديار الآخرة بمعنى أن المؤمن عند الغرغرة يبشر برضوان الله وجنته فيكون موته أحب إليه من حياته (أحب الله لقاءه) أي أفاض عليه فضله وأكثر عطاياه (ومن كره لقاء الله) حين يرى ما له من العذاب حالئذ (كره الله لقاءه) أبعده من رحمته وأدناه من نقمته وعلى قدر نفرة النفس من الموت يكون ضعف منال النفس من المعرفة التي بها تأنس بربها فتتمنى لقاءه ، والقصد بيان وصفهم بأنهم يحبون لقاء الله حين أحب الله لقاءهم لأن المحبة صفة الله ومحبة العبد ربه منعكسة منها كظهور عكس الماء على الجدر كما يشعر به تقديم «يحبهم» على «يحبونه» في التنزيل كذا قرره جمع ، وقال الزمخشري : لقاء الله هو المصير إلى الآخرة وطلب ما عند الله ، فمن كره ذلك وركن إلى الدنيا وآثرها كان ملوما ، وليس الغرض بلقاء الله : الموت لأن كلا يكرهه حتى الأنبياء فهو معترض دون الغرض المطلوب فيجب الصبر عليه وتحمل مشاقه ليتخطى لذلك المقصود العظيم وقال الغزالي : هذه المحبة تقع لعامة المؤمنين عند الكشف حال ـ