تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٢

تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٢

المؤلف:


المحقق: عبدالله محمود شحاته
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٩٧

فلم يهاجروا إلى المدينة فلما خرج كفار مكة إلى قتال بدر خرج هؤلاء النفر معهم فلما عاينوا قلة المؤمنين شكوا فى دينهم وارتابوا فقالوا : (غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ) يعنون أصحاب محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يقول الله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) يعنى المؤمنين ، يعنى يثق به فى النصر (فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) يعنى منيع فى ملكه (حَكِيمٌ) ـ ٤٩ ـ فى أمره حكم النصر فلما قتل هؤلاء النفر من المشركين ضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم ، فذلك قوله ـ عزوجل ـ : (وَلَوْ تَرى) يا محمد (إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا) بتوحيد الله (الْمَلائِكَةُ) يعنى ملك الموت وحده (يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) فى الدنيا ، ثم انقطع الكلام فلما كان يوم القيامة دخلوا النار ، تقول لهم خزنة جهنم (وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) ـ ٥٠ ـ (ذلِكَ) العذاب (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) من الكفر والتكذيب (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ـ ٥١ ـ يقول ليس يعذبهم على غير ذنب ثم نعتهم فقال : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) يقول كأشباه آل فرعون فى التكذيب والجحود (وَ) كأشباه (الَّذِينَ «مِنْ قَبْلِهِمْ») (١) أى من قبل فرعون وقومه من الأمم الخالية قوم نوح ، وعاد ، وثمود ، وإبراهيم ، وقوم شعيب ، (كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) يعنى بعذاب الله بأنه ليس بنازل بهم فى الدنيا (فَأَخَذَهُمُ اللهُ) يعنى فأهلكهم الله (بِذُنُوبِهِمْ) يعنى بالكفر والتكذيب (إِنَّ اللهَ قَوِيٌ) فى أمره حين عذبهم (شَدِيدُ الْعِقابِ) ـ ٥٢ ـ إذا عاقب (ذلِكَ) العذاب (بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ) على أهل مكة أطعمهم من جوع ، وآمنهم من خوف ، ثم بعث فيهم محمدا رسوله [١٤٧ ب] ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، فهذه النعمة التي غيروها فلم يعرفوا ربها فغير الله ما بهم من النعم

__________________

(١) فى أ : «من قبل» ، وفى حاشية أ : الآية «قبلهم».

١٢١

فذلك قوله : (حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ـ ٥٣ ـ ثم قال : (كَدَأْبِ) يعنى كأشباه (آلِ فِرْعَوْنَ) وقومه فى الهلاك ببدر (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يعنى الذين قبل آل فرعون من الأمم الخالية (كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) يعنى بعذاب ربهم فى الدنيا بأنه غير نازل بهم (فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) يقول : فعذبناهم بذنوبهم فى الدنيا وبكفرهم وبتكذيبهم (وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌ) يعنى آل فرعون والأمم الخالية الذين كذبوا فى الدنيا (كانُوا ظالِمِينَ) ـ ٥٤ ـ يعنى مشركين (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا) يعنى بتوحيد الله (فَهُمْ) يعنى بأنهم (لا يُؤْمِنُونَ) ـ ٥٥ ـ وهم يهود قريظة فمنهم حيى ابن أخطب اليهودي ، وإخوته ، ومالك بن الضيف ، ثم أخبر عنهم فقال : (الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ) يا محمد (ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ) وذلك أن اليهود نقضوا العهد الذي كان بينهم وبين النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وأعانوا مشركي مكة بالسلاح على قتال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وأصحابه ثم يقولون نسينا وأخطأنا ، ثم يعاهدهم الثانية فينقضون العهد فذلك قوله : (ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ) يعنى «في كل» (١) عام مرة (وَهُمْ لا يَتَّقُونَ) ـ ٥٦ ـ نقض العهد (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ) يقول فإن أدركتهم فى الحرب يعنى القتال فأسرتهم (فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) يقول نكل بهم لمن بعدهم من العدو وأهل عهدك (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) ـ ٥٧ ـ يقول لكي يذكروا النكال فلا ينقضون العهد ، ثم قال : (وَإِمَّا تَخافَنَ) يقول وإن تخافن (٢) (مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً) يعنى بالخيانة نقض العهد (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ)

__________________

(١) (فِي كُلِّ) : زيادة من ل ، وليست فى أ.

