و (ثالثها) ـ ان مذهب أبي حنيفة هو التخيير مع أفضلية القراءة كما نص عليه المخذول المهان فضل الله بن روزبهان الخنجي في كتابه الذي رد فيه على كشف الحق ونهج الصدق حيث قال (١) : ومذهب أبي حنيفة أنه يقرأ في الأخيرتين بالفاتحة فقط وهذا أفضل وان سبح أو سكت جاز. انتهى. والعجب انه كيف خفي ذلك على شيخنا المشار اليه مع وفور اطلاعه.
وربما يستدل لهذا القول أيضا بما رواه الطبرسي في الاحتجاج من التوقيعات الخارجة من الناحية المقدسة في أجوبة الحميري (٢) «انه كتب إليه يسأله عن الركعتين الأخيرتين قد كثرت فيهما الروايات فبعض يرى أن قراءة الحمد فيهما أفضل وبعض يرى ان التسبيح فيهما أفضل فالفضل لأيهما لنستعمله؟ فأجاب (عليهالسلام) قد نسخت قراءة أم الكتاب في هاتين الركعتين التسبيح ، والذي نسخ التسبيح قول العالم (عليهالسلام) : كل صلاة لا قراءة فيها خداج إلا للعليل ومن يكثر عليه السهو فيتخوف بطلان الصلاة عليه».
وأنت خبير بما في هذا الخبر من الإجمال والاشكال الذي لا يهتدى منه إلى وجه يبنى عليه في هذا المجال وما هذا شأنه فلا يعترض به ما قدمناه من الأخبار.
واما القول الثالث وهو التخيير مطلقا من غير تفصيل فلا اعرف عليه دليلا من الأخبار سوى رواية علي بن حنظلة عن أبي عبد الله (عليهالسلام) (٣) قال : «سألته عن الركعتين الأخيرتين ما اصنع فيهما؟ قال ان شئت فاقرأ فاتحة الكتاب وان شئت فاذكر الله فهما سواء. قال قلت فأي ذلك أفضل؟ قال هما والله سواء ان شئت سبحت وان شئت قرأت».
وأنت خبير بما هي عليه من الضعف فلا تصلح لمعارضة خبر واحد من تلك
__________________
(١) في التعليق على المسألة الحادية عشرة من الفصل الثاني في الصلاة من المسألة الثامنة في الفقه.
(٢) الوسائل الباب ٥١ من القراءة.
(٣) الوسائل الباب ٤٢ من القراءة.