تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٢

تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٢

المؤلف:


المحقق: عبدالله محمود شحاته
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٩٧

(لِلَّذِينَ كَفَرُوا) فلم أعجل عليهم بالعقوبة (ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ) بالعذاب (فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) ـ ٣٢ ـ يعنى عذاب. أليس وجدوه حقا؟ (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) من خير وشر يقول الله قائم على كل بر وفاجر ، على الله رزقهم وطعامهم (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ) يعنى وصنعوا لله شبها وهو أحق أن يعبد من غيره (قُلْ) لهم يا محمد : (سَمُّوهُمْ) يقول ما أسماء هؤلاء الشركاء وأين مستقرهم يعنى الملائكة لأنهم عبدوهم ، ويقال الأوثان. ولو سموهم لكذبوا. ثم قال : (أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ) بأن معه شريكا (أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ) يقول : بل (١) بأمر باطل كذب كقوله. فى الزخرف (٢) : (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي) يقول بل أنا خير ، ثم قال : (بَلْ) يعنى لكن (٣) (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) من أهل مكة (مَكْرُهُمْ) يعنى قول الشرك (وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ) يعنى وصدوا الناس عن السبيل يعنى دين الله الإسلام (٤) (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) يقول ومن يضله الله (فَما لَهُ مِنْ هادٍ) ـ ٣٣ ـ إلى دينه (لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) يعنى القتل ببدر (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُ) مما أصابهم من القتل ببدر وضرب الملائكة الوجوه والأدبار وتعجيل أرواحهم النار (وَما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ) ـ ٣٤ ـ يعنى بقي العذاب عنهم (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) يعنى شبه الجنة فى الفضل والخير كشبه النار

__________________

(١) بل : ساقطة من ل.

(٢) فى أ : كقوله فى قوله ، والآية رقم ٥٢ : من سورة الزخرف وتمامها : (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ).

(٣) فى أ : لكي ، ل : لكن.

(٤) هكذا فى : أ ، ل.

٣٨١

فى شدة العذاب. ثم نعت الجنة فقال : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) (١) (أُكُلُها دائِمٌ) يعنى طعامها لا يزول ولا ينقطع وهكذا (وَظِلُّها) ثم قال : (تِلْكَ) الجنة (عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا) عاقبة حسناهم الجنة (وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ) ـ ٣٥ ـ يعنى وعاقبة الذين كفروا بتوحيد الله النار (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) يقول أعطيناهم التوراة ، وهم (٢) عبد الله بن سلام وأصحابه مؤمنو أهل التوراة (يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) من القرآن ثم قال : (وَمِنَ الْأَحْزابِ) يعنى ابن أمية ، وابن المغيرة ، وآل أبى طلحة بن عبد العزى بن قصى ، (مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ) أنكروا الرحمن ، والبعث ، ومحمدا ـ عليه‌السلام ـ (قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ) يعنى أوحد الله (وَلا أُشْرِكَ بِهِ) شيئا (إِلَيْهِ أَدْعُوا) يعنى إلى معرفته وهو التوحيد أدعو (وَإِلَيْهِ مَآبِ) ـ ٣٦ ـ يعنى وإليه المرجع (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) [١٩١ أ] يعنى حين دعى إلى ملة آبائه (بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) يعنى من البيان (ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍ) يعنى قريبا (٣) ينفعك (وَلا واقٍ) ـ ٣٧ ـ يعنى يقي العذاب عنك (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ) يعنى الأنبياء قبلك (وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) يعنى النساء والأولاد (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ) وذلك أن كفار مكة سألوا النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أن يأتيهم بآية فقال الله ـ تعالى ـ : (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ) إلى قومه (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) يعنى إلا بأمر الله (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) ـ ٣٨ ـ

__________________

(١) (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) : ساقطة من الأصل.

(٢) فى أ : فهم ، ل : فهو ، والأنسب هنا : وهم.

(٣) فى أ : قريب ، ل : قريبا.

