تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٢

تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٢

المؤلف:


المحقق: عبدالله محمود شحاته
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٩٧

(كَذلِكَ) يعنى هكذا بلغ مطلع الشمس كما بلغ مغربها (١) ، ثم استأنف فقال (٢) ـ سبحانه ـ : (وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً) ـ ٩١ ـ يعنى بما عنده علما (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً) ـ ٩٢ ـ يعنى علم منازل الأرض وطرقها [٢٣٠ أ](حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) يعنى بين الجبلين (وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً) ـ ٩٣ ـ يعنى لم يكن أحد يعرف لغتهم (قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ) وهما أخوان من (٣) ولد يافث بن نوح (مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) يعنى بالفساد القتل ، يعنى أرض (٤) المسلمين (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً) يعنى جعلا (عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) ـ ٩٤ ـ لا يصلون إلينا (قالَ) ذو القرنين : (ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ) يقول ما أعطانى ربى من الخير خير من جعلكم يعنى أعطيتكم (فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ) يعنى بعدد رحال (٥) مثل قوله ـ عزوجل ـ فى سورة هود : (وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ) (٦) يعنى عددا إلى عددكم (أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً) ـ ٩٥ ـ لا يصلون إليكم (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ) يعنى قطع الحديد (حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) يعنى حشى بين الجبلين بالحديد ، والصدفين الجبلين وبينهما واد عظيم ف (قالَ انْفُخُوا) على الحديد (حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) ـ ٩٦ ـ

__________________

(١) فى أ : مطلعها ، ل : مغربها.

(٢) فقال : من أ ، وليست فى ل.

(٣) من : فى ل : وليست فى ل.

(٤) فى أ : بأرض ، ل : يعنى أرض.

(٥) هكذا فى أ ، ل. والأنسب بعدد من الرجال.

(٦) سورة هود : ٥٢.

٦٠١

قال أعطونى الصفر المذاب أصبه (١) عليه ليلحمه فيكون (٢) أشد له. قال رجل للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : قد رأيت سد يأجوج ومأجوج. قال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : انعته لي. قال : هو كالبرد المحبّر طريقة سوداء وطريقة حمراء (٣). قال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : نعم قد رأيته يقول الله ـ عزوجل ـ (فَمَا اسْطاعُوا) يعنى فما قدروا (أَنْ يَظْهَرُوهُ) على أن يعلوه من فوقه مثل قوله فى الزخرف (مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ) (٤) يعنى يرتقون (وَمَا اسْتَطاعُوا) يعنى وما قدروا (لَهُ نَقْباً) ـ ٩٧ ـ.

حدثنا عبيد الله ، قال : حدثنا أبى ، قال : حدثنا أبو صالح عن مقاتل ، عن أبى إسحاق ، قال : قال على بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ : أنهم خلف الردم لا يموت منهم رجل حتى يولد له ألف ذكر لصلبه ، وهم يغدون إليه كل يوم ويعالجون الردم ، فإذا أمسوا يقولون نرجع فنفتحه غدا (٥) ولا يستثنون حتى يولد فيهم رجل مسلم فإذا غدوا إليه ، قال لهم المسلم : قولوا باسم الله ويعالجون حتى يتركوه (٦) رقيقا كقشر البيض ، ويروا (٧) ضوء الشمس ، فإذا أصبحوا غدوا (٨) عليه ، فيقول لهم المسلم نرجع غدا ـ إن شاء الله ـ فنفتحه فإذا غدوا عليه ،

__________________

(١) فى أ : أصب ، ل : أصبه.

(٢) فى أ : فنكون.

(٣) فى أ ، ل : سودا وطريقة حمرا.

(٤) سورة الزخرف : ٣٣.

(٥) فى أ : صبيحة غدا ، ل : فنفتحه غدا.

(٦) فى الأصل : يتركونه.

(٧) فى أ : ومروا ، ل : ويروا.

(٨) فى أ : جدوا ، ل : غدوا ، والجملة زائدة فيما أرى وحذفها أنسب.