(٢) فى ل : «وإن ما تخافن» ، أ : «وإن تخافن».

١٢٢

يقول على أمر بين فارم إليهم بعهدهم (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ) ـ ٥٨ ـ يعنى اليهود (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بتوحيد الله يعنى كفار العرب (سَبَقُوا) سابقي الله بأعمالهم الخبيثة (إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ) ـ ٥٩ ـ يقول إنهم لن يفوقوا الله بأعمالهم الخبيثة حتى يعاقبهم الله بما يقولون ، ثم قال : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) يعنى السلاح وهو الرمي (وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) يعنى كفار العرب (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ) يقول لا تعرفهم يا محمد ، يقول وترهبون فيما استعددتم (١) به آخرين من دون كفار العرب يعنى اليهود لا تعرفهم يا محمد (اللهُ يَعْلَمُهُمْ) يقول الله يعرفهم يعنى اليهود ، ثم قال : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ) من أمر السلاح والخيل «فِي سَبِيلِ اللهِ (٢)» (يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) يقول يوفر لكم ثواب النفقة (وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) ـ ٦٠ ـ يقول وأنتم لا تنقصون يوم القيامة ، ثم ذكر يهود قريظة ، فقال : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ «لَها») (٣) [١٤٨ أ] يقول إن أرادوا الصلح فأرده ، ثم نسختها الآية التي فى سورة محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) (٤) ثم قال للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) يقول وثق بالله فإنه معك فى النصر إن نقضوا الصلح (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لما أرادوا من الصلح (الْعَلِيمُ) ـ ٦١ ـ به ، ثم قال (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ)

__________________

(١) فى أ : استعدتم.

(٢) ما بين القوسين «...» من الأصل.

(٣) «لها» : ساقطة من الأصل.

(٤) سورة محمد : ٣٥ ، وتمامها (... وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) والحق أن القول بالنسخ هنا تجن على روح القرآن ودعواته المتكررة إلى الصلح وإجارة المستجير وقبول السلم عند الدعوة إليه. وعلى هذا فآية (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) محكمة وليست بمنسوخة.

١٢٣

يا محمد بالصلح لتكف عنهم حتى إذا «جاء (١)» مشركو العرب أعانوهم عليك يعنى يهود قريظة (فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ) يعنى هو الذي قواك (بِنَصْرِهِ) يعنى بجبريل (٢) ـ عليه‌السلام ـ وبمن معه (وَبِالْمُؤْمِنِينَ) ـ ٦٢ ـ من الأنصار يوم بدر وهو فاعل ذلك أيضا وأيدك على يهود قريظة ، ثم ذكر الأنصار فقال : (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) بعد العداوة التي كانت بينهم فى أمر شمير ، وحاطب ، فقال : (لَوْ أَنْفَقْتَ) يا محمد على أن تؤلف بين قلوبهم (ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) بعد العداوة فى دم شمير ، وحاطب بالإسلام (إِنَّهُ عَزِيزٌ) يعنى منيع فى ملكه (حَكِيمٌ) ـ ٦٣ ـ فى أمره حكم الألفة بين الأنصار بعد العداوة (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَ) وحسب (مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ـ ٦٤ ـ بالله ـ عزوجل ـ ، نزلت بالبيداء فى غزاة بدر قبل القتال وفيها تقديم (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) يعنى حضض المؤمنين على القتال ببدر (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا) يعنى يقاتلوا (مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا) يعنى يقاتلوا (أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالتوحيد كفار مكة ببدر (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) ـ ٦٥ ـ الخبر فجعل الرجل من المؤمنين يقاتل عشرة من المشركين ، فلم يكن فرضه الله لا بد منه ولكن تحريض من الله ليقاتل الواحد عشرة فلم يطق المؤمنون ذلك فخفف الله عنهم بعد قتال بدر فأنزل الله (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ) يعنى بعد قتال بدر (وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ) عدة (مِائَةٌ) رجل (صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) يعنى يقاتلوا مائتين

__________________

(١) من : ل ، وساقطة من أ.

(٢) فى أ : جبريل.