٣٨٢

يقول لا ينزل من السماء كتاب إلا بأجل (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ) يقول ينسخ (١) الله ما يشاء من القرآن (وَيُثْبِتُ) يقول ويقر من حكم الناسخ ما يشاء فلا ينسخه (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) ـ ٣٩ ـ يعنى أصل الكتاب يقول الناسخ من الكتاب والمنسوخ فهو (٢) فى أم الكتاب يعنى بأم الكتاب اللوح المحفوظ. (وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ) يعنى وإن نرينك يا محمد فى حياتك (بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) من العذاب فى الدنيا يعنى القتل ببدر وسائر بهم العذاب بعد الموت (٣). ثم قال : (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) يقول أو نميتك يا محمد قبل أن نعذبهم فى الدنيا ، يعنى كفار مكة (فَإِنَّما عَلَيْكَ) يا محمد (الْبَلاغُ) من الله إلى عباده (وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) ـ ٤٠ ـ يقول وعلينا الجزاء الأوفى فى الآخرة كقوله ـ عزوجل ـ فى الشعراء «إن حسابهم إلا على ربي» (٤) يعنى ما جزاءهم إلا على ربى (أَوَلَمْ يَرَوْا) يعنى كفار مكة (أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ) يعنى أرض مكة (نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) يعنى ما حولها يقول لا يزال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ والمؤمنون يغلبون على ما حول مكة من الأرض فكيف لا يعتبرون بما يرون أنه ينقص من أهل الكفر ويزاد فى المسلمين (٥) (وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) يقول والله يقضى لا راد لقضائه فى نقصان ما حول مكة ونصر محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ (وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ) ـ ٤١ ـ يقول كأنه قد جاء فحاسبهم (وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)

__________________

(١) فى أ : ينسئ. وفى حاشية أ : ينسخ محمد. وفى ل : ينسخ ، وفى م : ينسئ.

(٢) هكذا فى أ ، ل.

(٣) من ل. وفى أ : وسائر العرب ينزل بهم بعد الموت.

(٤) سورة الشعراء : ١١٣.

(٥) هكذا فى أ ، ل.

٣٨٣

يعنى قبل كفار مكة من الأمم الخالية يعنى قوم صالح ـ عليه‌السلام ـ حين أرادوا قتل صالح ـ عليه‌السلام ـ فهكذا كفار مكة حين أجمع أمرهم على قتل محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فى دار الندوة يقول الله ـ عزوجل ـ : (فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً) يقول جميع ما يمكرون بإذن الله ـ عزوجل ـ والله (يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ) يعنى ما تعمل كل نفس بر وفاجر من خير أو شر (وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ) : كفار مكة فى الآخرة (لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ) ـ ٤٢ ـ يعنى دار الجنة ألهم أم للمؤمنين (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا) يقول قالت اليهود : (لَسْتَ مُرْسَلاً) يا محمد (١) لم يبعثك الله رسولا فأنزل الله ـ عزوجل ـ (قُلْ) لليهود : (كَفى بِاللهِ شَهِيداً) فلا شاهد أفضل من الله ـ عزوجل ـ (بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) بأنى نبى رسول [١٩١ ب](وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) ـ ٤٣ ـ يقول ويشهد من عنده التوراة (٢) عبد الله بن سلام فهو يشهد أنى نبى رسول مكتوب فى التوراة.

* * *

__________________

(١) فى أزيادة : صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وليست فى ل.

(٢) هكذا فى : أ ، ل. والمراد من عنده علم التوراة ، أو معرفة أحكام التوراة.

٣٨٤

سورة ابراهيم

٣٨٥
٣٨٦

(١٤) سورة إبراهيم مكّيّة

وآياتها ثنتان وخمسون

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١) اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٢) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (٣) وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ

٣٨٧

بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٥) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٦) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ (٧) وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٩) قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا

٣٨٨

فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٠) قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١) وَما لَنا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ (١٤) وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (١٥) مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ (١٦) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ (١٧) مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٨) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٩) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (٢٠) وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا

٣٨٩

كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ (٢١) وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٢) وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ (٢٣) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٥) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (٢٦) يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ (٢٧) * أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ

٣٩٠

دارَ الْبَوارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ (٢٩) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (٣٠) قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (٣١) اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ (٣٢) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (٣٣) وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (٣٤) وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ (٣٥) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦) رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧) رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٣٨)

٣٩١

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٩) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ (٤٠) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (٤١) وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣) وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ (٤٤) وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ (٤٥) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (٤٦) فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ (٤٧) يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (٤٨) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٤٩) سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (٥٠) لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ

٣٩٢

إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٥١) هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٥٢))

٣٩٣
٣٩٤

سورة إبراهيم (١)

«عليه‌السلام (٢)»

مكية (٣) كلها غير قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً ...)

__________________

(١) مقصود سورة إبراهيم

من مقاصد سورة إبراهيم ما يأتى :