٦٠٢

قال لهم المسلم : قولوا باسم الله فينقبونه فيخرجون منه فيطوفون (١) الأرض ويشربون ماء الفرات فيجيء (٢) آخرهم فيقول قد كان هاهنا مرة ماء ويأكلون كل شيء حتى الشجر [٢٣٠ ب] ولا يأتون على شيء من غيرها إلا فاموه (٣). فلما فرغ ذو القرنين من بناء الردم (قالَ هذا) يعنى هذا الردم (رَحْمَةٌ) يعنى نعمة (مِنْ رَبِّي) للمسلمين فلا يخرجون إلى أرض المسلمين (فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي) فى الرد وقع الردم ، فذلك قوله (جَعَلَهُ دَكَّاءَ) يعنى الردم وقع فيخرجون إلى أرض المسلمين (٤) (وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) ـ ٩٨ ـ فى وقوع الردم يعنى صدقا فإذا خرجوا هرب ثلث أهل الشام ، ويقاتلهم الثلث ، ويستسلم لهم الثلث. ثم أخبر سبحانه فقال (٥) : (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) يعنى يوم فرغ ذو القرنين من الردم (يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) يعنى من وراء الردم لا يستطيعون الخروج منه (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً) ـ ٩٩ ـ يعنى بالجمع لم يغادر منهم أحد إلا حشره (وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ) بالقرآن من أهل مكة (عَرْضاً) ـ ١٠٠ ـ يعنى بالعرض كشف الغطاء عنهم (الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي) يعنى عليها غشاوة الإيمان بالقرآن لا يبصرون الهدى بالقرآن (وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) ـ ١٠١ ـ يعنى الإيمان

__________________

(١) من ل ، وفى أ : فيطبقون.

(٢) فى أ : فيمر ، ل : فيجيء.

(٣) هكذا فى : ا ، ل. وقد يكون أصلها إلا أكلوه.

(٤) فى ا زيادة : قال الله ـ عزوجل ـ (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ) حين فراغ الردم «يموج فى بعضه» قال ذو القرنين ، ا ه. وهي زيادة سابقة عن مكانها فأرجعتها إلى مكانها. أما فى ل : فقد أسقط تفسير باقى الآية ٩٨.

(٥) فى أ : ثم أخبر فقال سبحانه ، وفى ل : ثم أخبر فقال.

٦٠٣

بالقرآن سمعا ، كقوله سبحانه : (إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) (١) يعنى ثقلا (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا) من أهل مكة (أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ) يعنى بالآلهة بأن ذلك نافعهم وأنها تشفع لهم ، ثم أخبر بمنزلتهم فى الاخرة ، فقال ـ سبحانه : (إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً) ـ ١٠٢ ـ يعنى منزلا (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً) ـ ١٠٣ ـ يعنى أصحاب الصوامع من النصارى ، ثم نعتهم فقال : (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ) يعنى حبطت أعمالهم التي عملوها (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) (٢) (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) ـ ١٠٤ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) يعنى القرآن (وَلِقائِهِ) يعنى بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال (فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) يعنى فبطلت أعمالهم الحسنة فلا تقبل منهم لأنها كانت فى غير إيمان (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) ـ ١٠٥ ـ من خير قدر مثقال جناح بعوضة (ذلِكَ جَزاؤُهُمْ) يقول هذا جزاؤهم (جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا) بالقرآن (وَاتَّخَذُوا آياتِي) يعنى القرآن (وَرُسُلِي) يعنى محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ (هُزُواً) ـ ١٠٦ ـ يعنى استهزاء بهما أنهما ليسا من الله ـ عزوجل ـ ثم ذكر المؤمنين وما أعد لهم ، فقال ـ سبحانه ـ : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) يعنى صدقوا (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) من الأعمال (كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) ـ ١٠٧ ـ بلغة الروم يعنى البساتين (٣) عليها الحيطان (خالِدِينَ فِيها) لا يموتون (لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً) ـ ١٠٨ ـ [٢٣١ ا] يعنى تحولا (٤) إلى غيرها.

__________________

(١) سورة الكهف : ٥٧.

(٢) فى أ : (فى دار الدنيا) ، وفى حاشية أ : الحياة الدنيا.

(٣) فى أ : بالبساتين ، وفى ل : البساتين.

(٤) فى أ : تحولا ، ل : متحول.