١٢٤

(وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ) رجل (يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) ـ ٦٦ ـ فى النصر لهم على عدوهم فأمر الله أن يقاتل الرجل المسلم وحده رجلين من المشركين فمن أسره المشركون بعد التخفيف فإنه لا يفادى من بيت المال إذا كان المشركون مثل المؤمنين ، وإن كان المشركون أكثر من الضعف فإنه يفادى من بيت المال. فينبغي للمسلمين أن يقاتلوا الضعف من المشركين إلى أن تقوم الساعة (١) ، وكانت المنزلة قبل التخفيف ، لا يفتدى الأسير إلا على نحو ذلك.

(ما كانَ لِنَبِيٍ) من قبلك يا محمد (أَنْ يَكُونَ) (٢) (لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ) عدوه (فِي الْأَرْضِ) ويظهر عليهم (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا) يعنى المال وهو الفداء من المشركين نزلت بعد قتال بدر (وَاللهُ يُرِيدُ) لكم (الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ) يعنى منيع فى ملكه (حَكِيمٌ) ـ ٦٧ ـ فى أمره وذلك [١٤٨ ب]

__________________

(١) أرى أن هذا يكون عند المساواة فى السلاح أو تقارب المساواة عند الفئتين أما إذا كان سلاح العدو أقوى من سلاح المسلمين فلا يجب على المسلمين أن يقاتلوا الضعف ، هذا لأن الشريعة معقولة المعنى ، ـ ولأن فحوى الآية وجوب قتال الضعف عند تعادل الأسلحة أو قربها من التعادل ، قارن بتفسير المنار : ١٠ / ٨٩ ط ٢ مطبعة دار المنار ، حيث يقول : «والآية تدل على أن من شأن المؤمنين أن يكونوا أعلم من الكافرين وأفقه بكل علم وفن يتعلق بحياة البشر وارتقاء الأمم وإن حرمان الكفار من هذا العلم ـ علم الحقائق المتعلقة بالحرب من مادية وروحية ـ هو السبب فى كون المائة منهم دون العشرة من المؤمنين الصابرين.

وهكذا كان المسلمون فى قرونهم الأولى والوسطى يعملون بهداية دينهم على تفاوت علمائهم وحكامهم فى ذلك حتى إذا ما فسدوا ـ بترك هذه الهداية التي سعدوا بها فى دنياهم فكانوا أصحاب ملك واسع وسيادة عظيمة دانث لهم بها الشعوب الكثيرة ـ زال ذلك المجد والسؤدد ، ونزع منهم أكثر ذلك الملك ، وما بقي منه فهو على شفا جرف هار.

(٢) فى أ : تكون.

١٢٥

أن الغنائم لم تحل لأحد من الأنبياء ولا المؤمنين قبل محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم (١) ـ ، وأخبر الله الأمم «إنى أحللت الغنائم للمجاهدين من أمة (٢)» محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وكان (٣) المؤمنون إذا أصابوا الغنائم جمعوها ثم أحرقوها (٤) بالنيران وقتلوا «الناس (٥)» والأسارى والدواب وهذا (٦) فى الأمم الخالية ، فذلك قوله : (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ) فى تحليل الغنائم لأمة محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فى علمه فى اللوح المحفوظ ، ثم خالفتم المؤمنين من قبلكم (لَمَسَّكُمْ) يعنى لأصابكم (فِيما أَخَذْتُمْ) من الغنيمة (عَذابٌ عَظِيمٌ) ـ ٦٨ ـ ثم طيبها لهم (٧) وأحلها فقال : (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ) ببدر (حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ) ولا تعصوه (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) ذو تجاوز لما أخذتم من الغنيمة قبل حلها (رَحِيمٌ) ـ ٦٩ ـ بكم إذ أحلها لكم وكان النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ جعل عمر بن الخطاب ، وخباب بن الأرت ، أولياء القبض يوم بدر وقسمها النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بالمدينة وانطلق بالأسارى فيهم العباس بن عبد المطلب ، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، وذلك أن العباس بن عبد المطلب يوم أسر أخذ منه عشرين أوقية من ذهب فلم تحسب له من الفداء (٨) وكان

__________________

(١) فى أ : عليه‌السلام ، ل : صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٢) بياض فى أ ، وفى ل : أنى أحللت الغنائم للمجاهدين لأمة.

(٣) فى أ : فكان ، ل : وكان.

(٤) فى أ ، ل : جمعوه ثم أحرقوه.

(٥) «الناس» : زيادة من : ل.

(٦) فى أ : ل : وهذه.

(٧) فى أ : لكم.

(٨) فى أ : الفدى.