بيان حقيقة الإيمان ، وبرهان النبوّة ، وأن الله ـ تعالى ـ أرسل كل رسول بلغة قومه ، وذكر الامتنان على بنى إسرائيل بنجاتهم من فرعون ، وأن القيام بشكر النعم يوجب المزيد ، وكفرانها يوجب الزوال ، وذكر معاملة القرون الماضية مع الأنبياء ، والرسل الغابرين ، وأمر الأنبياء بالتوكل على الله عند تهديد الكفار إياهم ، وبيان مذلة الكفار فى العذاب ، والعقوبة وبطلان أعمالهم ، وكمال إذلالهم فى القيامة ، وبيان جزعهم من العقوبة ، وإلزام الحجة عليهم ، وإحالة إبليس اللائمة عليهم ، وبيان سلامة أهل الجنة ، وكرامتهم ، وتشبيه الإيمان والتوحيد بالشجرة الطيبة وهي النخلة ، وتمثيل الكفر بالشجرة الخبيثة وهي الحنطة. وتثبيت أهل الإيمان على كلمة الصواب عند سؤال منكر ونكير. والشكوى من الكفار بكفران النعمة ، وأمر المؤمنين بإقامة الصلوات ، وذكر المنة على المؤمنين بالنعم السابقات ودعاء إبراهيم بالأمن للحرم المكي ، وتسليمه إسماعيل إلى كرم الحق ـ تعالى ـ ولطفه ، ثم شكره الله على إعطائه الولد.

وفى آخر السورة نجد التهديد العظيم للظالمين بمذلتهم فى القيامة ، وأن الكفار قرناء الشياطين فى العذاب والإشارة إلى أن القرآن أبلغ واعظ وأعظم ذكرى للعقلاء فى قوله ـ تعالى ـ :

(هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ).

* * *

(٢) فى أ : صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ل : عليه‌السلام.

(٣) «مكية» : ساقطة من ل ، وهي من أ.

٣٩٥

الآيتين مدنيتين (١) ، وهي اثنتان وخمسون آية كوفية (٢).

* * *

__________________

(١) يقصد الآيتين ٢٨ ، ٢٩ من سورة إبراهيم وهما قوله ـ تعالى ـ : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ. جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ).

وفى ل : كلها غير قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ).

وفى بداية المصحف :

(١٤) سورة إبراهيم مكية إلا آيتي ٢٨ ، ٢٩ فمدنيتان وآياتها ٥٢ نزلت بعد سورة نوح.

(٢) وفى كتاب بصائر ذوى التمييز للفيروزآبادي سورة إبراهيم مكية إجماعا غير آية واحدة (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً ...) الآية.

وعدد آياتها ٥٥ عند الشاميين ، ٥٢ عند الكوفيين.

ومجموع فواصل آياتها (آدم نظر. صب ذل)

٣٩٦

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ) يا محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) يعنى من الشرك إلى الإيمان (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) يعنى بأمر ربهم (إِلى صِراطِ) يعنى إلى دين (الْعَزِيزِ) فى ملكه (الْحَمِيدِ) ـ ١ ـ فى أمره عند خلقه. ثم دل على نفسه ـ تعالى ذكره ـ فقال : (الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ) من أهل مكة بتوحيد الله (١) (مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ) ـ ٢ ـ ثم أخبر عنهم فقال تعالى : (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) الفانية (عَلَى الْآخِرَةِ) الباقية (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) يعنى عن دين الإسلام (وَيَبْغُونَها عِوَجاً) يعنى سبيل الله عوجا يقول ويريدون بملة الإسلام زيغا وهو الميل (أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) ـ ٣ ـ يعنى فى خسران طويل وذلك أن رءوس كفار مكة كانوا ينهون الناس عن اتباع محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ «وعن اتباع دينه (٢)» ثم قال ـ سبحانه : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) يعنى بلغة قومه ليفهموا قول رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فذلك قوله ـ سبحانه : (لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ) على ألسنة الرسل عن دينه الهدى (وَيَهْدِي) إلى دينه الهدى على ألسنة الرسل (مَنْ يَشاءُ) ثم رد ـ تعالى ذكره ـ المشيئة إلى نفسه فقال : (وَهُوَ الْعَزِيزُ)

__________________

(١) أى : الكافرين بتوحيد الله.

(٢) فى أ ، ل : وعن دينه.

٣٩٧

فى ملكه (الْحَكِيمُ) ـ ٤ ـ حكم الضلالة والهدى لمن يشاء (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا) اليد والعصا (أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ) يعنى أن ادع قومك بنى إسرائيل (مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) يعنى من الشرك إلى الإيمان (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) يقول عظهم وخوفهم بمثل عذاب الأمم الخالية فيحذروا فيؤمنوا (إِنَّ فِي ذلِكَ) يقول إن فى هلاك الأمم الخالية (لَآياتٍ) يعنى لعبرة (لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) ـ ٥ ـ يعنى المؤمن صبور على أمر الله ـ عزوجل ـ عند البلاء الشديد شكور لله ـ تعالى ـ فى نعمه (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) بنى إسرائيل (اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ) يعنى أنقذكم (مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) يعنى أهل مصر (يَسُومُونَكُمْ) يعنى يعذبونكم (سُوءَ) يعنى شدة (الْعَذابِ) ثم بين العذاب فقال : (وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) فى حجور [١٩٢ أ] أمهاتهم (وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ) يعنى قتل البنين وترك البنات قتل فرعون منهم ثمانية عشر طفلا (وَفِي ذلِكُمْ) يعنى فيما أخبركم من قتل الأبناء وترك البنات (بَلاءٌ) يعنى نقمة (مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) ـ ٦ ـ كقوله سبحانه «إن هذا لهو البهاء المبين» (١) يعنى النعمة (٢) البينة ، وكقوله : «وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين» (٣) يعنى نعمة بينة (٤) (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ) نظيرها فى الأعراف «وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة» (٥) وإذ قال ربكم :

__________________

(١) سورة الصافات : ١٠٦.