٦٠٤

وذلك (١) أن اليهود قالوا للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : تزعم أنك أوتيت الحكمة ، والحكمة العلم كله وتزعم أنه لا علم لك بالروح وتزعم أن (الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) (٢) فكيف يكون هذا فقال الله ـ تعالى ـ ذكره لنبيه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : إنك أوتيت علما وعلمك فى علم الله قليل. فقال ـ سبحانه ـ لليهود : (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي) يعنى علم ربى جل جلاله (لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي) يعنى علم ربى (وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) ـ ١٠٩ ـ بخبر الناس أنه لا يدرك أحد علم الله ـ عزوجل. (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) يقول ربكم رب واحد (٣) (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ) يقول من كان يخشى البعث فى الآخرة. نزلت فى جندب بن زهير الأزدى ، ثم العامري قال للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : إنا لنعمل العمل (٤) نريد به وجه الله ـ عزوجل ـ فيثنى به علينا ، فيعجبنا ذلك. فقال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : إن الله (٥) لغنى (٦) لا يقبل ما شورك فيه فأنزل الله ـ عزوجل ـ (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ) (فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) ـ ١١٠ ـ.

__________________

(١) فى أ : وله ذلك ، ل : وذلك

(٢) سورة الإسراء ٨٥ وتمامها : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً).

(٣) من ل ، والجملة ساقطة من ا.

(٤) العمل : ساقطة من أ ، وهي من ل.

(٥) فى أ : الله ـ عزوجل ـ ، فى ل : الله.

(٦) لغنى : من ل ، وليست فى ا.

٦٠٥

حدثنا عبيد الله ، قال : حدثني أبى ، قال : حدثنا الهذيل عن مقاتل ، قال : قال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : يقول الله ـ عزوجل ـ : أنا خير شريك (١) من أشركنى فى عمل جعلت العمل كله لشريكي ولا أقبل إلا ما كان لي خالصا.

حدثنا (٢) عبيد الله ، قال : حدثني (٣) أبى عن الهذيل ، عن شيبان أبى معاوية التميمي قال (٤) : إن الله ـ عزوجل ـ ليحفظ الصالحين فى أبنائهم لقوله ـ عزوجل ـ وكان أبوهما صالحا.

قال : اسم الكهف بانجلوس ، واسم القرية اللوس واسم المدينة أفسوس. واسم الكلب قطمير واسم القاضيين أحدهما مارنوس والآخر اسطوس ، واسم الملك دقيوس ، وأسماء أهل الكهف : دوانس (٥) ، ونواس ، مارطونس ، رسارنوس ، وقاطلس ، وطسططنوس (٦) ، ومكسلمينا ويمليخا.

وحدثنا عبيد الله قال : وحدثني أبى عن الهذيل ، عن غياث بن إبراهيم ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير قال : ما فى الأرض لغة إلا أنزلها الله فى القرآن. وقال : اسم جبريل عبد الله واسم ميكائيل عبيد الله.

__________________

(١) فى أ : من ، ل : فمن.

(٢) فى أ : وحدثنا ، ل : حدثنا.

(٣) فى أ : وحدثني ، ل : حدثني.

(٤) قال : من ل ، وهي ساقطة من ا.

(٥) فى أ : داونس ، ل : دوانس.

(٦) فى ل : كسططنوس ، فى أ : طسططنوس.

٦٠٦

قال : وحدثني أبى عن الهذيل ، عن الليث بن سعد (١) ، عن عطاء بن خالد ، قال : يحج عيسى إذا نزل فى سبعين ألفا (٢) فيهم أصحاب الكهف فإنهم لم يموتوا ولم يحجوا (٣).

* * *

__________________

(١) هو الإمام المصري الليث بن سعد فقيه أهل مصر. كان إمام وقته بلا مدافعة ولد سنة ٩٢ ه‍ ومات سنة ١٧٥ ه‍ ، انظر الإمام المصري الليث بن سعد بقلم عبد الله محمود شحاتة ، سلسلة مذاهب وشخصيات ، العدد ١٢٤. طبع الدار القومية للطباعة والنشر القاهرة.

(٢) ألفا : من ل ، وليست فى ا

(٣) فى أ : زيادة : عليهم‌السلام ، وليست فى ل.

٦٠٧
٦٠٨

سورة مريم

٦٠٩
٦١٠

(١٩) سورة مريم مكية

وآياتها ثمان وتسعون

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(كهيعص (١) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢) إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا (٣) قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ

٦١١

بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (٤) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (٦) يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (٧) قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (٨) قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً (٩) قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا (١٠) فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (١١) يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢) وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا (١٣) وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا (١٤) وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا (١٦) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (١٧) قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨) قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا (١٩) قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ

٦١٢

وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠) قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا (٢١) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا (٢٢) فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (٢٣) فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا (٢٧) يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨) فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩) قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣) ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (٣٤) ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى

٦١٣

أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٣٥) وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٣٦) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٣٧) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٨) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٩) إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٤٠) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٤١) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (٤٢) يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا (٤٣) يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا (٤٤) يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا (٤٥) قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (٤٦) قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا (٤٧) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنا لَهُ

٦١٤

إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا (٤٩) وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (٥٠) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥١) وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا (٥٢) وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (٥٣) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥٤) وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا (٥٧) أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا (٥٨) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩) إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (٦٠) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (٦١) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلاَّ سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا (٦٢) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي

٦١٥

نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا (٦٣) وَما نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (٦٤) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥) وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦) أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً (٦٧) فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا (٦٩) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا (٧٠) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا (٧٢) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (٧٣) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً (٧٤) قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً (٧٥) وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً

٦١٦

وَخَيْرٌ مَرَدًّا (٧٦) أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً (٧٧) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٧٨) كَلاَّ سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا (٧٩) وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً (٨٠) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢) أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣) فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (٨٤) يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (٨٥) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً (٨٦) لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٨٧) وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا (٨٩) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (٩١) وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (٩٣) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (٩٥) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (٩٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ

٦١٧

مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (٩٨))

٦١٨

سورة مريم (١)

مكية كلها. إلا آية سجدتها فإنها مدنية (٢) ، وهي ثمان وتسعون آية كوفى (٣)

__________________

(١) مقصود السورة

مقصود السورة إجمالا ما يأتى :

وعد الله العباد بالكفاية والهداية ، وإجابة دعاء زكريا والمنة عليه بولده يحيى ، وإعطائه علم الكتاب ، وذكر عجائب ولادة عيسى وأمه والخبر عن أحوال القيامة ونصيحة إبراهيم لآزر ومناظرة آزر له والإشارة إلى قربة موسى ، وذكر صدق إسماعيل ، وبيان رفعة درجة إبليس ، وحكاية أهل الجنة ، وذل الكفار فى القيامة ، ومرور الخلق على عقبة الصراط ، وابتلاء بعضهم بالعذاب والرد على الكفار فى افتخارهم بالمال وذل الأصنام ، وعبادها فى القيامة ، وبيان حال أهل الجنة والنار ، وصعوبة قول الكفار فى جرأتهم على إثبات الولد والشريك للواحد القهار.

والمنة على الرسول بتيسير القرآن على لسانه وتهديد الكفار بعقوبة مثل عقوبة القرون الماضية فى قوله : (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) سورة مريم : ٩٨.

مجموع فواصل آياتها (مدن).

* * *

(٢) هي الآية ٥٨ من سورة مريم ، وتمامها قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا).

(٣) وهو موافق لما فى مصحفنا على قراءة حفص الكوفي.

٦١٩

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(كهيعص) ـ ١ ـ كاف (١) هاد (٢) عالم صادق.

هذا ثناء الرب ـ تبارك وتعالى ـ على نفسه يقول كافيا لخلقه هاديا لعباده ، الياء من الهادي (٣) ، عالم ببريته (٤) ، صادق فى قوله ـ عزوجل ـ ، ثم قال سبحانه : (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ) يعنى نعمة ربك يا محمد (عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) ـ ٢ ـ ابن برخيا وذلك أن الله ـ تعالى ـ ذكر (٥) عبده زكريا بالرحمة (إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا) ـ ٣ ـ يقول إذ دعا ربه دعاء سرا ، وإنما دعا ربه ـ عزوجل ـ سرا لئلا يقول الناس انظروا إلى هذا الشيخ الكبير يسأل الولد على كبره (قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي) يعنى ضعف العظم منى (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) يعنى بياضا (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) ـ ٤ ـ يعنى خائبا فيما خلا ، كنت تستجيب لي فلا تخيبني فى دعائي إياك بالولد (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً) يقول خفت الكلالة وهم العصبة من بعد موتى أن يرثوا مالي (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) ـ ٥ ـ يعنى من عندك ولدا (يَرِثُنِي) (٦) يرث مالي (وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) ابن ماثان علمهم ورياستهم فى الأحبار ، وكان

__________________

(١) فى أ : كافى ، ل : كاف.

(٢) فى أ : هادي ، ل : هاد

(٣) فى أ : هادي ، ل : الهادي.

(٤) فى أ : بريته ، ل : ببريته.

(٥) من أ ، وفى ل : أنه ذكر.

(٦) فى أ ، ل : يرث.

٦٢٠