١٢٦

فداء كل أسير من المشركين أربعين أوقية من ذهب وكان أول من فدى نفسه أبو وديعة ضمرة بن صبيرة (١) السهمي ، وسهيل بن عمرو (٢) ـ من بنى عامر بن لؤي القرشيان ـ. فقال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : أضعفوا الفداء (٣) على العباس وكلف أن يفتدى ابني (٤) أخيه فأدى عنهما ثمانين أوقية من ذهب وكان فداء العباس بثمانين أوقية ، وأخذ منه عشرون أوقية ، فأخذ منه يومئذ مائة أوقية وثمانون (٥) أوقية ، فقال العباس للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : لقد تركتني ما حييت أسأل قريشا بكفى. وقال له ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أين الذهب الذي تركته عند امرأتك أم الفضل فقال العباس : أى الذهب؟ فقال له رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : إنك قلت لها إنى لا أدرى ما يصيبني فى وجهى هذا فإن حدث بى ما حدث فهو لك ولولدك فقال : يا بن أخى من أخبرك؟ قال : الله أخبرنى. قال العباس : أشهد أنك صادق وما علمت أنك رسول قط قبل اليوم قد علمت أنه لم يطلعك عليه إلا عالم السرائر ، وأشهد ألا إله إلا الله ، وأنك عبده ورسوله وكفرت بما سواه «وأمر ابني أخيه فأسلما ففيهما (٦)» نزلت (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى) (٧) يعنى العباس وابني أخيه (إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً) يعنى إيمانا كقوله : (لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً) يعنى إيمانا

__________________

(١) فى أ : ضمرة ، ل : ضمرة أو صبيرة السهمي.

(٢) فى أ : عمر ، ل : عمرو.

(٣) فى أ : الفدى ، ل : الفداء.

(٤) فى أ : ابن ، ل : ابني.

(٥) فى أ : وثمانين ، ل : وثمانين أوقية. والسطور السابقة من ل ، وهي فى أبتقديم وتأخير.

(٦) فى أ : «وأمر ابن أخيه فأسلم ففيهما».

(٧) فى أ : الأسارى.

١٢٧

وهذا فى هود (١) (يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ) من الفداء فوعدهم الله أن يخلف لهم أفضل ما أخذ منهم (وَيَغْفِرْ «لَكُمْ») (٢) ذنوبكم (٣) (وَاللهُ غَفُورٌ) «لما كان منهم (٤)» من الشرك من ذنوبهم ذو تجاوز (رَحِيمٌ) ـ ٧٠ ـ بهم فى الإسلام (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ) يعنى الكفر بعد إسلامهم واستحيائك (٥) إياهم (فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ) [١٤٩ أ] يقول فقد كفروا بالله من قبل هذا الذي نزل بهم ببدر (فَأَمْكَنَ) الله (مِنْهُمْ) النبي ـ عليه‌السلام ـ يقول : إن خانوا أمكنتك منهم فقتلتهم وأسرتهم كما فعلت بهم ببدر (وَاللهُ عَلِيمٌ) بخلقه (حَكِيمٌ) ـ ٧١ ـ فى أمره حكم أن يمكنه (٦) منهم.

فقال العباس بعد ذلك : لقد أعطانى الله خصلتين ما من شيء هو أفضل منهما أما أحدهما فالذهب الذي أخذ منى فاتانى الله «خَيْراً (٧) مِنْهُ» عشرين عبدا ، وأما الثانية فتنجيز (٨) موعود (٩) الله الصادق وهو المغفرة ، فليس أحد أفضل من هذا ،

__________________

(١) سورة هود الآية ٣١ : (وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً اللهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا).

(٢) فى أ : لهم. وفى حاشية أ : الآية «لكم».

(٣) فى أ : ذنوبهم.

(٤) «لما كان منهم» : زيادة من : ل ، وليست فى : أ.

(٥) فى ل : واستحيابك ، أ : واستحبائك.

(٦) هكذا فى أ ، ل : «يمكنه» والضمير عائد إلى رسوله أى حكم أن يمكن رسوله منهم.

(٧) فى أ : منها.

(٨) فى أ : فينجز.

(٩) فى أ : موعد ، ل : موعود.