(٢) فى البيضاوي : المراد ، بالبلاء النعمة. وفى الجلالين (بلاء) أنعام أو ابتلاء.

(٣) سورة الدخان : ٣٣.

(٤) نعمة بينة : من ل. وفى أ : نقمة بين.

(٥) سورة الأعراف : ١٦٧.

٣٩٨

(لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) يعنى لئن وحدتم الله ـ عزوجل ـ كقوله سبحانه : (وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) (١) يعنى الموحدين ، لأزيدنكم خيرا فى الدنيا (وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ) بتوحيد الله (إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) ـ ٧ ـ لمن كفر بالله ـ عزوجل ـ فى الآخرة (وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌ) عن عبادة خلقه (حَمِيدٌ) ـ ٨ ـ عن خلقه فى سلطانه ثم خوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية لئلا يكذبوا بمحمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقال سبحانه : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا) يعنى حديث (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) من الأمم حديث (قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ) من الأمم التي عذبت عاد ، وثمود ، وقوم إبراهيم ، وقوم لوط ، وغيرهم (لا يَعْلَمُهُمْ) يعنى لا يعلم عدتهم أحد (إِلَّا اللهُ) ـ عزوجل ـ (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) يعنى أخبرت الرسل قومهم بنزول العذاب بهم نظيرها فى الروم «وجاءتهم رسلهم بالبينات» (٢) يعنى بنزول العذاب بهم فى الدنيا (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) يقول وضع الكفار أيديهم فى أفواههم ، ثم (٣) قالوا للرسل : اسكتوا فإنكم كذبة يعنون الرسل وأن العذاب ليس بنازل بنا فى الدنيا (وَقالُوا) للرسل : (إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ) يعنى بالتوحيد (وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) ـ ٩ ـ يعنى بالريبة أنهم لا يعرفون شكهم (قالَتْ) لهم (رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌ) يقول أفي التوحيد لله شك (فاطِرِ) يعنى خالق (السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ) إلى معرفته (لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) والمن هاهنا

__________________

(١) سورة آل عمران : ١٤٤.

(٢) سورة الروم : ٩.

(٣) ثم : ساقطة من أ ، وهي من ل.

٣٩٩

صلة كقوله سبحانه : «شر لكم من الدين» (١) (وَيُؤَخِّرَكُمْ) فى عافية (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) يقول إلى منتهى آجالكم فلا يعاقبكم بالسنين (٢) فردوا على الرسل (قالُوا) لهم : (إِنْ أَنْتُمْ) يعنى ما أنتم (إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) لا تفضلونا فى شيء (تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا) يعنى تمنعونا (عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا) يعنى دين آبائهم (فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) ـ ١٠ ـ يعنى بحجة بينة قالوا للرسل ائتونا من عند الله بكتاب فيه حجة بأنكم رسله ، فإن أتيتمونا كان لكم حجة بأنكم رسله (٣). (قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ) يعنى ما نحن (إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُ) يعنى ينعم (عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) فيخصه بالنبوة والرسالة (وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ) [١٩٢ ب] يعنى بكتاب من الله بالرسالة (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) يعنى إلا بأمر الله (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ) يقول وبالله فليثق (الْمُؤْمِنُونَ) ـ ١١ ـ لقولهم للرسل لنخرجنكم من أرضنا ثم قال سبحانه : (وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ) يعنى وما لنا ألا نثق بالله (وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا) يعنى لدينا (٤) (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) ـ ١٢ ـ يعنى وبالله فليثق الواثقون وكان أذاهم للرسل أن قالوا : «وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ (٥)» (لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا) يعنى دينهم الكفر فهذا الأذى الذي صبروا عليه (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ)

__________________

(١) سورة الشورى : ١٣.

(٢) فى أ ، ل : فلا يعاقبكم بالسنين ولا بغيرها إلى آجالكم.

(٣) فى أ : إن كانت لكم حجة بأنكم رسله فأتوا بها ، ل : فإن آتيتمونا كان لكم حجة بأنكم رسله.

(٤) هكذا فى : أ ، ل.

(٥) ما بين القوسين «...» : ساقط س : أ ، ل.

٤٠٠