١٢٨

ومن كان من أسارى بدر وليس له فدى فإنه يدفع إليه عشرة غلمان يعلمهم الكتاب (١) فإذا حذقوا برئ الأسير من الفداء وكان أهل مكة يكتبون وأهل المدينة لا يكتبون. وكان النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قد استشار أصحابه فى أسارى بدر فقال عمر بن الخطاب للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : اقتلهم فإنهم رءوس الكفر وأئمة الضلال. وقال أبو بكر : لا تقتلهم فقد شفى الله الصدور وقتل المشركين وهزمهم فآدهم (٢) أنفسهم وليكن (٣) ما نأخذ منهم فى قوة المسلمين وعونا (٤) على حرب المشركين وعسى الله أن يجعلهم أعوانا لأهل الإسلام فيسلموا. فأعجب النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بقول أبى بكر الصديق «وكان النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ رحيما ، وأبو بكر أيضا رحيما ، وكان عمر ماضيا (٥)» فأخذ النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بقول أبى بكر : ففاداهم فأنزل الله ـ عزوجل ـ «توفيقا (٦)» لقول عمر (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) فقال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لعمر : أحمد الله إن ربك وأتاك على قولك. فقال عمر : الحمد لله الذي واتاني على قولي (٧) فى أسارى بدر. وقال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : لو نزل عذاب من السماء ما نجا منا أحد

__________________

(١) المراد : الكتابة.

(٢) فى أ : فآدهم ، ل : وأدى. ومعنى فآدهم اقبل منهم دية أنفسهم.

(٣) فى أ : وليكون ، ل : وليكن.

(٤) فى أ : وعون ، ل : وعونا.

(٥) ما بين القوسين «...» زيادة من : ل ، وليست فى : أ.

(٦) «توفيقا» : زيادة من : ل ، وليست فى : أ.

(٧) فى السطرين السابقين اضطراب فى أ ، ل. والقصة فى كتب السيرة ، وهي فى كتاب أسباب النزول للواحدي بعدة روايات طوال فى : ١٣٦ ، ١٣٧ ، ١٣٨. وفى لباب النقول للسيوطي.

تفسير مقاتل ـ ٩

١٢٩

إلا عمر بن الخطاب إنه نهاني فأبيت (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) يعنى صدقوا بتوحيد الله (وَهاجَرُوا) إلى المدينة (وَجاهَدُوا) العدو (بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) فهؤلاء المهاجرون ، ثم ذكر الأنصار ، فقال : (وَالَّذِينَ آوَوْا) النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ (وَنَصَرُوا) النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ثم جمع المهاجرين والأنصار فقال : (أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) فى الميراث ليرغبهم بذلك فى الهجرة فقال الزبير بن العوام ونفر معه : كيف يرثنا غير أوليائنا ، وأولياؤنا على ديننا فمن أجل أنهم لم يهاجروا لا ميراث بيننا ، فقال الله بعد ذلك (وَالَّذِينَ آمَنُوا) يعنى صدقوا بتوحيد الله (وَلَمْ يُهاجِرُوا) إلى المدينة (ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) فى الميراث (حَتَّى يُهاجِرُوا) إلى المدينة ، ثم قال : (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ) يا معشر المهاجرين إخوانكم الذين لم يهاجروا إليكم ، فأتاهم عدوهم من المشركين فقاتلوهم ليردوهم عن الإسلام (فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) فانصروهم ، ثم استثنى فقال : (إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) يقول إن استنصر الذين لم يهاجروا إلى المدينة على أهل عهدكم فلا تنصروهم (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ـ ٧٢ ـ [١٤٩ ب].

(وَالَّذِينَ كَفَرُوا) بتوحيد الله (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) فى الميراث «والنصرة (١)» (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) (٢) أى إن لم تنصروهم على غير أهل عهدكم من المشركين فى الدين (تَكُنْ فِتْنَةٌ) يعنى كفر (فِي الْأَرْضِ وَ) يكن

__________________

(١) «والنصرة» : زيادة من الجلالين.

(٢) (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) : ساقطة من : أ ، ل.

١٣٠

(فَسادٌ كَبِيرٌ) ـ ٧٣ ـ فى الأرض (١). (وَالَّذِينَ آمَنُوا) يعنى صدقوا بتوحيد الله (وَهاجَرُوا) من مكة إلى المدينة (وَجاهَدُوا) العدو (فِي سَبِيلِ اللهِ) يعنى فى طاعة الله فهؤلاء المهاجرون وإنما سموا (٢) المهاجرين لأنهم هجروا قومهم من المشركين وفارقوهم إذ لم يكونوا على دينهم ، قال (وَالَّذِينَ آوَوْا) يعنى ضموا النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إلى أنفسهم بالمدينة (وَنَصَرُوا) النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فهؤلاء الأنصار.

ثم جمع المهاجرين والأنصار فقال : (أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ) يعنى المصدقين (حَقًّا لَهُمْ) بذلك (مَغْفِرَةٌ) لذنوبهم (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) ـ ٧٤ ـ يعنى رزقا حسنا فى الآخرة وهي الجنة ، ثم قال بعد ذلك : (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ) هؤلاء المهاجرين والأنصار (وَهاجَرُوا) من ديارهم إلى المدينة (وَجاهَدُوا) العدو (مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ) فى الميراث.

ثم نسخ هؤلاء الآيات بعد هذه الآية : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) فى الميراث فورث المسلمون بعضهم بعضا من هاجر ومن لم يهاجر فى الرحم والقرابة (فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ـ ٧٥ ـ فى أمر المواريث حين حرمهم (٣) الميراث وحين أشركهم بعد ذلك (٤).

__________________

(١) فى الجلالين (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) أى تولى المسلمين وقمع الكفار (تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ) بقوة الكفر وضعف الإسلام.

(٢) سموا : أنسب ولكنها فى : أ ، ل : سمى.

(٣) فى أ : أحرمهم ، ل : حرمهم.

(٤) فى أ : زيادة «قال من بعد» وليس ذلك فى : ل.

١٣١

حدّثنا (١) عبيد الله قال : حدّثنى أبى قال : حدّثنا الهذيل ، عن أبى يوسف ، عن الكلبي ، عن أبى صالح ، قال : إن الخمس : كان يقسم على عهد النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ خمسة أسهم : لله ولرسوله سهم ، ولذي القربى سهم ، ولليتامى سهم ، وللمساكين سهم ، ولابن السبيل سهم. قال : وقسمه عمر ، وأبو بكر وعثمان ، وعلى ، على ثلاثة أسهم أسقطوا (٢) سهم ذى القربى ، وقسم على ثلاثة أسهم ، وإنما يوضع من أولئك فى أهل الحاجة والمسكنة ليس يعطى الأغنياء شيئا فهذا على موضع الصدقة.

حدّثنا عبيد الله قال : حدّثنى أبى قال : حدّثنا الهذيل ، عن محمد بن عبد الحق عن أبى جعفر محمد بن على ـ عليه‌السلام ـ قال : قلت له : ما كان رأى على ـ عليه‌السلام ـ فى الخمس. قال : رأى أهل بيته. قال : قلت : فكيف لم يمضه على ذلك حين ولى؟ قال : كره أن يخالف أبا بكر وعمر.

حدّثنا (٣) عبيد الله قال : حدّثنى أبى قال : حدّثنا الهذيل ، عن مقاتل قال : كان النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يأخذ من الغنيمة قبل أن تقسم صفيا لنفسه ، ويأخذ مع ذوى القربى ، ويأخذ سهم الله ـ تعالى ـ ورسوله ثم يأخذ مع المقاتلة فكان يأخذ من أربعة وجوه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٤) ـ.

* * *

__________________

(١) «حدثنا» ساقطة من أ ، وهي فى : ل.

(٢) فى أ : استقلوا ، ل : اسقطوا.

(٣) من : ل ، وليست فى : أ.

(٤) فى ل : صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أ : عليه‌السلام.

١٣٢

سورة التّوبة

١٣٣
١٣٤

(٩) سورة التوبة مدنية

الآياتها تسع وعشرون ومائة

بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ (٢) وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣) إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٤) فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (٦) كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ

١٣٥

الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧) كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ (٨) اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٩) لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (١٠) فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١١) وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (١٢) أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣) قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٥) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٦)

١٣٦

ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ (١٧) إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (١٨) أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٩) الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١) خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٣) قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي

١٣٧

الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٢٤) لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (٢٥) ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (٢٦) ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٨) قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ (٢٩) وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠) اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١) يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ

١٣٨

بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٣٢) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣٤) يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (٣٥) إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (٣٦) إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (٣٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ

١٣٩

فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (٣٨) إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩) إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٠) انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤١) لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٤٢) عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ (٤٣) لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (٤٤) إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (٤٥) * وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ

١٤٠